الخميس 13 نوفمبر 2025 م - 22 جمادى الأولى 1447 هـ
أخبار عاجلة

فن الدبلوماسية.. الإتيكيت الاجتماعي نواة الإتيكيت الحكومي «2»

فن الدبلوماسية.. الإتيكيت الاجتماعي نواة الإتيكيت الحكومي «2»
الثلاثاء - 11 نوفمبر 2025 10:00 ص

د. سعدون بن حسين الحمداني

40


تطرَّقنا بالمقال السابق حَوْلَ بعض المفاهيم ذات الأهميَّة القصوى بمبادئ الإتيكيت الاجتماعي، وخصوصًا اهتمام المدارس الدبلوماسيَّة ودمج مفاهيم عِلم النفْس الاجتماعي بهذه المفاهيم والَّتي من خلال النهوض بكاريزما الشخص الَّذي يُعدُّ نواة الموارد البشريَّة وتقدُّم البلدان وبالعكس؛ لذلك يؤكد أغلب الدراسات أنَّ البلدان المتقدمة قد اعتمدت كثيرًا في الاهتمام بنفسيَّة وسلوكيَّات وتصرفات المواطن بالمُجتمع على المستوى الرسمي أو الاجتماعي، وأدخلت مبادئ الإدارة الحديثة بالعائلة قَبل إدخالها بالمحاضرات الجامعيَّة والكليَّات؛ باعتبار العائلة أو الأُسرة تُعدُّ الرافد الرئيس للإتيكيت الحكومي، وبالتَّالي يكُونُ المواطن قد تسلَّح ببعض الأُسُس الجوهريَّة الصحيحة للعمل في الجهات الحكوميَّة أو القِطاع المختلط والخاص مثال: إتيكيت إدارة الوقت والالتزام فيه، والهندام الخارجي واحترام المقابل والإخلاص بالعمل.. وغيرها من المبادئ الَّتي اكتسبها من حياته اليوميَّة وحصريًّا من المُجتمع والبيئة الَّتي تربَّى وعاش فيها بعيدًا عن مخرجات الشهادة الجامعيَّة، وكما هو معروف لدى الجميع أنَّ الشهادة هي عبارة عن وثيقة معلومات أكاديميَّة جامعيَّة صادرة من الكليَّة لغرض التعيين والاستفادة من مفرداتها ضمن العمل الحكومي.

تؤكد المدارس الدبلوماسيَّة المتخصِّصة في بريطانيا أنَّ فنَّ المجاملة وإدارة الحديث من أهمِّ مفردات الإتيكيت الاجتماعي الَّتي يتميَّز بها الشخص عن غيره في اقتناص الوظيفة؛ لِكون من سِمات الكاريزما الإتيكيت الحكومي النموذجيَّة المطلوبة بالعمل والتنافس مع بقيَّة المتقدمين والمتنافسين؛ لذلك هذه السِّمات لا تعتمد كليًّا على الشهادات والتخصُّصات الجامعيَّة الحاصل عليها الشخص فقط، وإنَّما فنُّ المجاملة والثقافة العامَّة، وفنُّ الإقناع والاستماع والمناقشة ولُغة الجسد، وهذا كُلُّه يستند إلى مفاهيم البروتوكول والإتيكيت الاجتماعي الَّتي تعلَّمها من العائلة والمُجتمع الَّذي عاش وترعرع فيه. فنحن عندما نتكلم مع علماء ورِجال الدِّين يختلف اختلافًا كليًّا أُسلوب المجاملة وإدارة الحديث مع أصدقائنا أو أقاربنا أو حتَّى مع شرائح المُجتمع الأخرى، سواء الأكاديميون أو الباحثون عن عمل، كما توضح المدارس المتخصِّصة بفنِّ الدبلوماسيَّة بأنَّ المهارة في استخدام نبرة الصوت ولُغة الجسد وكاريزما هي من أهمِّ مُقوِّمات الإتيكيت الحكومي وهي تختلف اختلافًا جوهريًّا بَيْنَ العنصر النسوي، وكذلك الرجالي، سواء كبار الشخصيَّات من الوفود الرسميَّة أو الاجتماعيَّة أو الضيوف الحاضرة من مختلف المناصب والوظائف في المناسبات والفعاليَّات ذات طابع وطني. بالإضافة إلى ذلك فإنَّ العادات والتقاليد والدِّين والمذاهب تؤدي دَوْرًا كبيرًا بفنِّ المجاملة وإدارة الحديث ونوع المناسبة ووقتها ومكانها ومستوى الحضور بهذه المناسبة أو تلك، لذلك فإنَّ الإتيكيت الحكومي يضع كُلَّ هذه السِّمات في أجندته؛ لِكَيْ يصل إلى التميُّز في الأداء الوظيفي والتنافس الشريف بَيْنَ مختلف الأقسام والدوائر الموجودة ضِمن هيكل الجهة الحكوميَّة.

لذلك وضعت المدارس بعضًا من أساسيَّات الإتيكيت الاجتماعي والَّتي من شأنها تُعَدُّ من سِمات الإتيكيت الحكومي وأهمها: آداب التحيَّة والسلام والمصافحة والتعارف وفنّ المجاملة، المسافات الرسميَّة أثناء المصافحة مع الرجال أو مع النساء، إتيكيت تعامل الرجُل مع المرأة بجميع المفردات:(العمل، الجامعة، الدراسة، الصداقة، الأقارب، الوفود والضيوف وكبار الشخصيَّات.. وغيرها من التفرعات)، التعامل مع ذوي الإعاقة، التعامل مع آداب زيارة المرضى، إتيكيت المبيت عند الأقارب والأصدقاء، إتيكيت اختيار الكلمة ولباقة الحديث والأحاديث المحظورة، إتيكيت الاعتذار عند الإساءة، إتيكيت المصارحة مع الأصدقاء والأقارب ومصداقيَّة الأحداث والكلام، الالتزام الكامل بتعاليم الدِّين الإسلامي والسِّيرة النبويَّة الشريفة والابتعاد عن النفاق والنميمة وتقليل من شأن المقابل، إتيكيت الابتسامة ورحابة الصدر وبشاشة الروح، إتيكيت التعامل أثناء تناول الطعام والدعوات الاجتماعيَّة والرسميَّة، إتيكيت حفلات الشاي، إتيكيت المغادرة وتقديم الشكر عند انتهاء الفعاليَّة، إتيكيت استعمال المصعد الكهربائي، إتيكيت المواصلات العامَّة بالمطار والأُجرة (التاكسي) والقطارات، إتيكيت أُسلوب المحادثة ونبرة الصوت حسب المستوى الوظيفي والمنصب، إتيكيت التعامل مع الآثار والمتاحف، إتيكيت وسائل التواصل الاجتماعي (الواتساب، توتير، انستا.. وغيرها)، إتيكيت مهارة الوقت في استخدام الهاتف النقال، إتيكيت المحافظة على نظافة الأماكن العامَّة، إتيكيت استخدام أدوات الأكل وآداب مأدبة الطعام، إتيكيت اختيار الهدايا والعطور، إتيكيت استخدام المكياج استناد للمناسبة والوقت والمكان والفعاليَّة، إتيكيت اختيار ألوان الأثاث المنزلي، إتيكيت اختيار ألوان الملابس من حيثُ (العمر، الوقت، نحافة أو متانة الجسم، المرأة أو الرجُل، فصول السنة المناخيَّة، طبيعة الجو.. وغيرها)، إتيكيت الجلوس في المطاعم والمقاهي، إتيكيت حضور مجالس العزاء وحفلات الزواج، إتيكيت حضور الصلاة بالجوامع والمساجد والأماكن الدِّينيَّة، إتيكيت الشواطئ والسباحة، إتيكيت السياقة، إتيكيت السينما والمسارح.. وغيرها إلى مفردات الإتيكيت الاجتماعي إلى تصل إلى أكثر من (82) مجالًا.

د. سعدون بن حسين الحمداني

دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت