نزوى ـ العُمانية: تعمل محافظة الداخلية على تعزيز مكانتها في مسار التنمية الشاملة التي تشهدها سلطنة عُمان، من خلال سياق متكامل يجمع بين التخطيط المؤسسي والتنفيذ الميداني، مستندة إلى شراكة تكاملية بين الجهات والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المحلي. .
ويمثل توجه المحافظة ترجمة عملية واضحة الملامح لمستهدفات رؤية عُمان 2040 في بناء اقتصاد قائم على التنوع، حيث المعرفة والاستدامة، ما يعزز جودة الحياة ويحقق الرفاه للمواطن في مختلف الولايات بمحافظة الداخلية.
وقد عملت محافظة الداخلية على تبنّي سياسات تنموية متوازنة تواكب تطلعات الإنسان في سلطنة عُمان، واضعةً إياه في قلب العملية التنموية، من خلال المشروعات التي تعزز البنية الأساسية وتحافظ على الهُوية الثقافية فكرًا وعملًا، مع استثمار المقومات الطبيعية بما يتوافق والتوجهات الرسمية، ضمن نموذج واضح الملامح يجمع بين الطموح الوطني والخصوصية المحلية.
وفي هذا الإطار دشنت المحافظة خلال العام الجاري 2025 «الاستراتيجية التنموية لمحافظة الداخلية (2026–2030)» التي تُعد الإطار التنفيذي الجامع لتوجهاتها خلال السنوات الخمس المقبلة، وتركز استراتيجية المحافظة على محاور البنية الأساسية الذكية والاقتصاد المحلي المنتج، والتنمية الاجتماعية والثقافية والاستدامة البيئية والمحتوى المحلي، والتحول الرقمي والحوكمة في مسعى لتعظيم الأثر التنموي وتعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي وتوسيع مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المحلي في عملية البناء.
وقال سعادة الشيخ هلال بن سعيد الحجري محافظ الداخلية، في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إن المحافظة تسير بخطى واثقة نحو تنمية متكاملة تُسهم في تحسين جودة الحياة، من خلال مشروعات ذات عائد مباشر على الاقتصاد المحلي والمجتمع في آن واحد، مشيرًا إلى أن المرحلة الحالية تشهد تحولًا نوعيًّا في إدارة المشروعات عبر منظومة الحوكمة، ومتابعة دقيقة لمؤشرات الأداء المؤسسي.
وأضاف سعادتُه أن محافظة الداخلية تُعد اليوم نموذجًا متكاملًا للتنمية المتوازنة والشراكة النموذجية الفاعلة، حيث تنطلق مشروعاتها من رؤية واضحة تستهدف الإنسان وتعزز قيمة المكان، مستندة إلى منظومة مؤسسية تجسد التوجيهات السامية من أجل تمكين المحافظات لتكون هي الأخرى ركائز أساسية في التنمية المستدامة لسلطنة عُمان.
وقال سعادةُ الشيخ المُحافظ إنه مع تنفيذ الاستراتيجية التنموية الجديدة وتكامل الخطط القطاعية، تواصل المحافظة المُضي قدما بخطى ثابتة نحو مستقبل مزدهر، تُجسِّد من خلاله شعارها الدائم: تنمية الإنسان والمكان برؤية وطنية وآفاق عالمية.
ووضح أن الخطة الاستراتيجية للمحافظة (2026–2030) التي أطلقتها المحافظة خلال العام الجاري، وتحمل عنوان آفاق، تشكل خارطة عملية لتحديد أولويات التنمية والاستثمار، من خلال المواءمة مع السياسات الوطنية وإشراك المجتمع المحلي في صياغة التوجهات التنموية، مؤكدًا على أن العدالة في توزيع الموارد بين الولايات تُعد مبدأ راسخًا في نهج العمل التنموي.
وأشار إلى أن إجمالي عدد المشروعات في مختلف ولايات محافظة الداخلية حتى نهاية أكتوبر من العام الحالي قد بلغ نحو 137 مشروعًا بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 79.4 مليون ريال عُماني وتضم 50 مشروعًا جارٍ تنفيذها بتكلفة تتجاوز 42.3 مليون ريال عُماني، و8 مشروعات بتكلفة تبلغ 12.4 مليون ريال عُماني و79 مشروعًا استلمتها المحافظة بتكلفة تُقدر بـ24.7 مليون ريال عُماني.
وقد تجاوزت نسبة تنفيذ مشروعات برنامج تنمية المحافظات 82 بالمائة حتى منتصف أكتوبر الماضي، وتشمل الدراسة الاستشارية لتطوير شريعة فلج الخطمين ببركة الموز بولاية نزوى، وتفعيل بوابة نزوى، وتصميم وتنفيذ طرق داخلية في ولاية بهلا، وتطوير وتأهيل الحديقة العامة بمنطقة المعمورة بولاية بهلا، وتطوير وتأهيل متنزه الخطم ودورات المياه بالسوق في ولاية منح، وإنشاء (كبرة) سوق مجهز للخضار والفواكه بمركز الولاية بولاية إزكي، والخدمات الاستشارية لتطوير مدخل ولاية بدبد.
وبيَّن أن المشروعات تأتي ضمن استراتيجية أوسع لتعزيز التوازن التنموي بين ولايات المحافظة التسع، من خلال دعم المبادرات ذات الأثر الاقتصادي المباشر، لا سيما تلك الموجهة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل ركيزة أساسية للنمو المحلي.
وقد ارتفعت نسبة الإسناد لهذه المؤسسات من 34.5 بالمائة عام 2024 إلى 51.7 بالمائة في 2025، وبقيمة تتجاوز 6 ملايين ريال عُماني حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري، ما يجسد نهج التمكين الاقتصادي للمجتمع المحلي. كما حققت المحافظة نسبة 90.24 بالمائة من إجمالي الوزن النسبي لمؤشرات المحتوى المحلي في عام 2025م. وتشهد المحافظة حراكًا اقتصاديًّا ملحوظًا في القطاع الصناعي بنسبة 6.3 بالمائة حيث بلغ إجمالي التراخيص الصناعية التراكمية 23137 ترخيصًا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في القطاع. وأسهم تعزيز بيئة الأعمال في المحافظة من خلال الشراكة مع مختلف الجهات الحكومية والخاصة والتوقيع على برامج تعاون مع المؤسسات الأكاديمية لتبادل الخبرات في المجالات التجارية والصناعية والاستثمارية والتقنية إلى جانب مجالات المواصفات والمقاييس وتشجيع الابتكار، وتوحيد الجهود في سبيل تعزيز التكاملية بين الجهات في إقامة برامج وفعاليات مشتركة وحلحلة تحديات القطاع ودراسة الوضع التجاري لتسهيل ممارسة الأنشطة الاقتصادية مثل الزيارات والرقابة الميدانية وتسريع إنجاز أكثر من 1236 معاملة من شهادات منشأ و54 طلبًا للتراخيص الصناعية و56 معاملة للإعفاء الجمركي.
وتقدم الحكومة جملةً من الحوافز والممكنات من أجل النهوض بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المحافظة، بما في ذلك برامج التدريب والتأهيل، وإنشاء حاضنات للأعمال وتمويل المشروعات بشروط ميسّرة، وتقديم الاستشارات والتدريب الفني والإداري والمالي، مع منح بطاقة ريادة الأعمال التي تتيح للمؤسسة الحصول على حوافز وتسهيلات حكومية.
وأكد سعادةُ محافظ الداخلية على أن المحافظة ماضية في ترسيخ نموذج التنمية المتكاملة التي تقوم على الشراكة والتكامل بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المحلي، مشيرًا إلى أن ما تحقق من إنجازات خلال الأعوام الماضية يجسد الرؤية الحكيمة لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظهُ اللهُ ورعاهُ ـ في تمكين المحافظات لتكون محركات فاعلة للتنمية المستدامة في سلطنة عُمان.
وتُعد مشروعات الطرق من أبرز ركائز التنمية المحلية، إذ تُسهم في ربط ولايات المحافظة وتعزيز الحركة الاقتصادية والسياحية. وتعمل المحافظة بالتكامل مع وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات على تنفيذ مشروعات نوعية، حيث تنفذ الوزارة حاليًّا عدة مشروعات استراتيجية في المحافظة أهمها ازدواجية طريق إزكي ـ نزوى بطول 32.2 كيلومتر وبتكلفة بلغت قرابة 47 مليون ريال عُماني، وطريق جبل شمس، إلى جانب مشروع تصميم وتنفيذ طريق عقبة عافري وطريق قرية السقاري بسمائل وإزكي بنسبة إنجاز 49.6 بالمائة وبتكلفة إجمالية بلغت 4 ملايين و596 ألف ريال عُماني حتى نهاية أكتوبر 2025م. كما شهدت المحافظة طرح مناقصة مشروع ازدواجية طريق مرفع دارس ـ جبرين بطول 40 كيلومترًا، والذي ستنفذه وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات خلال الفترة المقبلة ويتضمّن إنشاء إشارات ضوئية وعددًا من الدوارات وأنفاقًا للمشاة والمركبات، والمقرر البدء في تنفيذه مطلع عام 2026م.
كما تشهد المحافظة العمل في مشروع طريق التصاوير ـ الواشحي الرابط بين ولاية إزكي ومحافظة شمال الشرقية لتعزيز الربط الإقليمي ودعم السياحة الداخلية.