فيما تحتدم الحملات الدعائيَّة للانتخابات العراقيَّة قَبل أيَّام من إجرائها، فإنَّ الأنظار تتَّجه إلى كردستان العراق بفعل احتدامها بَيْنَ ستة تكتُّلات يتصدرها الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني لخوض الانتخابات المقررة بعد أيَّام.
ويتنافس (301) مرشَّح كردي من إقليم كردستان من أصل (7768) مرشحًا، للفوز بـ(46) مقعدًا مخصَّصًا لمحافظات الإقليم الأربع.
الثقل الانتخابي في الإقليم يحتدم بَيْنَ ثلاث محافظات رئيسة: أربيل ودهوك والسليمانيَّة.
وتخوض الكتل الكرديَّة السِّباق الانتخابي من خلال مزيج من القوى التقليديَّة العريقة، مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل طالباني.
إلى جانب قوى صاعدة، من أبرزها كتلة «ههلويست/ تيَّار الموقف الوطني» المعارضة، الَّتي تسعى لتثبيت حضورها بعد تراجع نفوذ حركة «الجيل الجديد» بزعامة شاسوار عبد الواحد، الَّذي يواجه ملفَّات قضائيَّة.
التنافس في أربيل يتصدر بَيْنَ الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني بـ(30) مرشحًا لكُلٍّ منهما، ويأتي بعدهما تيَّار «الموقف الوطني/ ههلويست» بـ(12) مرشحًا، ثم حراك الجيل الجديد بـ(8) مرشحين، إلى جانب كُتل أخرى.
ويبلغ عدد الناخبين الكُلِّي في العراق المؤهلين للاقتراع والَّذين صدرت لهم بطاقات بايومتريَّة (21) مليون و(404). في حين يبلغ عدد الناخبين الَّذين لهم حقُّ التصويت في إقليم كردستان (3) ملايين و(77) ألفًا و(384) ناخبًا، موزَّعين في أربيل: مليون و(87) ألفًا و(880) ناخبًا، وفي السليمانيَّة: مليون و(210) آلاف و(658) ناخبًا، ودهوك: (778) ألفًا و(846) ناخبًا.
ثقل الحزب الديمقراطي يتمركز في أربيل ودهوك.
أمَّا الاتحاد الوطني الكردستاني فهو يشارك في الانتخابات بـ(183)، ويسعى إلى إحداث تغيير في فلسفة الحُكم من خلال صناديق الاقتراع، وخلق توازن سياسي جديد. فالحزب يخوض الانتخابات «دون تحالفات داخل الإقليم» لكنَّه يتعاون مع شركاء سياسيين في محافظات نينوى وصلاح الدين وبغداد ضمن رؤية جديدة تقوم على الشراكة الوطنيَّة مع مختلف المُكوِّنات.
ووفقًا للمشهد الانتخابي في كردستان العراق فإنَّ «التنافس بَيْنَ الأحزاب الكرديَّة يشهد حراكًا محمومًا، لكنَّه هادئ حتَّى الآن، ومن المتوقع أن يزداد سخونة مع اقتراب موعد الاقتراع». وأنَّ «صناديق الاقتراع ستكُونُ الفيصل في إعادة ترتيب الخريطة السياسيَّة الكرديَّة»، فيما يرى مراقبون أنَّ «مصلحة الإقليم تفرض على الحزبَيْنِ الرئيسيْنِ (الديمقراطي والاتحاد) التوصُّل إلى اتفاقات بعد الانتخابات لتوحيد الموقف السياسي في بغداد، لا سِيَّما في ملفَّات تشكيل الحكومة الاتحاديَّة وتقاسم المناصب السياديَّة».
في موازاة ذلك، تمرُّ العلاقة بَيْنَ أربيل وبغداد بمرحلة تفاهم حذر، في ظل اتهام الأكراد للحكومة بالتلكُّؤ بتنفيذ التزاماتها الماليَّة تجاه الإقليم.
ويرى مراقبون أنَّ من أبرز مظاهر الإحباط في المشهد السياسي الكردي حاليًّا فشل القوى الحزبيَّة حتَّى الآن في تشكيل حكومة الإقليم الجديدة، رغم مرور عام على انتخابات برلمان كردستان الَّتي أُجريت في تشرين الأول/أكتوبر 2024. وتُعزى هذه الأزمة إلى الصراعات بَيْنَ الحزبَيْنَ الرئيسيْنِ حَوْلَ تقاسم المناصب والحقائب الوزاريَّة.
ويُرجِّح مراقبون أن تكُونَ نتائج الانتخابات البرلمانيَّة العراقيَّة المقبلة عاملًا حاسمًا في إعادة رسم التوازنات داخل الإقليم، إذ ستتيح للفائزين الكبار ـ ولا سِيَّما الحزبَيْنِ الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني ـ توسيع نفوذهم في كُلٍّ من أربيل وبغداد، وتمهيد الطريق أمام تسويات سياسيَّة شاملة تُعِيد توزيع المناصب والسُّلطات في الحكومة المقبلة.
وفي آخر انتخابات نيابيَّة عراقيَّة والَّتي جرتْ في الـ(10) من تشرين الأول/ أكتوبر 2021، حصلت الأحزاب الكرديَّة على تمثيل بارز في البرلمان العراقي ضِمن المقاطعات الثلاث التابعة لإقليم كردستان. وقد تصدَّر الحزب الديمقراطي الكردستاني النتائج بحصوله على (31) مقعدًا، يلِيه الاتحاد الوطني الكردستاني بـ(21) مقعدًا.
ويحقُّ لِنَحْوِ (30) مليون عراقي من أصلِ (46) مليون نسمة الإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثِّليهم في مجلس النواب الجديد، غير أنَّ نَحْوَ سبعة ملايين منهم سيُحرمون من المشاركة؛ بسبب عدم امتلاكهم بطاقات انتخابيَّة نتيجة عدم تحديث بياناتهم.
أحمد صبري
كاتب عراقي