مسقط ـ العُمانية: يشكل التراث المادي أحد الأدوات الفاعلة في تعزيز الاقتصاد وتحفيز الاستثمار بما يتضمنه من معالم ومبانٍ تاريخية ومقتنيات أثرية، وأحد عناصر الهوية الوطنية والثقافية لما يعكسه من صور عامة عن عراقة الحضارة العُمانية وتنوعها. ويضمن الاستثمار في التراث المادي استدامة الموارد ويسهم في تنمية الاقتصاد، وتعمل سلطنة عُمان ممثلة في وزارة التراث والسياحة من خلال جهودها الحثيثة على إعادة إحياء مواقع التراث الثقافي تماشيًا مع مستهدفات (رؤية عُمان 2040) والبرامج الاستراتيجية للخطة التنموية العاشرة. في هذا السياق أوضحت زيّانة بنت محمد الحراصية رئيسة قسم تطوير وتأهيل المواقع التاريخية بوزارة التراث والسياحة أن الوزارة تسعى إلى تنمية جهودها والارتقاء بأنماطها واستدامتها من خلال توجهها إلى الاستثمار، وخاصة إدارة وتشغيل بعض المعالم والمواقع التاريخية والأثرية من أجل توظيف التراث الثقافي عن طريق إيجاد شراكة بينها وبين القطاع الخاص، عبر تجارب سياحية متنوعة، وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وتمكين القطاع الخاص من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والأسر المنتجة، وإيجاد منافذ تسويق للحرفيين لإثراء السياحة بمشروعات ذات قيمة محلية مضافة للمجتمع المحلي ويكون لها مردود اقتصادي. وأكدت لوكالة الأنباء العُمانية أن الوزارة تهدف إلى تطوير وتوفير وجهات وتجارب سياحية متنوعة في مختلف محافظات سلطنة عُمان مما يسهم في تنويع المنتج السياحي وتعظيم الفائدة من التراث الثقافي كوجهات ومقاصد سياحية من أجل إبراز الحضارة العُمانية وعراقة التراث الثقافي، بجانب تعظيم الاستفادة سياحيًّا وثقافيًّا واجتماعيًّا واقتصاديًّا، وإحياء هذه المعالم، من أجل الحفاظ عليها واستدامتها، فقد تم التوجه بإسناد هذه المعالم إلى شركات القطاع الخاص لإدارتها وتشغيلها وتوفير تجارب سياحية ومنتجات متنوعة جديدة تجذب السائح وتترك له ذكرى خالدة لا تنسى، ما يضمن تفاعل المجتمع المحلي المحيط بالمعلم لإبرازه والترويج له مما يعزز جوانب الاستدامة وديمومة الحفاظ على جميع الموروثات الثقافية كمميزات تنافسية. ومن جانب البرامج والأساسيات التي تعنى بدعم أصحاب المشروعات التراثية، بينت أنه تم تشكيل لجنة مختصة للإشراف على تأهيل واستثمار المعالم التاريخية، وتوقيع 24 عقدًا لإدارة وتشغيل وتوظيف مجموعة من المعالم التاريخية من قبل القطاع الخاص، كما تسعى المؤسسات المشغلة للمواقع التراثية إلى تطوير وتحسين التجارب السياحية المرتبطة بالموقع مما يؤدي بدوره إلى إثراء الزائر معرفيًّا وسياحيًّا وترفيهيًّا وبالتالي يسهم هذا التحسين في تعزيز عناصر الجذب للمنتج السياحي ككل، ويمنح المشغل فترة سماح أولية تمتد لثلاث سنوات من دفع الرسوم المفروضة. وأشارت إلى أن المؤسسات المشغلة للمعالم والمواقع التاريخية والأثرية تسهم في تعزيز المنتج السياحي من حيث اهتمامها بتفعيل كافة الجوانب المتعلقة بالمعلم من الأبعاد التاريخية والمعمارية المكانية، وإبرازها على شكل أنشطة وفعاليات ومنتجات تجذب اهتمام السائح وتثري الجانب الحرفي والترفيهي لديه وتوجِد له تجارب سياحية تمكنه من الاستمتاع والاستفادة من المعلم. من جانبه قال عبد الرحمن بن صالح العبري رائد أعمال في الجولات والرحلات السياحية إن العمل في السياحة التراثية له دور محوري في تعريف الزائر بالإرث الثقافي والمكنون التراثي للبلد وبالتفاصيل التي تتجسد في نمط الحياة القديمة والدلالة التي تقيم التطور الذي وصل إليه العُماني والذي بدوره يثري الباحثين والمهتمين في هذا الجانب. من جهته أوضح يوسف بن زهران الذهلي صاحب مشروع (فلج كافية) أن وجود مثل هذه المشروعات له دور كبير في المحافظة على القيم الموروثة وتناقلها من جيل لآخر، حيث إن ارتباط الجيل الحديث بالإرث العريق يعزز روح الانتماء والمسؤولية للحفاظ على هذا الموروث.