الخميس 06 نوفمبر 2025 م - 15 جمادى الأولى 1447 هـ
أخبار عاجلة

المقايضة السياسية معرقلة للتغيير

المقايضة السياسية معرقلة للتغيير
الاثنين - 03 نوفمبر 2025 10:45 ص

أحمد صبري

20


منذ احتلال العراق والعمليَّة السياسيَّة تستند إلى التوافق بَيْنَ أركانها في اختيار رئيس العراق وتشكيل الحكومة والقضاء واختيار قيادات العراق. وهذا التوافق كان حائلًا أمام عمليَّات جادَّة لعمليَّة الإصلاح الحقيقي شهدها العراق على مدى السنوات المنصرمة، وبموجبها تعطلت آليَّة تمرير القوانين الَّتي تمسُّ حياة العراقيين وسط تأكيدات أنَّ تلك القوانين لا تمرّر من دون توافُق سياسي.

ويعود تعطيل القوانين من ناحية الإقرار أو التعديل لغياب التوافق السياسي بشأن الكثير منها، كقوانين الموازنة، وتعديل رواتب الموظفين، وقانون النفط والغاز، والتجنيد الإلزامي، وجرائم المعلوماتيَّة، ومحاربة الفساد ومبدّدي المال العام، فضلًا عن قانون الخدمة المَدنيَّة وقانون العشوائيَّات، وقانون الرعاية الاجتماعيَّة.

ومن بَيْنِ القوانين المتراكمة من الدَّورات السابقة والَّتي أجّلت لِدَوْرات دون حسمها، قوانين تتعلق بالأمن والاقتصاد وأخرى في تحديد الصلاحيَّات.

تنبع أهميَّة القوانين المؤجلة من كونها ضرورة من أجل استكمال بناء الدولة وتحديد الصلاحيَّات، بما يُسهم في رسم خطوط واضحة لعمل الوزارات والمؤسَّسات الحكوميَّة.

وتسببت الخلافات السياسيَّة بَيْنَ أركان العمليَّة السياسيَّة في تعطيل كمٍّ كبير من القوانين في أروقة مجلس النواب، سواء المتعلقة بالأمن أو الاقتصاد. واستنادًا إلى المشهد السياسي الَّذي يعيشه العراق فإنَّ «البرلمان العراقي لم يتخلص من النفوذ السياسي الَّذي يتحكم بتمرير القوانين، والَّذي سيطر على عمله طوال الدَّوْرات البرلمانيَّة السابقة وإنَّ «عمليَّة تمرير القوانين في البرلمان تجرُّ عَبْرَ المقايضة السياسيَّة، أي أنَّ الكتلة الَّتي تريد تمرير قانون معيَّن فإنَّها تتوافق مع كتل أخرى للتصويت عليه مقابل التصويت على قوانين تريدها الكتل الأخرى، وهذا نهج متَّبع في البرلمان.

وهذا الخيار في التعاطي مع القوانين يعطِّل تشريع القوانين الَّتي يحتاجها الشَّعب، ويسهل تمرير القوانين الَّتي تخدم الأحزاب السياسيَّة حصرًا و»صعوبة التخلص من هذا النهج يكمن في تعطيل العمل البرلماني الَّذي أصبح عرفًا بتمرير القوانين».

وفي محاولة لتفعيل القوانين المعطَّلة خوّل مجلس الوزراء العراقي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني صلاحيَّة سحب مشاريع القوانين من البرلمان، وبسحب (9) من بَيْنِها معالجة التجاوزات السكنيَّة، وتعديل قانون الشركات، التعديل الأول لقانون شركة النفط الوطنيَّة العراقيَّة، وقانون الخدمة المَدنيَّة الاتحادي.

ويقاس الدَّوْر التشريعي للبرلمان بعدد القوانين المهمَّة والمثيرة للجدل، الَّتي يستطيع تمريرها في دَوْرته، والَّتي يستطيع من خلالها تجاوز الخلافات بَيْنَ القوى السياسيَّة، وأن تحكمَ الحكومة بتلك القوانين وسحبها أو إفراغها من محتواها، سيكُونُ له أثر سلبي على العمل التشريعي من غير أن يدرك القائمون على الحياة السياسيَّة أنَّ البرلمان هو مَن يشغل ماكينة الحياة السياسيَّة، وبِدُونِها يتوقف دَوَران العمل البرلماني، وليس التوافق السياسي الَّذي عطَّل بِدَوْره الحياة البرلمانيَّة.

فمن دون معالجة حقيقيَّة لمخاطر التوافق السياسي فإنَّ العراق سيبقى أسير التوافقات داخل البرلمان أو خارجه، وبسببه سيكُونُ المواطن الخاسر الأكبر في هذا النمط من العمل السياسي.

أحمد صبري

كاتب عراقي

[email protected]