يُعُدُّ إصدار المرسوم السُّلطاني السَّامي الخاص بقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تجسيدًا لرؤية حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ في ترسيخ قِيَم العدالة والمساواة وصون كرامة الإنسان، وتعزيز مفهوم التنمية الشاملة الَّتي تجعل من الإنسان محور البناء وغايته الأولى. ويعكس هذا المرسوم السَّامي نهجًا متوازنًا يترجم العناية السَّامية بهذه الفئة العزيزة من أبناء الوطن، في إطار مشروع وطني يستند إلى مبادئ رؤية «عُمان 2040»، ويجسِّد التزام الدَّولة بتوفير بيئة دامجة تتيح المشاركة الكاملة لجميع أفراد المُجتمع دُونَ استثناء.. ومن خلال هذا التشريع تتجلى الإرادة السُّلطانيَّة الحكيمة في بناء منظومة متكاملة تصون الحقوق، وتُعلي من قِيمة العُماني، لِتؤكِّدَ أنَّ التنمية الحقيقيَّة تُقاس بكرامة الإنسان وعدالة المُجتمع قَبل أيِّ إنجاز مادِّي.
وقد جاء إنشاء قِطاع جديد بمستوى وكيل وزارة ضِمن هيكل وزارة التنمية الاجتماعيَّة لِيجسِّدَ هذا التَّوَجُّه السَّامي نَحْوَ التنظيم المؤسَّسي الدقيق الَّذي يضع حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في صدارة أولويَّات العمل الحكومي. ويُعَبِّر هذا القِطاع عن رؤية متقدمة تُعِيد تعريف مفهوم الخدمة الاجتماعيَّة، لِتصبحَ عمليَّة إنتاج تشاركيَّة تُسهم في بناء رأس المال البشري، وتُعزِّز جودة الحياة، كما يُمثِّل خطوةً عمليَّة في تحويل الرعاية إلى تمكين، وتوجيه الجهود نَحْوَ بناء منظومة متكاملة تتكامل فيها السياسات التعليميَّة والصحيَّة والاقتصاديَّة، ضِمن إطار وطني موَحَّد. فوجود كيان إداري متخصِّص بإشراف مباشر يَضْمن استدامة المبادرات وتكامل الأدوار بَيْنَ المؤسَّسات، ويؤكِّد أنَّ الدَّولة تتعامل مع قضايا ذوي الإعاقة بوصفها جزءًا من مشروع التنمية لا قضيَّة منفصلة عنه.
ويُشكِّل القانون الجديد أيضًا إضافةً نوعيَّة إلى المنظومة التشريعيَّة الوطنيَّة؛ إذ يتضمن واحدًا وسبعين مادَّة تغطِّي مختلف مجالات الحياة المَدنيَّة والتعليميَّة والصحيَّة والاجتماعيَّة والاقتصاديَّة، بما يُعزِّز مبدأ تكافؤ الفرص ويَضْمن دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع ميادين الحياة العامَّة، ويؤسِّس هذا الإطار القانوني لمسار متكامل يقوم على حماية الحقوق وتوسيع الخيارات، وتمكين الأفراد من المشاركة في التنمية على أساس المساواة والاحترام، كما يُعَبِّر عن إدراك عميق بأنَّ العدالة تتحقق بالتشريعات القادرة على بناء بيئة تتيح لكُلِّ مواطن أنْ يُسهمَ في تقدُّم وطنه، فكُلُّ مادَّة من مواد القانون تُمثِّل لبنة في مشروع وطني يُعِيد صياغة العلاقة بَيْنَ المواطن ومؤسَّسات الدَّولة على قاعدة الحقوق والواجبات المتبادلة.
إنَّ صدور هذا القانون يجسِّد مرحلةً جديدة من الوعي الوطني الَّذي تتقدم به البلاد بخُطى واثقة نَحْوَ تحقيق التنمية الشاملة بمضامينها الإنسانيَّة والاجتماعيَّة. فالدَّولة الَّتي تضع الإنسان في قلب سياساتها تؤكِّد من خلال هذا التشريع أنَّ التنمية تتخطى الأرقام، لِتُشكِّلَ منظومة قِيَم تتجسَّد في واقع الحياة اليوميَّة. ومع تأسيس هذا الإطار القانوني، تتكرس مكانة سلطنة عُمان كنموذج في ترسيخ العدالة الاجتماعيَّة واحترام الكرامة الإنسانيَّة، في امتداد طبيعي لمسار النهضة المُتجدِّدة الَّتي يقودها جلالة السُّلطان هيثم ـ أبقاه الله ـ، حيثُ تتكامل السياسات والتشريعات لِتبْني مُجتمعًا متوازنًا يقوم على الإنصاف والمشاركة، ويمنح كُلَّ إنسان مساحة فاعلة في بناء الوطن وصون مكتسباته.