طرابلس ـ من عبدالله الجرداني:
يواصل معرض النيابة العامة الدولي للكتاب بطرابلس إشعاعه المعرفي ووهجه الفكري، حيث احتضن ندوة حوارية بعنوان (ليبيا.. رؤى عربية في حضرة الثقافة)، والتي شكّلت أفقًا واسعًا للحوار الثقافي وعززت حضور ليبيا في المشهد العربي الثقافي المعاصر.
أدار الندوة الإعلامي الليبي خالد عثمان والإعلامية الجزائري سهام بورسوتي، بمشاركة عدد من الإعلاميين والصحفيين العرب والأفارقة، من بينهم الزميل الصحفي عبدالله الجرداني من سلطنة عُمان، إلى جانب ممثلين من عدد من الدول العربية. وقد جمع اللقاء أصواتاً متعددة الرؤى والاتجاهات الفكرية تحت مظلة واحدة، حملت عنوان الانفتاح والتنوير. تناول المحور الأول من الندوة الرؤى العربية حول معرض الكتاب، حيث أبدى المشاركون إعجابهم بالتنظيم الرفيع والمحتوى المعرفي المتنوع، مؤكدين أن هذا الحدث أصبح منصة فكرية عربية تلتقي عندها الأفكار وتتصافح فيها الثقافات، في مشهد يجسّد وحدة الحرف العربي وتنوّعه في آنٍ واحد. أما المحور الثاني، فقد ركّز على قدرة المعرض على تغيير الصورة النمطية في أذهان الليبيين عن النيابة العامة، إذ رأى المشاركون أن مبادرة هذه المؤسسة القضائية إلى تبنّي مشروع ثقافي بهذا الحجم تمثل خطوة رائدة ورسالة حضارية تعبّر عن انفتاح النيابة على المجتمع، وسعيها لربط القانون بالثقافة في إطار من الوعي والتنوير.
وفي المحور الثالث، ناقش المتحاورون إمكانية أن يسهم هذا الزخم الثقافي في تغيير الصورة النمطية عن ليبيا في الخارج، مجمعين على أن الثقافة هي الأداة الأسمى لتصحيح المفاهيم وإبراز الصورة الحقيقية للبلاد، كأرضٍ غنية بالتراث والفكر والإبداع، بعيدا عن الصور الذهنية المسبقة التي رسّختها بعض وسائل الإعلام.
كما تطرقت الندوة إلى الاستفادة من التجارب العربية الرائدة في مجالات الثقافة والإبداع، واستلهام النماذج التي أعادت إحياء التراث في بلدانها، مؤكدين ضرورة دعم الطاقات الشبابية، وتشجيع الترجمة والنشر، وتعزيز مكانة اللغة العربية بوصفها حاملة للهوية والانتماء الوطني.
وفي ختام الندوة، خرج المشاركون بعدد من التوصيات المهمة، أبرزها الدعوة إلى استمرار تنظيم الفعاليات الثقافية المشتركة، وتأسيس شبكة إعلامية عربية تُعنى بالثقافة الليبية، وتعزيز التعاون العربي في المجال الثقافي، إضافة إلى توثيق التجارب والمبادرات الثقافية لتكون ذاكرةً معرفية للأجيال القادمة.
كما دعا المشاركون إلى ضرورة أن يتمتع المعرض بعناصر تميّزه وهويته الثقافية الخاصة، من خلال تخصيص (شخصية العام) و(جائزة المعرض) و(ضيف الشرف) في كل دورة، بحيث يُسلّط الضوء على دولة عربية أو أجنبية تُسهم في المشهد الثقافي، مع اختيار أحد الرموز البارزة في الحركة الأدبية الليبية أو العربية ليكون شخصية العام الثقافية. كما أكدوا على أهمية إدماج الكتاب الإلكتروني إلى جانب الكتاب الورقي، بما يواكب التحوّلات الرقمية في عالم النشر ويتيح الوصول إلى المعرفة بوسائل أكثر تنوّعًا وحداثة.