لم تكُنْ زيارة الرئيس التركي، رجب طیب أردوغان، لأخيه حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق (حفظه الله ورعاه)، مجرَّد زيارة تندرج في صنف «الأخويَّات الرسميَّة»، بل إنَّها كانت فعلًا مهمًّا يشكِّل بُعدًا مفصليًّا للعلاقات العُمانيَّة ـ التركيَّة بكافَّة آثارها وأبعادها الإقليميَّة والدوليَّة المهمَّة، خصوصًا وأنَّ صلات الشقيقة جمهوريَّة تركيا بمهادها الإقليمي العربي والإسلامي كانت بحاجة للتكريس والدعم من قِبل دولة مهمَّة مثل سلطنة عُمان، دولة مهمَّة على الصعيدين العربي والإسلامي، الأمر الَّذي كلَّل هذه الزيارة التاريخيَّة بالنجاح المُطَّرد الَّذي سيترك آثاره الإيجابيَّة البنَّاءة والمتواصلة على العلاقات العربيَّة التركيَّة عامَّة طوال هذه الحقبة المفصليَّة المهمَّة الَّتي نشهدها اليوم، آخذين بنظر الاعتبار أهميَّة دَوْري الدولتين، السَّلطنة والجمهوريَّة التركيَّة على كافَّة الأصعدة: السياسيَّة والاقتصاديَّة، بل وحتَّى السكانيَّة باعتبار الروح الأخويَّة الَّتي تواشج ما بَيْنَ الشَّعبَيْنِ المسلمَيْنِ الشَّقيقَيْنِ العُماني والتركي، مع اعتبار أدوار مسقط وأنقرة المهمَّة على المستويين الإقليمي والدولي، خصوصًا بعد التطورات الَّتي طرأت على حال القضيَّة الفلسطينيَّة عَبْرَ الأعوام الأخيرة وعلى النَّحْوِ الَّذي يتطلب العمل الدؤوب ووضوح الرؤيا والرؤية حيال ما شاب ويشوب إقليمنا الساخن من إشكالات وتغيُّرات جذريَّة تتطلب المتابعة المتواصلة بَيْنَ القيادتين العُمانيَّة والتركيَّة على حدٍّ سواء.
لقد مهَّدت الحميميَّة المنظورة الَّتي ميَّزت زيارة الرئيس التركي لسلطنة عُمان، أقول مهَّدت الطريق الواضح الَّذي ينتظر التعاون الأخوي بَيْنَ الشَّعبَيْنِ والحكومتيْنِ، خصوصًا بقدر تعلُّق الأمر بالاقتصاد وآفاق السياسة والتبادل العلمي والتجاري، ناهيك عن أهميَّة مسالك المواصلات والاتصالات الَّتي تشكِّل شبكة ربط تمتدُّ عَبْرَ الشرق الأوسط بِرُمَّته؛ بسبب ما حبا الله سلطنة عُمان من موقع جغرافي استراتيجي مهمٍّ لا يُمكِن بدونه إحراز أيُّ تقدُّم ملموس على أصعدة التجارة والتعاون الإقليمي المنتظر !
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي