الأحد 26 أكتوبر 2025 م - 4 جمادى الأولى 1447 هـ
أخبار عاجلة

في الحدث : زخم دبلوماسي يعزز الحضور الاقتصادي لعمان

في الحدث : زخم دبلوماسي يعزز الحضور الاقتصادي لعمان
السبت - 25 أكتوبر 2025 11:45 ص

طارق أشقر

10


شهدت سلطنة عُمان خلال الأسبوع الماضي حراكًا دبلوماسيًّا واسع النطاق، عكس حيويَّة السياسة الخارجيَّة العُمانيَّة وفاعليَّتها المتزايدة في توسيع دوائر التواصل الدولي. فقد تتابعت في مسقط زيارات عدد من القادة والرؤساء والوفود الرسميَّة من مختلف القارات، شملت زيارة الرئيس التركي وأمير دولة الكويت ورئيس جمهوريَّة بتسوانا، إلى جانب لقاءات ثنائيَّة مع وفود من السعوديَّة وقطر والصين والولايات المتحدة الأميركيَّة وسويسرا وقبرص. هذا التزامن في الزخم الدبلوماسي لا يُمكِن النظر إليه كحدث بروتوكولي فحسب، بل كتحول نوعي في موقع السلطنة على خريطة العلاقات الدوليَّة، وما يحمله من أبعاد اقتصاديَّة واستثماريَّة تتصل مباشرة برؤية عُمان المستقبليَّة 2040. وكما هو معروف سلطنة عُمان قد تبنَّت الدبلوماسيَّة العُمانيَّة نهجًا أكثر انفتاحًا وتوازنًا، يقوم على تنويع الشراكات وتعزيز التعاون الاقتصادي كأداة للنفوذ الإيجابي والاستقرار. وبالنتيجة بات واضحًا أنَّ السلطنة توظِّف علاقاتها السياسيَّة المتوازنة لتشكيل شبكة من المصالح الاقتصاديَّة المتبادلة، تسهم في تنويع مصادر الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمارات النوعيَّة، خصوصًا بقطاعات الطاقة النظيفة والاقتصاد الأزرق والصناعات التحويليَّة واللوجستيَّات والسياحة والتقنيَّات المتقدمة. فزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تندرج في هذا الإطار، إذ تُعَدُّ تركيا إحدى أكبر الدول المستقبلة للصادرات العُمانيَّة غير النفطيَّة، مع توجُّه نَحْوَ التعاون في مشاريع الموانئ والطاقة المتجددة والدفاع. فيما تعكس زيارة أمير الكويت إلى سلطنة عُمان عُمق العلاقات الخليجيَّة واستمرار التنسيق الاقتصادي في إطار مجلس التعاون الخليجي، خصوصًا في مجالات الاستثمار والبنية الأساسيَّة. كما شهد الأسبوع الماضي أيضًا عددًا من اللقاءات مع وفود ومسؤولين من السعوديَّة وقطر والصين والولايات المتحدة وسويسرا وقبرص، فهي تمثِّل بُعدًا تنوعيًّا ينسجم مع سياسة «تعدد الشركاء دون الانحياز»، فشملت مباحثات حَوْلَ التعاون الأكاديمي والصحي والاستثماري ونقل التكنولوجيا. ويعكس هذا الزخم إدراك السلطنة لأهميَّة الدبلوماسيَّة الاقتصاديَّة كأداة رئيسيَّة في تعزيز مكانتها كمحطَّة اقتصاديَّة واعدة، وتسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، إذ أصبح التلاقي بَيْنَ السياسة والاقتصاد السِّمة الأبرز للعلاقات الدوليَّة، في حين تدرك عُمان أنَّ استقرارها السياسي وموقعها الجغرافي المتميز يمنحانها فرصًا أوسع لِتكُون منصَّة إقليميَّة للربط التجاري بَيْنَ آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط. ويرى مراقبون اقتصاديون أنَّ هذا الحراك يمهِّد لمرحلة جديدة من الحضور العُماني في الاقتصاد العالمي ولجذب استثمارات استراتيجيَّة طويلة الأمد بمختلف القطاعات الاقتصاديَّة. كما يشيرون إلى أنَّ السلطنة باتت تعتمد مقاربة «القوَّة الاقتصاديَّة الناعمة» عَبْرَ بناء علاقات متوازنة قائمة على المصالح المشتركة لا على المحاور السياسيَّة، مما يمنحها مرونة عالية في إدارة علاقاتها مع الشرق والغرب. وفي ضوء مؤشرات الأداء الاقتصادي وتنامي المشاريع الكبرى في الدقم وصحار وصلالة، يُتوقع الاقتصاديون أن يشكِّلَ هذا الانفتاح الدبلوماسي جسرًا لجذب رؤوس الأموال الأجنبيَّة وتعزيز تنافسيَّة الاقتصاد الوطني، حيثُ إنَّ عُمان مهيَّأة لتصبح مركزًا إقليميًّا للوجستيَّات والطاقة الخضراء، وذلك في ظل ما تتمتع به من استقرار البيئة السياسيَّة والتشريعيَّة. وعليه، فإنَّ ما تشهده سلطنة عُمان اليوم ليس نشاطًا دبلوماسيًّا عابرًا، بل تأسيس لمرحلة من التوازن الذكي بَيْنَ السياسة والاقتصاد، تُعِيد تموضعها الاقتصادي في النظام الإقليمي والدولي كلاعب هادئ لكنَّه مؤثر، يقيس خطواته بدقَّة ويستثمر موقعه الاستراتيجي لتحقيق مصالحه الوطنيَّة وتنمية اقتصاده على المدى الطويل.

طارق أشقر

[email protected]

من أسرة تحرير «الوطن»