مسقط ـ العُمانية: تحتفل سلطنة عمان ممثلة في المركز الوطني للإحصاء والمعلومات باليوم العالمي للإحصاء الذي يوافق الـ 20 من أكتوبر تحت شعار «إحصاءات وبيانات عالية الجودة لفائدة الجميع» الذي يعكس الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي لجودة البيانات ودورها في دعم التنمية المستدامة وصناعة القرار.
وأكد سعادة الدكتور خليفة بن عبد الله البرواني الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن العمل الإحصائي في سلطنة عُمان تجاوز المفهوم التقليدي القائم على جمع الأرقام، ليصبح رؤية استراتيجية يقودها كوادر وطنية مؤهلة.
وقال سعادته إن الإحصاء لم يعد مجرد عملية تقنية، بل أصبح ركيزة أساسية في صياغة مستقبل البيانات والمعلومات، بما يعزز مكانة سلطنة عُمان في المحافل الدولية. مشيرا إلى أن التقنية أصبحت جزءًا من ثقافة العمل في المركز موضحا: لقد أسهمت البنية الذكية المتكاملة المدعومة بالذكاء الاصطناعي في تقليص زمن الاستجابة وتوفير بيانات دقيقة وفورية تسهم في دعم متخذي القرار.
وأضاف سعادته أن سلطنة عُمان تمكنت بفضل هذا التطور من تنفيذ التعداد الإلكتروني العام للسكان والمساكن والمنشآت بشكل سنوي وبتكلفة مالية صفر، وبكوادر وطنية محدودة بفضل الربط الإلكتروني بين الجهات الحكومية وشبه الحكومية.
وبين سعادته أن هذا الإنجاز مهّد الطريق لتنفيذ مشروع «مسح نفقات ودخل الأسرة» باستخدام الذكاء الاصطناعي، وهو الأول من نوعه على مستوى العالم، على أن تعلن نتائجه في عام 2026م.
وأوضح سعادته أن عمل المركز لا يقتصر على توفير الحقائق الرقمية، بل يشمل رصد آراء المجتمع عبر استطلاعات الرأي العام، مضيفًا: «نحن نسعى إلى الجمع بين دقة الأرقام وعمق الرؤية الإنسانية، بما يعزز الثقة المجتمعية ويدعم التواصل بين المواطن وصانع القرار.
من جهته شارك المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اليوم في الاحتفال باليوم العالمي للإحصاء وقالت سعادة انتصار بنت عبدالله الوهيبية المديرة العامة للمركز، إن اليوم العالمي للإحصاء يعد مناسبةً تُجسّد التقدير العالمي للدور الحيوي للإحصاءات في صنع القرار، وتحقيق التنمية المستدامة، وبناء مستقبلٍ أفضل للبشرية ويكتسب هذا العام أهمية خاصة لتزامنه مع الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة، ما يدفع المركز للتأكيد على الدور الأساسي الذي اضطلعت به الإحصاءات في عمل المنظمة الدولية على مدى ثمانية عقود، وعلى دورها المحوري في دعم صنع القرارات للدول والشعوب.
وأضافت سعادتها أن الإحصاءات كانت ولا تزال ركنًا راسخًا في مواجهة التحديات العالمية الكبرى مثل التنمية المستدامة، وتغيّر المناخ، والصحة العامة، ورفاه الشعوب، مبينة أن شعار هذا العام «إحصاءات دقيقة وبيانات موثوقة تدفع التغيير وتصنع مستقبلاً أفضل للجميع» يحمل 3 رسائل مترابطة، أولها الدقّة والموثوقية، والثانية القوة التحويلية، والثالثة العدالة والشمول. وأشارت سعادتها إلى أن الإحصاءات الموثوقة، تشكّل العمود الفقري لأي استراتيجية تنموية ناجحة، فهي أداة لا غنى عنها لقياس التقدم وتحديد المجالات التي تتطلب تدخّلًا عاجلًا في مختلف الميادين الاجتماعية والاقتصادية والبيئية. كما توفر الإحصاءات أساسًا علميًّا لصنع السياسات والتخطيط القائم على الأدلة، مما يقلل من الاعتماد على العشوائية والحدس. ولفتت سعادة انتصار بنت عبدالله الوهيبية، إلى أن عالم الإحصاء تغيّر جذريًّا في السنوات الأخيرة مع تسارع التطورات التكنولوجية وظهور البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي. هذه التحولات تفتح آفاقًا واسعة لإنتاج بيانات أكثر سرعة ودقة، لكنها تفرض أيضًا تحديات كبيرة، من أبرزها إدارة الكم الهائل من البيانات وضمان جودتها، وحماية الخصوصية وبناء الثقة في المصادر الرسمية، وضمان وصول البيانات إلى الجميع بصورة عادلة ومتكافئة.
وأوضحت أن تطوير القدرات الوطنية في مجال البيانات أصبح ضرورةً لا خيارًا. علينا أن نعمل على بناء نظمٍ إحصائية متكاملة، تُواكب العصر الرقمي، وتستفيد من التقنيات الحديثة في التحليل وسهولة الوصول إلى البيانات.
وأكدت أنه يجب تعزيز الثقافة الإحصائية في مجتمعاتنا، فالإحصاء ليس شأنًا مؤسسيًا فحسب، بل هو مهارة حياتية ومعرفية، ويتحقق ذلك من خلال دمج مفاهيم الإحصاء في التعليم منذ المراحل المبكرة، وتمكين الإعلام من تفسير البيانات ونشرها بوعي، وإشراك المجتمع المدني في الاستفادة من البيانات وتوظيفها في التخطيط والمساءلة.
وبيّنت أن المنطقة الخليجية والعربية تمتلك مقوّمات واعدة للنهوض بالعمل الإحصائي، من خلال شباب مؤهّل، وبنية رقمية متنامية، ورغبة حقيقية في التكامل والتعاون، وبناء شراكات وتبادل الخبرات، بما ينعكس إيجابًا على مسيرة التنمية في دول المنطقة.
ويُعد اليوم العالمي للإحصاء مناسبةً لتجديد الالتزام بالعمل على رفع جودة البيانات، وتعزيز الشراكات مع مختلف القطاعات، والتأكيد على الدور الحيوي للإحصاءات في صياغة السياسات الوطنية ومواكبة التغيرات العالمية، انسجامًا مع مستهدفات رؤية «عُمان 2040».

