الأحد 19 أكتوبر 2025 م - 26 ربيع الثاني 1447 هـ
أخبار عاجلة

أصداف : لم يسمع به «المعذبون العراقيون»

أصداف : لم يسمع به «المعذبون العراقيون»
الأحد - 19 أكتوبر 2025 11:37 ص

وليد الزبيدي


لم يسمع الغالبيَّة العظمى من العراقيين بالقرار القضائي الأميركي الَّذي أنصف ثلاثة رجال عراقيين تعرضوا للتعذيب قَبل عقدين خلال الاحتلال الأميركي للعراق، حصل هؤلاء على تعويض قدره (42) مليون دولار أميركي.

هل يُمكِن اعتماد هذا القرار القضائي أساسًا لبدء حملة للمطالبة بالتعويضات من قِبل مئات الآلاف من العراقيين، الَّذين تعرضوا للتعذيب داخل بلادهم في المعتقلات والسجون الأميركيَّة الَّتي بلغت بحدود (505) قواعد ومعسكرات وسجون؟

وسط زحمة الأخبار وتدفقها السريع مرَّ هذا الخبر في أكتوبرـ تشرين الثاني من العام 2024 أي قَبل أقل من عام، ولأنَّ مئات آلاف المعذبين العراقيين ليس ثمة من يدافع عنهم ويطالب بحقوقهم، فقد تلاشى حضور مثل هذا الخبر بسرعة. وتبذل باحثة في «هيومان رايتس ووتش» تلاحق هذا الموضوع المزيد من الجهود لإنصاف المعذبين العراقيين في السجون الأميركيَّة، إنَّها الباحثة والنشطة سارة صنبر، باحثة في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وما يؤسف له أنَّ وسائل الإعلام العراقيَّة بمختلف أنواعها تجاهلت جهود الناشطة سارة، ولم تنقل شيئًا من طروحاتها ومناشداتها وفْقَ القانون الدولي لإنصاف الَّذين تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب في السجون الأميركيَّة.

ما يتحكم بالواقع والمزاج العراقي في «مُجتمع المعذبين العراقيين» المزاج السيء الَّذي خلقه الاحتلال الأميركي ومن وقف معه مساندًا وداعمًا ضدَّ إرادة العراقيين، وما نتج عن ذلك من حالة إحباط شديد بكُلِّ أمر يتعلق بموقف مضاد لسلوكيَّات القوَّات الأميركيَّة، الأمر الثاني ما أقدمت عليه الحكومة العراقيَّة بتوقيعها الاتفاقيَّة الشهيرة أواخر أيَّام حقبة جورج بوش الابن بتاريخ 27-11- في العام 2008، الَّتي تركت انطباعًا لدى العراقيين يشير إلى أنَّ حكومة بغداد ومجلس النواب (البرلمان) والرئاسة قد منحت قوَّات الاحتلال «حماية» كاملة تمنع بموجبه العراقيين المتضررين من الاحتلال من المطالبة بأيِّ حقوق.

إنَّ حصول العراقيين الثلاثة على تعويض ـ وإن طال الزمن ـ يدلل على أنَّ الحقوق يَجِبُ أن لا تضيع، وأنَّ «القياس» القانوني يُمكِن الاستناد إليه في القضايا الَّتي يُمكِن رفعها أمام القضاء الأميركي، فالسقف الزمني الَّذي تعرض فيه مئات آلاف من العراقيين (بَيْنَهم شيوخ ونساء وأطفال ورجال) لتعذيب وحشي هو ذات السقف زمنيًّا الَّذي تعرض له هؤلاء (الثلاثة)، وأنَّ التعذيب يجري داخل المعتقلات والسجون الأميركيَّة ويحرس جميع ممارسي التعذيب القوَّات الأميركيَّة ذات الحراس.

لا أعرف لماذا لم يتطرق القانونيون العراقيون في خارج العراق ـ على أقل تقدير ـ لهذا الموضوع، وفي حال حصل ذلك ولم نسمع به لماذا لا يتحدثون بذلك ويقدمون تفاصيل عن آليَّات رفع دعاوى والحصول على التعويض، وطبعًا أحد أهداف هذا التحرك لردع الأميركيين من استمرارهم بتعذيب الناس في كُلِّ بلد يوجدون فيه والإقرار بحقوق المعذبين.

الحكومة الأميركيَّة ملزمة بموجب القانون الدولي لحقوق

الإنسان والقانون الإنساني الدولي بتوفير التعويضات عن التجاوزات الَّتي ارتكبتها في الخارج. التقاعس عن ذلك في الماضي لا يبرر التقاعس الآن.

وليد الزبيدي

كاتب عراقي

[email protected]