السبت 18 أكتوبر 2025 م - 25 ربيع الثاني 1447 هـ
أخبار عاجلة

رأي الوطن : المرأة العمانية.. ركيزة الوعي وبوصلة المستقبل

السبت - 18 أكتوبر 2025 04:30 م

رأي الوطن

20


تصنع المرأة العُمانيَّة في يومها الوطني مشهدًا يختصر رحلة وعيٍ ممتدة من التعليم إلى القيادة، ومن الفكرة إلى الفعل، حيثُ تبني حضورها بثقة في كُلِّ مجال يمسُّ حياة المُجتمع، من التقنيَّة إلى البيئة، ومن التعليم إلى الاقتصاد المعرفي، لتؤكدَ أنَّ النهضة لا تكتمل من دُونِ طاقتها وإرادتها. وفي هذا اليوم تتجلى معاني الشراكة الحقيقيَّة حين تتحول الكفاءة إلى معيار، والإبداع إلى لُغة مشتركة بَيْنَ أبناء الوطن الواحد، فالتجربة العُمانيَّة سعَتْ ـ بجانب تمكين المرأة ـ إلى بناء منظومة تقدِّر الجهد وتكافئ العطاء. فكانت النتيجة حضورًا نوعيًّا في ميادين العمل والبحث والابتكار، يبرهن أنَّ التَّنمية تبدأ من الإنسان وتنمو بوعيِه وإصراره على أنْ يكُونَ جزءًا من صلب التحوُّل الوطني، مؤمنة في الوقت نفسه بِدَوْرها الأصيل في بناء المُجتمع من خلال أُمومتها وتربيتها لأجيالٍ تحمل قِيَم الانتماء والمعرفة.

لقد واصلتِ العُمانيَّة رحلة التعلم كخيار وطني يُعبِّر عن إيمانها بأنَّ الوعي والمعرفة هما أقصر الطُّرق إلى الاستقلال والإبداع، فالتعليم تحوَّل إلى ممارسة يوميَّة تُبقي الإنسان في حالة تطوير دائم، وتفتح أمامه آفاقًا جديدة من المهارة والفهم، ومن البرامج التدريبيَّة إلى المنصَّات الرقميَّة والدَّوْرات التخصصيَّة، حيثُ تتعامل المرأة مع المعرفة كقِيمة تبنى وتشارك، فتربط بَيْنَ العِلم والعمل لتصنعَ من الفكرة مشروعًا، ومن المهارة وسيلةً للإنتاج، وهذا الحراك المعرفي يعكس إدراكًا متقدمًا لطبيعة المرحلة الَّتي يعيشها العالم، حيثُ أصبح الذكاء والتحليل والابتكار أدوات المنافسة الحقيقيَّة في السوق المحلِّي والعالمي، ومع كُلِّ جيلٍ جديدٍ من النساء يتسع نطاق الإسهام الوطني، ويترسخ حضور المرأة في بناء اقتصاد يقوم على الفكر والإبداع، ويقيس تقدُّمه بمدى قدرته على تحويل المعرفة إلى تنمية.

ولعلَّ أهمَّ ما يميِّز المرأة العُمانيَّة اليوم أنَّها أصبحت شريكًا فعليًّا في القيادة وصنع القرار، بعد أن تجاوزت مرحلة المشاركة الرمزيَّة إلى مرحلة التأثير الملموس في كُلِّ مجال تمسُّه التَّنمية، سواء في المؤسَّسات الحكوميَّة أو القِطاع الخاص نجدها تشارك في وضع الخطط والسياسات، وكذلك في الجامعات والمراكز البحثيَّة تقود مشاريع تربط المعرفة بالتطبيق العملي، وتحوّل الفكرة إلى إنجاز، فحضورها في الجمعيَّات الأهليَّة والمبادرات المُجتمعيَّة يعبِّر عن وعي متنامٍ بِدَوْرها في بناء المُجتمع من الداخل، ويؤكد أنَّ القيادة تبدأ من الموقف والمسؤوليَّة لا من المنصب.. ومع كُلِّ تجربة جديدة يتضح أنَّ المرأة في عُمان أصبحت من القوى الأساسيَّة المحرِّكة للتنمية، تجسِّد بعقلها وإرادتها فكرة المواطن القادر على الإنتاج والمبادرة، وتؤكد أنَّ التقدم الحقيقي يقاس بقدرة المُجتمع على إشراك جميع طاقاته في بناء الحاضر وصياغة المستقبل.

إنَّ ما تُحققه المرأة العُمانيَّة اليوم هو ثمرة رؤية سامية أرستْ مبدأ أنَّ الإنسان هو محور التَّنمية وغايتها. ففي ظلِّ قيادة حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ الَّذي منح المرأة الثقة لِتكُونَ ركيزةً فاعلة في مشروع النهضة المتجددة، هذه الرؤية السامية الَّتي عمدتْ إلى ترسيخ تكافؤ الفرص، وفتحت أمام الكفاءات النسائيَّة مسارات جديدة في مجالات التعليم والابتكار والاقتصاد الأخضر والتقنيَّة الحديثة، لِيصبحَ الحضور النسائي أحد أعمدة الاستدامة الوطنيَّة. فالمستقبل الَّذي ترسمه عُمان اليوم يقوم على المعرفة والوعي والمشاركة، والمرأة فيه شريك في البناء وصاحبة دَوْر محوري في ترسيخ قِيَم العدالة والابتكار والمواطنة الإيجابيَّة، ومع كُلِّ إنجازٍ جديدٍ يتحقق، يتجدد الإيمان بأنَّ نهضة الوطن لا تُبنى إلَّا بسواعد أبنائه وبناته، وبأنَّ المرأة العُمانيَّة ستظل علامة مضيئة في مسار التَّنمية وذاكرة الوعي الوطني، خصوصًا مع ما وفَّرته التشريعات الحديثة من دعمٍ مباشرٍ للأُمِّ العاملة، ومنها القوانين الَّتي تكفل لها إجازة أُمومة تَضْمن التوازن بَيْنَ مسؤوليَّاتها الأُسريَّة والمهنيَّة، وترسخ مفهوم العدالة الاجتماعيَّة في أرقى صوَرها.