في عالم كرة القدم، لا يقف الإنجاز على بطولة لم تتحقق، ولا على مشاركة وتأهُّل لم يتم الوصول إليه، بل يظلُّ الهدف الأسمى ما تسطره قصَّة وطنٍ يلتف حَوْلَ المستطيل الأخضر كمن يلتفُّ حَوْلَ قلبٍ نابض. هكذا كان الحال مع منتخبنا لكرة القدم، حين تقدَّم بخُطًى ثابتة نَحْوَ حلم التأهل إلى كأس العالم. حلم لا تكتبه الأقدام فقط، بل تصوغه الإرادة، وتغذِّيه أنفاس الجماهير الَّتي لا تعرف اليأس.
لم يكُنِ الطريق مفروشًا بالورود، وإنَّما كانت هناك محطَّات صعبة، خصوم أقوياء، ومباريات حملت في دقائقها ما يُشبه العمر كُلَّه من الانفعال. قاتل اللاعبون حتَّى اللحظة الأخيرة، ورفعوا راية الوطن في كُلِّ ملعب دخلوا إليه، وكأنَّهم يقولون للعالم: "لسنا مجرَّد رقم في التصفيات".
ومع ذلك، فإنَّ كرة القدم ـ كما هي طبيعتها وكما علَّمتنا ـ ليست دائمًا منصفة.. نعم ضاعت بطاقة التأهل.. لكن لم يضِع اسم الأحمر. فمنتخبنا تركَ بصمةً لا يُمكِن تجاهلها، وأجبر المنافسين على احترامه، وعلَّم الجماهير أنَّ الفخر لا يأتي فقط من الفوز، بل من طريقة الأداء والقتال حتَّى النهاية.
في المدرَّجات، كان الجمهور العُماني يُغنِّي رغم أسى الخسارة. فالشَّعب الَّذي يتنفس حُبَّ الأحمر، يعرف أنَّ سقوط الحلم ليس سقوط الروح، وأنَّ البطولة الحقيقيَّة ليست في حضور المونديال فقط، بل في صناعة هُوِيَّة كرويَّة يذكرها الجميع.