عِندَما بدأت حكومة الكيان الصهيوني بمد وإقامة جدران الفصل والعزل العنصري العاليَّة بَيْنَ المستعمرات «الإسرائيليَّة»، من ناحية، وبَيْنَ المناطق ذات الأغلبيَّة الفلسطينيَّة، توقعت (شخصيًّا) باضطلاع حكومة «إسرائيل» العنصريَّة بإطلاق عمليَّات «تطهير عِرقي» عَبْرَ مناطق الكثافة السكانيَّة الفلسطينيَّة على سبيل وأدِ مشروع الدولتين، وذلك يُمكِن عن طريق القتل والتجويع المبرمجيْنِ، ناهيك عن عمليَّات تخريب وتجريف الزرع والضرع، على سبيل تهجير سكان البلاد الفلسطينيين كَيْ ينتهي بهم المطاف إلى معسكرات فصل عنصري خاصَّة، لا يسمح لأحد منهم بمغادرتها إلَّا بــ»جواز سفر» خاص، بالضبط كما فعل «الرجل الأشقر الطويل القامة» بعدما وطأت قدماه القارَّة الأميركيَّة الشماليَّة، أو بعدما اكتشف قارَّة أستراليا، حيثُ حرم سكان البلاد الأصليين من الحركة والعمل وممارسة التجارة، وقد تلا ذلك عمليَّة كبرى للقضاء عليهم (عنصرًا سكانيًّا أصيلًا) عن طريق توظيف أشكال العناصر المساعدة على الإبادة مثل إشاعة المخدرات والمسكرات وألعاب القمار عَبْرَ معسكراتهم إيَّاها، مذاك وإلى هذا اليوم .
والحقُّ، يبحث مُخطّطو التطهير العِرقي في «إسرائيل» عن أيِّ ذريعة من أجلِ المباشرة بتنفيذ خططهم بالعمل على التخريب والهدم والتجريف على النَّحْو الَّذي رأيناه والَّذي يجعل مُدن قِطاع غزَّة غير قابلة للاستقرار وللسكن الآدمي، ناهيك عن عمليَّات تحريك الكتل السكانيَّة الفلسطينيَّة عمدًا إلى مناطق أخرى يفضل أن تكُونَ دول أخرى، كمصر على سبيل إنهاء الوجود الفلسطيني الآن وإلى الأبد، واستبداله بالمزيد من المستعمرات الَّتي ينبغي أن تجمع ما تبقَّى من الشَّتات اليهودي عَبْرَ البحار، كخطوة لإقامة الدولة اليهوديَّة الحلم «من الفرات إلى النِّيل»، حسب النبوءة التوراتيَّة.
وعليه، لا بُدَّ أرجو أن يتوقع الفلسطينيون ويتهيأوا لعمليَّات التطهير العِرقي القادمة الَّتي سوف تتواصل وتزداد قسريَّة في المستقبل المرئي القريب؛ كَيْ يكُونَ حلم الدولة الفلسطينيَّة حلمًا بعيد المنال الآن وإلى الأبد! وقد أعذر من أنذر.
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي