الجمعة 10 أكتوبر 2025 م - 17 ربيع الثاني 1447 هـ
أخبار عاجلة

من معادلات التنمية العمانية

من معادلات التنمية العمانية
الأربعاء - 08 أكتوبر 2025 12:13 م

عادل سعد

30


•أن يتباين الدخل الريعي من حالة إلى أخرى في أيِّ اقتصاد وطني، فالأمر يتعلق بتقلُّبات الأسعار، وهذا ينطبق بصورة ما على مبيعات النفط والغاز والفحم ومنتجات الطاقة الأحفوريَّة الأخرى، ولكن أن تتباين معدَّلات الميزان التجاري للسلع المصنعة فللأمر شأن آخر يتطلب تأشير دالته الاقتصاديَّة، إن كان في حالة مراوحة، أو على نُمو يتخذ من الارتفاع مسارًا له، إزاء ذلك تحضرني هنا الجزئيَّة الَّتي وردت في تقرير المركز الوطني للإحصاء العُماني الصادر قَبل أيَّام فقد أفاد، (أنَّ الصادرات السلعيَّة غير النفطيَّة لسلطنة عُمان حققت نُموًّا ملحوظًا بنسبة (11.3) بالمئة لتبلغ قيمتها (3) مليارات و(890) مليون ريال عُماني بنهاية يوليو 2025، مقارنة بـ(3) مليارات و(497) مليون ريال عُماني خلال الفترة المماثلة من عام 2024، كما سجّلت إعادة التصدير زيادة بنسبة (0.5) بالمئة بنهاية شهر يوليو الماضي، ليبلغ مليارًا و(4) ملايين ريال عُماني مقارنة بـ(999) مليون ريال عُماني خلال الفترة ذاتها من عام 2024)، والتعريف فحسب يعني إعادة التصدير تصدير سلع سبق أن تم استيرادها ثم جرى تسويقها بما يقتض التسويق من وسم وتغليف وتسمى أيضًا (تجارة المستودعات).

•على أيِّ حال، يعكس هذا النُّمو الوارد في التقرير أنَّ الذاكرة الربحيَّة للتَّنمية التصنيعيَّة في سلطنة عُمان تمتلك ناصية إيجابيَّة واضحةً، وأنَّها صارت من المتغيرات الَّتي تستحق التأشير لثلاثة اعتبارات.

•الاعتبار الأول: إنَّ الجهد العُماني للتحرر من أسر الاقتصاد الريعي يحقق نتائج تدريجيَّة واعدة حتَّى وإن كان المعدل متواضعًا نسبيًّا، لكنَّه في كُلِّ الأحوال على الطريق، الأمر الَّذي يؤكد وجود مثابرة وسياقات ونتائج وتراكم واضح في القِيمة المضافة، وكُلِّ ذلك من شأنه أن يعوّض أيَّ خسارة مترتبة من التجارة الريعيَّة.

•الاعتبار الثاني: إنَّ السلع العُمانيَّة مصنّعةٌ لِكَيْ تكُونَ بمستوى المنافسة في السوقين، الإقليمي والعالمي، والحال فإنَّ هذا التصنيف بما هو عليه إنَّما يعكس حالةً من التقدم التنموي المستدام برؤية مستقبليَّة غاية في الأهميَّة على أساسٍ من المواظبة في حماية الجودة الَّتي تتميز بها في أسواق تجاريَّة تصل فيها المنافسة إلى حدِّ التوحش.

•الاعتبار الثالث: استحقاق الاستجابة للتطورات التقنيَّة الأحدث، وإلَّا كيف لها الصمود في ظل هذه الأجواء التسويقيَّة المحتدمة الَّتي ترتفع فيها الجودة إلى إضافات يحكمها المتغيِّر المتواصل ارتفاعًا، إضافة إلى ما ورد في تقرير المنظمة العالميَّة للملكيَّة الفكريَّة (الويبو)، عن تقدُّم السلطنة خمس مراتب بَيْنَ عامَي 2024 و2025، حيثُ كانت في العام الماضي بالمرتبة الـ(74)، وأصبحت الآن بالمرتبة الـ(69) في هذا المجال العلمي الحيوي، وما كان ذلك ممكن الحصول إلَّا بدفع المؤشِّرات العلميَّة الابتكاريَّة الَّتي يتمُّ اعتمادها سياقًا عامًّا لا غنى عنه، وإزاء ذلك كُلِّه وفي ضوء الارتفاع المتحقق في السلع غير النفطيَّة يظل التعمق على هذا الطريق واحدًا من أهم المفاضلات التنمويَّة الَّتي ينبغي المحافظة عليها وتطويرها، الوضع الَّذي يستلزم المزيد من المواظبة والتوثيق. ولا مناص في ذلك من خيار الربط المتجدِّد في آليَّات الشمول المالي والحرص على المنهج التشاركي التنموي الوطني العام الَّذي يُمثِّل مفتاح التَّنمية الحديثة.

عادل سعد

كاتب عراقي

[email protected]