الاثنين 06 أكتوبر 2025 م - 13 ربيع الثاني 1447 هـ
أخبار عاجلة

احذروا النصيحة الخبيثة «1»

الخميس - 02 أكتوبر 2025 10:48 ص
10

أيها الأحبة.. أسأل الله لي ولكم رزقًا واسعًا وقلبًا خاشعًا ولسانًا ذاكرًا وعملًا متقبلاً، وأسأله سبحانه أن يرزقنا صحبة أهل الإيمان وصداقة أهل الإخلاص، وأن يجعلنا أصحابًا لمحبي الخير وأهل الفضل والمير، واسمحوا لي أن أتناول معكم موضوعًا من الأهمية بمكان خاصة في هذا الزمان، ألا وهو العدو الخفي المستتر في ثوب الصديق، فلا شك أن الإنسان منا أحيانًا يحتاج رفيقٍ صدوقٍ يرشده إلى ما هو أفضل أو إلى اتخاذ رأي مناسب في أمور مصيرية قد تطرأ عليه، فقد يتخذ قراراً في بعص الأمور وهو غير متأكد من صوابه، أو متردد بين قرارين وهو في حيرة بين هذين القرارين يخشى أن يختار أحدهما فيكون الصواب فيما تركه، وهنا يلجأ إلى الصديق العزيز الذي يراه مناسباً للمشورة، وهنا يكمن الخطر، ويسكن الخطأ، وتختبئ المكيدة، وتحل المصيبة، خاصة إذا كان الصديق في قلبه مرض، يظهر له محبته ويبطن كراهيته، ويقنعه بأنه حريص على نفعه وهو في الحقيقة أكثر الناس سعيًا إلى ضره، والعجيب أن لديه إقناع لصديقه بأنه المحب المخلص الذي يفديه بنفسه ويحرص على رفعه ويضحي من أجله بنفسه، الأمر الذي يقتنع به المسكين أنه له صديق مخلص، فيستشيره فيما هو مهم جداً بالنسبة له.

وما دعاني لأن أكتب في هذا الموضوع ما سمعت من بعض الأصدقاء ما يوقعه فيه صديقه وهو لا يعلم بل لم يكن ليصدق إلا بعد فوات الأوان، فمثلاً قال أحدهم: استشرت صديقي أن أتزوج من فلانة فهي بنت أصل وقبيلة كبيرة وأسرة متدينة وهي غاية في الأخلاق والأدب، وسرعان ما يجد صديقه قد خطبها وتزوجها هو، على الرغم من أنه قال له وقتما كان يستشيره أن لا يتزوجها وأنها لا تصلح له زوجة، واستخرج له منها عيوب نساء الأرض، ومنهم من قال: استشرت صديقي لمشرع معين اخترت له مكان كذا في مدينة كذا لأقيمه عليه، وسرعان ما وجدت أن صديقي هو الذي سبقني إليه، على الرغم من أنه قال لي وقتما استشرته أنه مشروع فاشل ومكانه نائي، وهكذا والعجيب أن مثل هذه الأمور أصبحت كثيرة جدًّا في عالمنا اليوم.

وقد يزيدك عجبًا ـ أخي القارئ الكريم ـ أن تجد بين الأولاد الصغار تلك الخيانة للصداقة، تجد الفتى يقول: أنا لا أحب صديقي فلان، وإذا سألته لماذا لا تحبه يا بني؟ يقول: لأنه يخبرني أنه لا يستذكر دروسه لأفعل مثله، بينما هو يخفي عني أنه يستذكرها أولًا بأول، واكتشف أنه يخبئ عني هذا لأمرين، الأمر الأول: أن يحصل على درجات أعلى مني وقد حققها، والأمر الثاني: أن لا يجعلني في مستواه من التفوق بين الزملاء، سبحان الله!! ألهذا الحد وصلت الصداقة في مرمى لا رجعة منه، فأردت من وراء كلماتي هذه ـ والله من رواء القصد ـ أن أخفف عن من خدع من صديق أو أصدقاء آلامه، وآخذ على يد المخادع أن يتق الله في إخوانه، فالمستشار مؤتمن، وهي أمانة يحاسب عليها بين يدي الله والحق سبحانه وتعالى. وهنا سؤال لذلك المخادع لأقرب الناس إليه، كيف تسول لك نفسك أن تخدع من ائتمنك؟ وهل بهذا الفعل ترضى عنك نفسك؟ أما تخاف من الله!! أترضى أن تكون من المنافقين؟.. وللإجابة عن هذا السؤال يضمنا اللقاء القادم إن شاء الله تعالى.

محمود عدلي الشريف 

 [email protected]