الثلاثاء 07 أكتوبر 2025 م - 14 ربيع الثاني 1447 هـ
أخبار عاجلة

فلنتراحم بيننا «3»

الأربعاء - 24 سبتمبر 2025 12:27 م
10

أيها الأحباب.. تكملة لحديثنا حول الرحمة مع الأولاد، فالأولاد هم فلذات الأكباد، وزينة الحياة الدنيا، فعن أسامة بن زيد ـ رضي الله عنه ـ قال:(كان رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ يأخذُني فيُقعدُني على فخذِهِ، ويُقعدُ الحسنَ بنَ عليٍّ على فخذِهِ الأخرى، ثم يلتزِمُنا ثم يقولُ: اللهم إني أحبهما فأحبهما)(صحيح البخاري،برقم: 6003).

والعجب حقيقة من بعض الناس الذين تخلو قلوبهم من الرفق والرحمة مع الصغار، تراهم في تعاملهم معهم فظاظة، وفي حوارهم معهم غلظة، ألم يعلموا هذا نص هذا الحديث عن أبي هريرة قال:(قبَّل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسًا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبَّلتُ منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم قال: من لا يَرحم لا يُرحم) (صحيح البخاري، برقم: 5997)، ثم تتسع دائرة الرحمة لتشمل من يرتبط بالوالدين والأولاد وهم ذوو الأرحام، وهنا سؤال يطرح علينا نفسه: لماذا سموا بذوي الأرحام؟ لأن الرحم مشتقة من الرحمة، ففي الحديث:(إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ، فَقَالَ: أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَذَلِكَ لَكِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ:»فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ»)(صحيح البخاري،رقم: 4830)،و(صحيح مسلم، رقم الحديث: 2554).

فحرِي بكل مسلم أن يستقيم على هذا بصلته لرحمه وإن جفوه،فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي قرابةً أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال:»لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك)(الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه، في كتاب «البر والصلة والآداب»، باب «صلة الرحم وتحريم قطيعتها»، برقم (2556).

فهلا زالت الغلظة بين البعض مع ذوي رحمه، وهلاأبدل بالجفاء مودة، وبالقطيعة رحمة، وبالصدود بر وصلة،فذوي رحمه لهم حق عليه، فبصلة ذوي الأرحام تحلبالعبد بركة في العمر وفضل واسع من مولاه، وقطعها يعرّضه لسخط الله ومقته ـ عياذًا بالله، ففي الحديث الشريف الذي يتحدث عن الرحم وكيف أنها تتشعب من اسم الله «الرحمن»، وكيف أنها تشتكي لربها إذا قطعت أو ظلمت،قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله) (صحيح مسلم، برقم: 2555)، وفي رواية أخرى:(الرحم شجنة من الرحمن، تقول: يا رب إني قُطعت، يا رب إني ظُلمت) (رواه البخاري في كتاب الأدب، برقم: 5988)، و(مسلم في كتاب البر والصلة والآداب، برقم: 2555)، وعند أحمد عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله يقول:(الرحم شجنة من الرحمة تقول: يا رب، إني قُطعت، يا رب، إني ظُلمت، يا رب، إني أُسيءَ إليّ، فيجيبها: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟!) (أخرجه أحمد، برقم: 6446).ومن تمام الرحمة الإحسان إلى يكونون تحت يدي الإنسان كالمرؤوسين والعمال والخدم وغيرهم،فمن الرحمة الترفق بهم فيما يكلّفون به من أعمال، والتجاوز عن أخطائهم غير المقصودة، وليحذر المسلم من قوة البأسوسطوة التصرف وشدة الأمر، فيكلفهم ما لا يطيقون، فإن الله إذا ملك أحداً شيئاً فاستبد وظلم به وأساء إليه سلبه ما ملك، وليأخذ من رسول الله قدوة،فهذا أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ يقول:(خدمتُ النبيَّ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ـ عشرَ سنينَ، فما قال لي: أُفٍّ قطُّ، ولا قال لشيءٍ صنعتُه: لِمَ صنعتَه؟ ولا لشيءٍ تركتُه: لِمَ تركتَه؟)(صحيح البخاري، برقم: 6038)، و(صحيح مسلم، برقم: 2309).. فاللهم ارحمنا برحمتك الواسعة، واجعلنا من أهل الرحمة.

محمود عدلي الشريف 

 [email protected]