الخميس 18 سبتمبر 2025 م - 25 ربيع الأول 1447 هـ
أخبار عاجلة

التربية بالحب

الأربعاء - 17 سبتمبر 2025 01:27 م

في قواميس الإحسان توجد ألفاظ كثيرة لها أثر عجيب على نفسية الأطفال تشعرهم بحنان الأبوة والأمومة والرعاية والتربية التي لا تنضب عواطفها في المنشط ولا في المكره.. ويتكرر هذا اللفظ في مواطن عديدة في القرآن الكريم، فالعبد الحكيم (لقمان) ينادي (يا بُني) ويتكرر النداء في سورة لقمان كلما أراد أن يسكب في حافظته حكمة أو وصية أو توجيها، وكذلك نبي الله إبراهيم عندما خاطب ابنه اسماعيل (يَا بُني إِنّي أَرَى فِي المَنامِ أَنّي أَذبَحُكَ)، وكذلك نوح ابنه وهو في عصيانه وعصيان أوامر الله:(قَالَ يَا بُنيَّاركَب مَعَنا)، فهنا تجسيد لأقوى الروابط الإنسانية (رابطة البنوة وما تنحدر من جذورها من أفرع تربوية)..فنداؤك لطفلك بذلك يحسسه بالقربى منك وحبك له.. هنا تأتي إشارة الموضوع الذي نتناوله وهو التربية بالمحبة.

ويشير الدكتور النفسي والداعية المشهور طارق الحبيب إلى التوجيه بالأخذ بها، حتى في مجال تحبيب الدين لنفسية الطفل، فمثلًا نقول للطفل:(إن فعلت كذا لا تدخل الجنة) أو (إن لم تفعل كذاك ستخسر الجنة) ولا نقل له:(إن فعلت كذا ستدخل النار)، فاستخدام الاصطلاحات المحببة كالجنة أنجع من استخدام غيرها كالنار، ومثلًا نقول:(ونحن نتقصّد استهواء قلوب أطفالنا: إن فعلت كذا أحبك أكثر)، ولا نستخدم عبارات التبري والسباب واللعان وغيرها.. وما كان خلق نبينا كذلك إذ لم يكن كما روي عنه سبابًا ـ حشاه ـ ولا لعانًا ولا صخابا.. ولكن يعامل الناس باللين والرفق والمحبة والعطف.. لذلك مالت إليه أفئدتهم واتبعوا سبيله.

وعلينا أن نغيّر روتين أساليبنا وألفاظنا إلى الأفضل فهم مثلنا يملون ويكتأبون، فمثلًا في تحبيبهم لأداء صلاة الجماعة:(أين حيويتك لتحصل على كذا من الدرجات)، وفي موضوع المذاكرة فلنترك كلمة الكآبة (شد حيلك) ولنبدلها بعبارات أسمى وألطف مع التنوع والحافزية.

ولنتحرّز في ألا نساوم أطفالنا في حبنا لهم فهم أغلى ما يملكون، فلا يعقل أن نقول له: (لا أحبك إن لم تأكل) أو (لست بابني إن لم تفعل كذا).. فلماذا تجازف بحبك لطفلك؟.

سامي بن محمد السيابي

 كاتب عماني