الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 م - 23 ربيع الأول 1447 هـ
أخبار عاجلة

«ظفار فـي ذاكرة التاريخ العماني» توصي بتعزيز البحث العلمي متعدد التخصصات فـي دراسة تاريخ المحافظة وحضارتها

«ظفار فـي ذاكرة التاريخ العماني» توصي بتعزيز البحث العلمي متعدد التخصصات فـي دراسة تاريخ المحافظة وحضارتها
الثلاثاء - 16 سبتمبر 2025 02:00 م

دعت للاستفادة من الخبرات العالمية فـي حفظ التاريخ وتوثيقه

المشاركون: الندوة كشفت عن الكنوز المكنونة فـي الوثائق والمخطوطات وثراءِ الرواية الشفوية وأبعادٍ حضارية تجعلُ من ظفار ركنًا أصيلًا فـي التاريخ العُماني


صلالة ـ « الوطن»:

أوصت ندوة (ظفار في ذاكرة التاريخ العُماني) بتعزيز البحث العلمي متعدد التخصصات في دراسة تاريخ محافظة ظفار وحضارتها، من خلال دمج جهود المؤرخين وعلماء الآثار والجغرافيين واللغويين والأنثروبولوجيين. جاء ذلك في ختام أعمال الندوة، الذي أقيم أمس بفندق صلالة ميلينيوم، تحت رعاية سعادة الدكتور أحمد بن محسن الغساني، رئيس بلدية ظفار، بحضور سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية الذي أكد على أهمية الأوراق البحثية التي طرحت في الندوة، وما تضمنته من مواضيع ثرية، تناولت التاريخَ العُماني العريقَ ودورَ محافظةِ ظفار في مسيرة الحضارة العُمانية.

وأكد المشاركون في كلمة ألقاها بالنيابة عنهم الدكتور عامر بن أزاد الكثيري، على أهمية الندوة، وأنها (لم تكن مجردَ أوراقٍ بحثيةٍ تُقدَّم، بل كانت رحلةً عميقة في الذاكرة الوطنية، رحلةً كشفت عن الكنوز المكنونة في الوثائق والمخطوطات، وعن ثراءِ الرواية الشفوية، وعن أبعادٍ حضارية تجعلُ من ظفار ركنًا أصيلًا في التاريخ العُماني، ومركزًا للتواصل الحضاري والاقتصادي والسياسي عبر الأزمنة). وجاء في توصيات الندوة التي قدمها الدكتور طالب بن سيف الخضوري، الدعوة إلى تعزيز العمل بجمع وترجمة ونشر الوثائق والدراسات الأجنبية المتعلقة بتاريخ سلطنة عمان وحضارتها، ومواصلة رقمنة وأرشفة الوثائق والمخطوطات والصور التاريخية المتعلقة بمحافظة ظفار، بالإضافة إلى توظيف التقنيات الناشئة لعرض تاريخ محافظة ظفار بشكل خاص والتاريخ العُماني بشكل عام، وتشجيع المواطنين على تسجيل وثائقهم ومخطوطاتهم التي ترصد جوانب مختلفة من تاريخ محافظة ظفار، وحث أفراد المجتمع على تسجيل رواياتهم الشفوية لدى هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، بالإضافة إلى تشجيع التعاون الدولي مع المؤسسات والمنظمات الدولية المتخصصة في التراث والثقافة، للاستفادة من الخبرات العالمية في حفظ تاريخ محافظة ظفار وتوثيقه.

جلسات اليوم الختامي

توزعت أوراق اليوم الختامي على جلستين تناولتا قضايا بحثية متعمقة، وقد عكست هذه الأوراق ثراء الإرث اللغوي والثقافي والتاريخي لظفار، من المعابد الدينية ومشاريع الاستدامة في المواقع التراثية، إلى جهود البعثات الأثرية وبواكير الخدمات الصحية الحديثة، لتشكل في مجملها إضافة معرفية رصينة تعزز الدراسات الأكاديمية وتربط الماضي بالحاضر والمستقبل.

وقدّمت الدكتورة أسمهان بنت سعيد الجرو، أخصائية دراسات تاريخية بمتحف عُمان عبر الزمان، دراسة تحليلية لنماذج من الأسماء البسيطة والمركبة في نقوش ظفار، تناولت كشف أسرار النظام الكتابي الفريد لنقوش ظفار بعد عقود من الغموض، مبرزة أهميتها في تتبع تطوّر اللغة العربية وعلاقتها باللغات السامية الأخرى. وقدمت قراءة علمية مدعومة بتحليل لغوي مقارن، تسهم في فتح آفاق جديدة أمام دراسات تاريخ اللغات.

وأستعرض الدكتور أحمد بن محمد الرمحي، أستاذ اللغويات المشارك بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الشرقية، في ورقته (لغات ظفار في مصادر التراث العربي) ما أشار إليه التراث العربي من إشارات دلالية وصوتية إلى العربية الجنوبية، مبرزًا أثرها في المشهد اللغوي والتاريخي، ومؤكدًا على ضرورة صون هذا الثراء اللغوي. وفي سياق معاصر، قدّم الدكتور عامر بن أزاد الكثيري، محاضر أول لغة عربية، في جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بصلالة، ورقة بعنوان (اللغات العربية الجنوبية المعاصرة في سلطنة عُمان وعلاقتها بالأسرة اللغوية)، متناولا الخصائص الصوتية والصرفية لهذه اللغات، وارتباطها باللغات السامية الأخرى، مبرزا استقلاليتها كفرع متميز.

وانتقل النقاش إلى البعد الأدبي والثقافي، حيث عرض هلال بن سيف البادي، نائب مدير دائرة التواصل والإعلام، بجامعة السلطان قابوس، ورقته بعنوان (ظفار حالة سردية في الأعمال المسرحية: نصوص آمنة الربيع أنموذجًا)، ناقش من خلالها حضور المكان الظفاري في النصوص المسرحية بما يحمله من حكايات وأساطير، وكيفية توظيفه في بناء عوالم تخييلية ثرية.

واختتمت الجلسة الأولى ليوم أمس بورقة عماد بن جاسم البحراني، مدير دائرة مصادر المعلومات الحضارية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب، بعنوان «أخبار ظفار في الصحافة والمجلات العربية (1880–1975م)»، موضحا دور الصحافة كمصدر أولي لتوثيق التحولات السياسية والاجتماعية والثقافية في ظفار خلال مرحلة مفصلية من تاريخها. وطبيعة التغطية الإعلامية العربية وأثرها في تشكيل الوعي تجاه المنطقة.

الجلسة الثانية

استُهلّت الجلسة الثانية من الندوة بورقة أكاديمية لامست عمق الموروث الحضاري لمحافظة ظفار، حيث قدّم الدكتور خالد أحمد دغلس، الأستاذ في قسم الآثار بجامعة السلطان قابوس، ورقته بعنوان (الدلالات الثقافية لمعابد خور روري ـ سمهرم في محافظة ظفار)، تناول من خلالها المكتشفات الأثرية التي أظهرت وجود معبدين، أحدهما داخل أسوار المدينة والآخر خارجها، في دلالة معمارية وثقافية على طبيعة المعتقدات الدينية السائدة. وقدم الدكتور زكريا طعمة قضاه، محاضر بقسم الهندسة، بجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بمسقط، ورقته بعنوان (حصن وسوق وفرضة مرباط ومحيطها – الاستدامة والاستثمار)، بحث عبرها مشروع إعادة ترميم وتأهيل هذه المعالم التراثية بهدف توظيفها سياحياً وثقافياً، بما يعزز الاستدامة المعمارية ويرتبط برؤية عُمان 2040. طارحا تصوراً لاستثمار الحصن كمتحف ومعرض للحرف، والسوق بوظيفته التقليدية، والفرضة كمقهى ومطعم، مع استغلال الساحات المحيطة للأنشطة المجتمعية.

وتناول علي بن حمود المحروقي، مدير المسوحات والتنقيبات الاثرية، بوزارة التراث والسياحة في ورقته (برنامج البعثات الأثرية بوزارة التراث والسياحة ودوره في تعزيز البحث الأثري بمحافظة ظفار) الدور المحوري لهذه البعثات في توثيق التراث الوطني، وتعزيز التعاون مع الجامعات والمؤسسات الدولية، موضحا إسهام البعثات في اكتشاف مواقع جديدة وإثراء السجل الوطني، ورفد ملفات تسجيل المواقع العُمانية في قائمة التراث العالمي لليونسكو.

واختُتمت الجلسة بورقة للدكتورة أمل بنت سيف الخنصورية، مشرفة تاريخ بوزارة التربية والتعليم، بعنوان (بواكير الخدمات الصحية الحديثة في ظفار في القرن العشرين)، سلطت الضوء على الأوضاع الصحية في ظفار خلال النصف الأول من القرن العشرين، متتبعة دور الإرسالية الأميركية العربية والأطباء الأجانب مثل الدكتور ستورم والدكتور ويلز طومس، حتى افتتاح مستشفى صلالة عام 1972 الذي شكّل نقطة تحول بارزة.

يشار إلى أن ندوة (ظفار في ذاكرة التاريخ العُماني) التي نظمتها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع محافظة ظفار على مدى ثلاثة أيام، شهدت مشاركة واسعة من الباحثين والمؤرخين والمهتمين، وتخلل الندوة جلسات علمية ثرية ناقشت تاريخ المحافظة وحضارتها عبر العصور، بدءًا من النقوش واللغات القديمة وصولًا إلى حضورها في الأدب والصحافة العربية الحديثة.

«ظفار فـي ذاكرة التاريخ العماني» توصي بتعزيز البحث العلمي متعدد التخصصات فـي دراسة تاريخ المحافظة وحضارتها
«ظفار فـي ذاكرة التاريخ العماني» توصي بتعزيز البحث العلمي متعدد التخصصات فـي دراسة تاريخ المحافظة وحضارتها
«ظفار فـي ذاكرة التاريخ العماني» توصي بتعزيز البحث العلمي متعدد التخصصات فـي دراسة تاريخ المحافظة وحضارتها