الثلاثاء 16 سبتمبر 2025 م - 23 ربيع الأول 1447 هـ
أخبار عاجلة

ما هذا الانفلات؟

ما هذا الانفلات؟
الثلاثاء - 16 سبتمبر 2025 01:00 م

أ.د. محمد الدعمي


يجد المرء صعوبة بالغة كَيْ يفهم «استنكار» الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للعمليَّة العدوانيَّة «الإسرائيليَّة» الَّتي طالت الدوحة، عاصمة دولة قطر الشقيقة: فكيف يُمكِن أن يبرر الرئيس هذا الرفض أو الاستنكار، إذا كان هو الَّذي يدجج «إسرائيل» بالسلاح على أشد أنواعه فتكًا، بل ويتسابق مع منافسيه الأوروبيين في مضمار تجهيز الجيش «الإسرائيلي» بكُلِّ ما من شأنه إبقاء اليد العُليا (عسكريًّا) للكيان الصهيوني على حساب كُلِّ العرب، على نَحْوٍ يحرج أصدقاء أميركا قَبل أعدائها عبر منطقة الشرق الأوسط، بدليل «تجاهل» رئيس الحكومة «الإسرائيليَّة» واشنطن وإرادتها عند توجيه ضربات جويَّة لأهداف معيَّنة في العاصمة القطريَّة قَبل بضعة أيَّام.

لا يجد رئيس الحكومة «الإسرائيليَّة» بنيامين نتنياهو حرجًا في تنفيذ هذه العمليَّة، ناهيك عن أنَّه بذل كُلَّ ما يُمكِن لاستبعاد اسم البيت الأبيض عنها، بوصفها عن عمليَّة «إسرائيليَّة» صرفة، لا علاقة لواشنطن بها، بمعنى أنَّها عمليَّة خُططت ونُفذت دون عِلم الإدارة الأميركيَّة. والحقُّ، فإنَّ هذا ادعاء بعيد المنال، خصوصًا عندما يأتي الأمر إلى تصديقه من قِبل الدول العربيَّة، تلك الدول الَّتي تعلم وتدرك جيِّدًا أنَّ نتنياهو لا يُمكِن أن يُقدِم على مثل هذه الأعمال الإجراميَّة الَّتي منحته صفة «مُجرِم حرب»، هو ووزير دفاعه السابق، «جالانت». هو لا يُمكِن أن يُقدِم على ذلك العمل العدائي ضدَّ دَولة بعيدة جدًّا عن الكيان الصهيوني، دَولة صديقة لأميركا وللغرب عامَّة، إلَّا بعد أن يطمئنَّ من أنَّ نتائج العمليَّة العسكريَّة لن تؤثرَ على «تأييد» واشنطن وسواها عمَّن عواصم حلف النَّاتو Nato لـ«إسرائيل» قط.

التسليح الأميركي والدَّعم المالي الغربي هما، في حقيقة الأمر، تفويضان ضمنيَّان يمنحان «إسرائيل» صفة القوَّة العمياء المنفلتة، المخوَّلة بالذَّهاب حد تونس والجزائر، ما دامت أميركا تجهزها بالقاصفات والمقاتلات القادرة على قطع مثل هذه المسافات الطويلة، ناهيك عن تجهيزها بالطائرات القادرة على إعادة تزويد قاصفاتها بالوقود (وهي في الجو) كَيْ تُضاعف المسافات أعلاه، لتصبح «إسرائيل»، بكُلِّ كفاءة، «بلطجي» الشَّرق الأوسط الَّذي لا يتوانى عن أيِّ فعل عدواني ضدَّ كُلِّ مَن يفكِّر في استقبال الفلسطينيين، من حماس أو من سواها، على أمل القضاء على فكرة «دولة فلسطينيَّة» يُمكِن أن يؤيدَ تأسيسها كُلُّ منصف في أوروبا أو بقيَّة دول العالم الآن وإلى الأبد!

أ.د. محمد الدعمي

كاتب وباحث أكاديمي عراقي