الاثنين 15 سبتمبر 2025 م - 22 ربيع الأول 1447 هـ
أخبار عاجلة

ضحايا البتر فـي غزة .. معاناة تتفاقم

الاثنين - 15 سبتمبر 2025 02:04 م


القدس المحتلة ـ «الوطن »:

في أحد الفصول الدراسية المدمّرة بمركز إيواء في مدينة غزَّة، جلست المواطنة ساجدة البابا إلى جوار طفلها رجب، الذي لم يتجاوز الثامنة من عمره، وهو يتألم من ساق مبتورة وكسور متفرقة في جسده الصغير. لم تعد ضحكاته ولا دراجته الهوائية حاضرة في يوميات العائلة. ما تبقى هو دموع متقطعة تصاحب كلمات طفل يرفض النظر إلى قدمه المبتورة ويصرخ لأمه: «أنا بدي أغطّي رجلي».

رجب واحد من آلاف الأطفال الذين حوّلتهم حرب الإبادة المستمرة التي تشنها «إسرائيل» إلى مبتوري أطراف، يعيشون دون أطراف صناعية أو كراسي متحركة أو أدوات مساعدة، محرومين من أبسط حقوقهم في العلاج والتنقل.

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يؤكد في تقرير حديث له أن سلطات الاحتلال منعت إدخال الأدوات المساعدة لذوي الإعاقة ومبتوري الأطراف، بما يشكّل حكمًا بالإعدام البطيء لهم.

وسط التهجير القسري الجديد، يواجه عشرات الآلاف من ذوي الإعاقة خطر الموت الوشيك، إذ لا يملكون وسيلة للفرار عند القصف أو النزوح.

التقارير الحقوقية تشير إلى أن منظمة الصحة العالمية نفسها أقرت بأن الاحتلال حرم أكثر من 83% من الأشخاص ذوي الإعاقة من الوصول إلى هذه الأدوات بحجة ما يسمى «الاستخدام المزدوج». هذا المنع جعل كثيرين يزحفون لمسافات طويلة وسط الركام للهروب أو للبحث عن علاج، ما ضاعف من إصاباتهم.

ومنذ أكتوبر 2023 وحتى اليوم، سجّلت وزارة الصحة في غزَّة نحو 4800 حالة بتر وإصابة دماغية أو في الحبل الشوكي. نصفهم تقريبًا أطفال وشباب، معظمهم فقدوا أطرافهم نتيجة غياب المستلزمات الطبية والجراحية، إذ تحوّل البتر إلى الخيار الوحيد للأطباء لإنقاذ الأرواح.

الأرقام تكشف أن غزَّة باتت من أكثر بقاع العالم التي تضم أطفالًا مبتوري أطراف، في مشهد يختزل المأساة الإنسانية الأشد قسوة.

حمزة عبد نصر، 33 عامًا، من مخيم جباليا، فقد قدميه في قصف «إسرائيلي». اليوم يعيش في مدينة غزَّة على كرسي متحرك متهالك لا يقوى على اجتياز الطرقات المدمرة. يقول: «أكبر خوفي أن يصدر أمر إخلاء جديد. أنا مبتور القدمين ولا أملك كرسيًّا كهربائيًّا يساعدني على الحركة. مع أي إخلاء سأُترك للموت، وعائلتي ستبقى عالقة معي وسط الخطر لأنها لن تتخلى عني». هذه الشهادات الإنسانية تكشف جانبًا من واقع آلاف المصابين الذين حُرموا من العلاج الطبيعي، ومن السفر لتلقي الرعاية الخارجية. من أصل 953 مريضًا حصلوا على تحويلات للسفر لم يتمكّن سوى 54 شخصًا فقط من مغادرة القطاع، ما يعني ترك البقية في مواجهة الألم والمعاناة اليومية.