يسعى حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا إلى فتح الباب أمام ترشُّح الرئيس رجب طيب أردوغان للرئاسة مجددًا، من دون اللجوء إلى تعديل الدستور، الَّذي يحدِّد فترة الرئاسة بولايتين.
في حال تعذَّر إجراء انتخابات مبكرة، فإنَّ الحل الثاني لأردوغان، كَيْ يترشح لولاية رئاسيَّة جديدة، هو إجراء تعديل دستوري، لا تعديل دستوري يحتاج لموافقة (400) عضو في البرلمان من أصل (600) قبيل عرضه للاستفتاء الشَّعبي، ولكن يمتلك «تحالف الشَّعب» الَّذي يشمل حزبي «العدالة والتنمية» و»الحركة القوميَّة» (323) عضوًا، وهذا يعني أنَّه لا يُمكِنهم فرض التعديل إلَّا إذا تحالفوا مع أحزاب أخرى.
قد يفتح هذا المجال أمام مصالحة بَيْنَ «العدالة والتنمية» وباقي الأحزاب الكرديَّة، الأمر الَّذي من شأنه ـ إن حصل ـ أن يسهم في دعم التعديل الدستوري الَّذي يتيح لأردوغان الترشح، وكذلك كسب الصوت الكردي الَّذي يُعَدُّ «بيضة قبان»، مما قد يسهم بالفعل بفوز أردوغان بالانتخابات.
ووسط هذا الجدل فإنَّ ترشح أردوغان حاليًّا غير متاح دستوريًّا؛ لذلك إذا أراد الترشح يَجِبُ أن يكُونَ هناك تعديل دستوري، والتعديل الدستوري أيضًا يحتاج إلى توافق واسع، ولا يُمكِن لحزب العدالة والتنمية وحده فرض هذا التعديل، الأمر الَّذي سيدفع الحزب إلى إجراء تحالفات جديدة، فيحتاج لدعم أكثر من الأحزاب القوميَّة الأخرى.
من جانبه اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المعارضة في تركيا بـ»محاولة خداع الشَّعب». في الانتخابات الرئاسيَّة الماضية، فاز أردوغان بالانتخابات بنسبة (52%) من إجمالي عدد الأصوات. غير أنَّ انتخابات البلديَّة، في مارس 2024، ألحقت هزيمة تاريخيَّة بحزب العدالة والتنمية، ليصبح الحزب الثاني في تركيا بعد حزب الشَّعب الجمهوري.
وتؤكد المعارضة أنَّ دستور البلاد هو مسألة مقدَّسة، ولا يُمكِن العبث به كيفما نشاء؛ لأنَّ القانون والدستور لا يسمحان لأردوغان بالترشح، وإن تم تعديل الدستور أو إجراء انتخابات مبكرة فقد يجد أردوغان مخرجًا قانونيًّا، لكنَّه بالتأكيد لن يفوز.
وفي عام 2017، أُجري استفتاء شَعبي لتعديل الدستور التركي بما يسمح بتغيير نظام الحكم في تركيا من نظام برلماني إلى رئاسي.
ومنحت التعديلات صلاحيَّات جديدة لمنصب الرئيس، وينص القانون التركي على أنَّ «أيَّ دستور جديد يَجبُّ ما قَبله»، بمعنى آخر فإنَّ الدستور يسمح بالرئيس بالترشح لولايتين رئاسيتين مدَّة كُلِّ ولاية (5) سنوات، وفي حال تمَّ إجراء التعديل سيبدأ عد الولايات من جديد، ولا تُحسب الولايات السابقة. وعلى هذا الأساس يُمكِن أن يبني أردوغان قانونيَّة ترشحه لولاية ثالثة في 2028 في حال تمَّ تعديل الدستور، فيما ترفض المعارضة إجراؤها في 2027 قُبيل عام واحد من نهاية الولاية الحاليَّة لأردوغان.
ودعا أردوغان إلى وضع دستور جديد لتركيا. وحضَّ المعارضة على المشاركة في إقراره، فردَّ زعيم المعارضة رئيس «حزب الشَّعب الجمهوري» على دعوة أردوغان لحزبه، الَّذي يمتلك ثاني أكبر كتلة برلمانيَّة بعد حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، بأنَّه «لا يستطيع المشاركة في إعداد دستور جديد مع مَن لا يحترمون الدستور الحالي، وقرارات المحكمة الدستوريَّة، ومحكمة حقوق الإنسان الأوروبيَّة».
وبناءً على ذلك، فإنَّ الطريق الوحيد أمام أردوغان للترشح دون تعديل للدستور هو أن يتحرك البرلمان لتجديد الانتخابات بطلب من (360) نائبًا، وهي أغلبيَّة لا يملكها حزبا «العدالة والتنمية» و«الحركة القوميَّة» معًا وتحتاج إلى تحالفات مع أحزاب أخرى لبلوغ الهدف.
أحمد صبري
كاتب عراقي