الخميس 18 سبتمبر 2025 م - 25 ربيع الأول 1447 هـ
أخبار عاجلة

المولد النبوي فـي القرآن «3»

الأربعاء - 03 سبتمبر 2025 01:05 م
20

أيها الأحباب.. ومن الدلائل القرآنية التي تبارك مولد النبي (صلى الله عليه وسلم) وتدعونا لذلك (سورة الفيل) بكاملها، فقد ولد النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذا العام عام الفيل، وهو العام الذي حاول فيه أبرهة هدم الكعبة،

فهزمه الله شر هزيمة وارسل عليه طيرًا أبابيل، والمتأمل فيها يجد أن هناك رابطة قوية بين مولده (صلى الله عليه وسلم) وبين حماية البيت الحرام، ويُعدّ ذلك من دلائل فضله وفضل نبوته المبكرة، ولتقوية تلك الرابطة بين هلاك أصحاب الفيل ومولده الشريف (صلى الله عليه وسلم) بالرجوع إلى المصادر التاريخية نجد أنها تكاد تكون أجمعت على أن النبي وُلد يوم الإثنين، في الثاني عشر من ربيع الأول، مثل:(السيرة النبوية) لابن هشام،

و(الشفا) للقاضي عياض.. وغيرهما، مما يجعل هذا اليوم مناسبة للاحتفاء والذكرى العطرة، ولم لا نحتفل بمولده ولولاه ما كنا مسلمين إذن كيف نسلم مالم يرسل؟ ومن جميل ما قيل في ذلك، ما قاله الإمام السيوطي في كتابه (حسن المقصد في عمل المولد): (إن الاحتفال بالمولد النبوي هو تعبير عن المحبة لشخصه الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويستدل بآيات كثيرة، ولِمَ لا يكون مولده فرحًا وسعادة، وهو الذي بعثه الله فينا منّةً وتفضّلًا وزيادة، فالله

قد منَّ على الْمُؤْمِنِينَ أي: من قومه أو من العرب مطلقًا أو الذين آل أمرهم إلى الإيمان إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ أي: بينهم رَسُولًا عظيم القدر جليل الشأن مِنْ أَنْفُسِهِمْ أي من نسبهم، أو من جنسهم عربيًا، فيسهل التلقي منه ليفهموا كلامه بسهولة ويفتخروا على سائر أصناف نوع بني آدم، وإما ليفهموا ويفتخروا ويكونوا واقفين على أحواله في الصدق والأمانة فيكون ذلك أقرب إلى

تصديقه والوثوق به ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتخصيص المؤمنين بالامتنان مع عموم نعمة البعثة..) (تفسير الألوسي ج2، ص: 325)، وهذه الآية السابقة التي ذكرها الألوسي تدل على أن القرآن يفتح الباب على مصراعيه، ويلفت النظر إلى كل مجال للاحتفاء بالنعمة وهي النبي (صلى الله عليه وسلم)، بل هو بأبي أمي أعظم نعمة أُرسلت للبشرية، فحق لنا الاحتفال بمولد الرحمة والنعمة والمنة، والهداية، والنبوة، والنور، ولو تأملنا الآيات

القرآنية الكريمة التي جاءت بهذه المعاني لوجدنا أن احتفالنا به (صلى الله عليه وسلم) يتفق مع المقاصد القرآنية الكبرى، ولا يفوتني أن انبه إلى أن المولد النبوي الشريف ليس مجرد مناسبة تاريخية تمر علينا كل عام، لا والله، بل هو حدث قرآني تحدث عنه القرآن، وحدث وروحي يحقق لنا الإيمان، وحدث تربوي يحسن أخلاق الإنسان، ألم تتجلى فيه معاني الرحمة، والاصطفاء، والهداية؟ والأدلة من استقراء الآيات الكريمة، وكتب التفاسير،

والسياقات التاريخية عند كتب السير، كثيرة جدًّا لتحصى في هذه الكلمات المحدودة، والخلاصة أن القرآن الكريم وإن لم يذكر المولد بشكل مباشر، إلا أنه يتضح لنا من العديد من آياته الكريمة التي وردت في العديد من السور كـ(آل عمران، ويونس، ومريم، والأنبياء، والأحزاب، والفتح)، أنه احتفى برسول الله (صلى الله عليه وسلم) اختفاءً ضمنيًا من خلال وصفه والحديث

عن نشأته، وعظيم رسالته، وعلو مكانته، والتذكير بسيرته، والاقتداء بأخلاقه.. صلوا عليه وسلموا تسليما .

محمود عدلي الشريف 

 [email protected]