الأربعاء 03 سبتمبر 2025 م - 10 ربيع الأول 1447 هـ
أخبار عاجلة

أضواء كاشفة : عام دراسي مفعم بالأمل والنجاح

أضواء كاشفة : عام دراسي مفعم بالأمل والنجاح
الثلاثاء - 02 سبتمبر 2025 01:37 م

ناصر بن سالم اليحمدي

150


شقَّت مَسيرة النَّهضة العُمانيَّة الحديثة طريقها في مواجهة كثير من التَّحدِّيات شاهرة سلاحَي العِلم والعمل الجادَّيْن، فحقَّقتْ ـ بفضل الله تعالى والفِكر الثَّاقب والرُّؤية المستنيرة للقيادة الحكيمة، وتكاتف سواعد أبنائها المخلِصِين ـ من الإنجازات ما لم يستطع غيرها تحقيقه في هذه الفترة الزمنيَّة الوجيزة.. حيثُ وضعتْ قيادتنا الحكيمة هدف بناء الإنسان قَبل البنيان، واعتباره شريكًا أساسيًّا في مَسيرة البناء، ووضعتِ الخطط التَّي جعلتْ من المواطن هدف التَّنمية وليس أداتها فقط.

ومن أعظم إنجازات النَّهضة الحديثة الارتقاء بالمَسيرة التَّعليميَّة فنجد أنَّ عدد المدارس ارتفع من ثلاث عام 1970 تضمُّ (900) طالب فقط حتَّى وصل إلى (1303) مدرسة حكوميَّة في كافَّة محافظات وولايات سلطنة عُمان هذا العام، وبها أكثر من نصف مليون طالب وطالبة موزَّعين على مختلف المراحل الدراسيَّة.. وليس الكَم هو ما تطوَّر فقط، بل الكَيف أيضًا حيثُ نشاهد بوضوح تقدُّمًا ملحوظًا ومتواصلًا لمَسيرة التَّعليم وتطوُّرًا ملموسًا للمناهج الدِّراسيَّة وطريقة التَّدريس الَّذي أصبح يعتمد على الذَّكاء الاصطناعي، إلى جانب تزويد المدارس بأحدَث الأجهزة والأدوات التَّي تقرِّب الطلاب من التَّسارع التّكنولوجي، ناهيك عن دراسة برامج الرَّقمنة المتعدِّدة وكافَّة مفردات التِّقنيَّة الحديثة لِمُواكبة العصر.. وفي ذات الوقت لم تغفلْ وزارة التَّربية والتَّعليم عن التَّركيز في مناهجها على التَّمسُّك بالقِيَم العُمانيَّة الأصيلة والانتماء الوطني ومكارم الأخلاق، والكثير من المبادئ التَّي تخلق أجيالًا واعية راقية خلوقة تُعلي من شأن الوطن.

لقَدِ انتظم أبناؤنا الطلاب في صفوفهم المختلفة بعد أن هيَّأت لهم وزارة التَّربية والتَّعليم المدارس بكافَّة مَرافقها وأجهزتها وأثاثها وإعداد هيئاتها التَّدريسيَّة والإداريَّة والفنيَّة وغير ذلك من الاستعدادات، لِتبدأَ البلاد بذلك خطوة جديدة في مَسيرة تنمية الإنسان العُماني الَّذي تعوِّل عَلَيْه مهمَّة النُّهوض والوصول بها للمعالي.. فإعداد أجيال المستقبل وتأهيلها هو الأساس الَّذي تُبنى عَلَيْه التَّنمية الوطنيَّة.

لا شك أنَّ كُلَّ أبٍ فخور بأبنائه الطَّلبة، ويشعر بسعادة بالغة وهم يحملون كتُبهم كسلاح يذهبون به إلى المدرسة، وكُلُّه أمل في أن يحافظوا على ثمار مَسيرة النَّهضة ويضمنوا لها استمراريَّتها.. إلَّا أنَّ هناك الكثير من الأفكار تَدُور برأسه تصيبه بالقلق مع كُلِّ بداية عام دراسي جديد مِثل إهدار الطَّالب لوقتِه فيما لا يُفيد، خصوصًا في ظلِّ التَّطور التَّكنولوجي الَّذي تعدَّدتْ وسائله ونجحتْ باقتدار في إلهاء الشَّباب وصرف انتباههم عن أيِّ أعمال مفيدة، سواء الهاتف النقَّال أو الإنترنت أو غيرها من وسائل التَّرفيه التَّي لا طائل من ورائها في فترة الدِّراسة بالذَّات.. كذلك تصاعد وتيرة الشَّد والجذب بَيْنَ الأبناء والآباء بسبب أداء الواجبات المدرسيَّة والمذاكرة.. إلَّا أنَّها كُلَّها أمور يُمكِن لربِّ الأُسرة تدبيرها بشيء من الحكمة.

إنَّ مسؤوليَّة المؤسَّسة التَّعليميَّة عظيمة في تنشئة أبنائنا، إلَّا أنَّها وحدها ليس بإمكانها غرس القِيَم العُمانيَّة الأصيلة في نفوسهم، بل يَجِبُ أن تتكاتف الأُسرة والمُجتمع ككُلٍّ بكافَّة مؤسَّساته الإعلاميَّة والثَّقافيَّة والرِّياضيَّة وغيرها مع المدرسة منذُ سنوات الأبناء الأُولى لإيجادِ جيلٍ واعٍ قادر على حمل لواء مَسيرة النَّهضة والتَّنمية وبما يُحقِّق طموحات الآباء والوطن فيهم.

لقد وضعتِ الدَّولة خطَّة طموحة لتحقيقِ مستقبل يرتكز على المعرفة تنفيذًا لرؤية «عُمان 2040».. إيمانًا مِنْها بأنَّ العالم يتطور بسرعة جنونيَّة تحتاج لمتابعة مستمرَّة حتَّى يُمكِن ملاحقتها، ونحمد الله أنَّ خطط التَّعليم تَسير نَحْوَ الأمام بخُطى وثَّابة وعلى أكمل وجْه، والمخرجات من الُكليَّات والمعاهد المختلفة خير دليل على ذلك.. فمُعْظمها ذو كفاءة عالية يفي بمتطلَّبات السُّوق ويُواكب التَّطوُّر التَّكنولوجي الَّذي يشهده العالم، والإحصاءات العديدة تثبتُ ذلك.

لا شك أنَّ الدَّولة ما زال أمامها الكثير من الآمال والطُّموحات التَّي ترجو تحقيقها عن طريق الأجيال التَّعليميَّة في مراحلها المختلفة.. فالمسؤوليَّة جسيمة وعلى الجميع الصَّغير والكبير أن يعيَ دَوْره جيِّدًا حتَّى يستطيعَ أن يكُونَ على قدره فيؤدِّي ما عَلَيْه كما يَجِبُ.

ندعو الله أن يجعلَ هذا العام الدِّراسي عام جِدٍّ واجتهاد وتفوُّق ونجاح باهر لجميع أبنائنا الطلاب.. ونرجو مِنْهم جميعًا أن يبذلوا الجهد والإخلاص والتَّفاني من أجْلِ تحقيق إنجاز علمي مشرِّف، ونتمنَّى أن ينعم الطلاب بحياة علميَّة وعمليَّة موفَّقة، وأن يتزودَ الأهل بالمزيد من التَّعاون والصَّبر.. وكُلُّ عام والجميع بخير.

ناصر بن سالم اليحمدي

كاتب عماني