الدَّعوة الَّتي قدَّمها زير الماليَّة «الإسرائيلي» بتسلئيل سموتريتش إلى حكومته لتحقيق ما يتوهَّم أنَّه (انتصار نهائي في غزَّة) وذلك من خلال البدء بضم مناطق من قِطاع غزَّة والضغط على سكان شماله للنزوح نَحْوَ جنوبه تفتقر إلى الوسائل الواقعيَّة لتحقيق هذا الانتصار، خصوصًا وأنَّه منذُ بدء الحرب لا تمرُّ فترة إلَّا ونشهد خلالها ما تصفه «إسرائيل» بـ(إنذار نهائي).
والخطَّة الَّتي تحدَّث عَنْها سموتريتش في مؤتمر صحفي في القدس المُحتلَّة لـ»الانتصار في غزَّة بحلول نهاية العام» تَقُوم على توجيه إنذار نهائي إلى حركة حماس لتسليم أسلحتها وإطلاق سراح الأسرى «الإسرائيليِّين» في غزَّة وإلَّا تَقُوم «إسرائيل» بضم جزء من القِطاع كُلَّ أُسبوع لمدَّة أربعة أسابيع، ممَّا يجعل معظم قِطاع غزَّة تحت السيطرة «الإسرائيليَّة» الكاملة.. وخلال تلك الفترة، سيُطلب من الفلسطينيِّين الانتقال إلى جنوب غزَّة، ثم ستفرض «إسرائيل» حصارًا على شمال ووسط القِطاع لهزيمة أيِّ مقاتلين متبقين من حماس.
لكنَّ أوهام سموتريتش تصطدم بعدد من القيود حيثُ إنَّ «إسرائيل» وإن كانت تمتلك فائضًا من القوَّة العسكريَّة استطاعت من خلاله على مدار ما يقارب العامين ـ منذُ بدء الحرب في أكتوبر 2023 ـ دخول أيِّ بقعة تختارها في غزَّة، والعمل على التنكيل بسكانها وإجبارهم على النزوح القسري، فإنَّ الإبقاء على هذا الوضع على مدى طويل عَبْرَ السيطرة على القِطاع يحتاج وجودًا عسكريًّا كثيفًا وطويل الأمد، ناهيك عن ما ستواجهه «إسرائيل» من ضغوط قانونيَّة دوليَّة لما سيصاحب هذا التنفيذ من انتهاكات وجرائم حرب، خصوصًا وأنَّ المجاعة والأزمة الإنسانيَّة في غزَّة ـ والَّتي يبدو أنَّها أشياء لا تلفتُ «إسرائيل» إِلَيْها ـ ولكنَّها ترفع كلفة الاستمرار في نهج «القوَّة الغاشمة» سياسيًّا ودبلوماسيًّا، وتُعرِّض الدَّعم الخارجي لـ»إسرائيل» للاهتزاز.
كذلك فإنَّ توجُّه الخطَّة بالضغط على سكان القِطاع للنزوح من شماله إلى جنوبه، ثم إزاحتهم إلى الحدود مع مصر أمر مرفوض بشدَّة من جانب الإقليم بشكلٍ عام، ومن جانب مصر خصوصًا، الَّتي كان لها من التصريحات والمواقف الَّتي وضعت اتفاقيَّة السلام مع «إسرائيل» أمام هذا التوجُّه محذِّرةً من أنَّ هذا النهج «الإسرائيلي» يُهدِّد بإشعال المنطقة.
وهذا الهراء الَّذي ساقه سموتريتش يفتقر إلى واقعيَّة التنفيذ؛ كونه لا يعطي أيَّ ملمح لترتيبات لما بعد ما يراه نصرًا، أما الراغب في أيِّ طروحات واقعيَّة وقابلة للتنفيذ فعَلَيْه العودة إلى المبادرة المصريَّة العربيَّة الَّتي تناولت سُبل إنهاء الحرب وما بعد الحرب من إدارة القِطاع وإعادة إعماره.
هيثم العايدي
كاتب صحفي مصري