يختلف «الحرس القومي» National Guards في الولايات المتحدة الأميركيَّة عن «الحرس الثوري» في إيران وعن «الحشد الشَّعبي» في العراق، كما أنَّه يختلف تمامًا عن قوَّات «الحرس القومي» الَّتي أسَّسها البعثيون في العراق عام 1963، ودليل ذلك هو أنَّ الحرس القومي الأميركي قد أصبح قوَّات عسكريَّة نظاميَّة متخصِّصة لمواجهة الكوارث الطبيعيَّة والأوبئة وأشكال الخراب الدَّاخلي، من فيضانات وهزَّات أرضيَّة وانفجارات وبراكين، من بَيْنِ سواها ممَّا يُمكِن أن يصيب الأُمَّة من مخاطر وجوديَّة ذات آثار طويلة المدى.
وعلى هذا الأساس، قرَّر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نَشْر قوَّات «الحرس القومي» الأميركي عَبْرَ مدينة واشنطن (العاصمة) في سبيل مواجهة الجريمة الَّتي راحت تنتشر هناك، واعدًا بنَشْرِ هذه القوَّات عَبْرَ مُدن أخرى مثل «شيكاغو» و»نيويورك» و»لوس أنجلوس»، من بَيْنِ سواهما من الحواضر الكبرى الَّتي تئنُّ تحت وطأة الجريمة وانتشار الأسلحة الناريَّة بِيَدِ العصابات المنظَّمة.
ولا شك في أنَّ هذا دليل لا يَقبل الشَّك على ما كان يلاحظه نقَّاد «الحياة الأميركيَّة»، أو نقَّاد «الحلم الأميركي» من رزايا ومشاكل مستعصية لم تتمكنِ الإدارات السابقة من معالجتها والقضاء عَلَيْها. لذا، جاء قرار الرئيس مفاجأة؛ لأنَّه يعني فرض «الأحكام العُرفيَّة» عَبْرَ العاصمة الأميركيَّة، الأمر الَّذي يزعج المواطنين ويضغط على حُريَّاتهم خصوصًا بقدر تعلُّق الأمر بمفارز التفتيش والمداهمات بحثًا عمَّن يحمل السِّلاح والأسلحة الناريَّة غير المرخَّصة، ناهيك عن عد حكَّام الولايات وإداريي هذه المُدُن قرار الرئيس الأميركي تجاوزًا بوصفه إدانة لهم وإدانة لأنواع أجهزة محاربة الجريمة، مثل الشُّرطة والبوليس السِّري ومكتب التَّحقيقات الفيدرالي FBI، من بَيْنِ سواها من الأجهزة المتخصِّصة!
أمَّا قرار توسيع نَشْر قوَّات الحرس القومي إلى مُدُن أخرى تعاني من انتشار الجرائم وانفلات الأمن وممَّا سواها من الممارسات الجرميَّة وغير القانونيَّة، فهو الدَّليل على مآسي وكوارث الجرائم وسواها من الأنشطة غير القانونيَّة الَّتي مرَّغت «الحلم الأميركي» بالوحل طوال العقود السابقة حتَّى غدا هذا «الحلم الأميركي» مدعاةً للتندُّر، لبالغ الأسف .
وما أحوجنا، في بعض الحواضر العربيَّة إلى دعم قوَّات البوليس والأمن بحرس قومي من هذا النَّوع، شريطة أن لا يتحول إلى شيء أشْبَه ما يكُونُ أداة بطش وإرهاب!
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي