ضمن تقييم منظمة الإسكوا لعام 2023م
مسقط ـ «الوطن»:
تقدَّمت سلطنة عمان ممثلة في مركز حماية المنافسة ومنع الاحتكار بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في مجال قوانين حماية منافسة بيئة الأعمال في البلدان العربية وممارسة إنفاذها والتزامها باتفاقيات التجارة الدولية الموقعة بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجمهورية سنغافورة (0.53) نقطة خلال العام 2023م. وذلك ضمن التقييم السنوي الذي تنفذه منظمة الإسكوا حول (الأطر التشريعية لبيئة الأعمال في البلدان العربية) والذي من بينها حماية المنافسة. حيث شمل التقرير 22 دولة عربية.
وتعد بيئة الأعمال من العوامل الرئيسية التي تؤثر على استدامة الاقتصاد وتطوره، وتؤدي سياسات الحكومة والتشريعات القانونية دورًا حاسمًا في تحديد مدى جاذبية الدولة للاستثمار وتحفيز الابتكار.
وقالت نصرة بنت سلطان الحبسية مدير عام مركز حماية المنافسة ومنع الاحتكار بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار: إن التقييم التي نشرته منظمة الإسكوا في مجال قانون حماية المنافسة إعتمد على مؤشرات محددة تستند إلى أفضل الممارسات الدولية وهو يهدف إلى تبيان نقاط القوة والضعف في التشريعات المتعلقة بترسيخ الممارسات المنصفة في السوق، وحماية حقوق المستهلك، وتوفير بيئة أعمال شفافة مواتية للمستثمرين، وتعزيز حوكمة الشركات، وإتاحة الإصلاح الاستراتيجي الذي يسهم في تحسين بيئة الأعمال وزيادة النمو الاقتصادي.
وبيَّنت نصرة الحبسية أن التقييم اعتمد على أساس هذه المؤشرات المستخدمة لتقييم الإطار القانوني في كل بلد، وآليَّة قياس النتائج تبدأ بقيمة (صفر) أي ضعيف وتنتهي بقيمة (7) أي قوي جدًّا، وكلَّما ازدادت النقاط، كان ذلك إشارة إلى توافق أكبر مع نظام الإسكوا والمعايير الدولية، واستخدم البحث أيضًا لتصنيف بلدان المنطقة، ما يحسن تحليل الاتجاهات الإقليمية، ويضمن إجراء تقييم شامل للأطر التشريعية. وأوضحت نصرة الحبسية أن سلطنة عمان ممثلة في وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في خطوة نحو إنفاذ قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار الصادر بالمرسوم السُّلطاني رقم 67/2014 وتعزيزها، حيث أظهر التقرير تحسنًا ملموسًا في مجال إنفاذ القوانين بحيث ارتفع المؤشر من 4.67 في 2020 إلى 5.09 في 2023، للمنافسة مما يبرز التزام الحكومة بتعزيز التنافسية ودعم القطاع الخاص، حيث إن مكوّن ممارسات إنفاذ قوانين المنافسة يركز على فعالية ممارسات إنفاذ قوانين المنافسة وما إذا كانت ناجعة أو لا وذلك عبر فحص الأحكام التشريعة والعقوبات على المخالفات واستقلالية الهيئات التنظيمية المسؤولة عن ضمان الامتثال لقوانين المنافسة حيث عدد من دول المنطقة العربية أحرزت تقدمًا في هذا المكوّن حيث لا تزال المرتبة الإجمالية للمنطقة هي «متطور» وأنشأت بلدان مثل سوريا والعراق سلطة مستقلة للمنافسة تتمتع بصلاحيات عدة بحكم دورها ومنها إجراء تحقيقات استباقية وعلى الرغم من ذلك لا تزال الفجوات قائمة في بلدان أخرى. وقالت: بالنسبة لمؤشر مكافحة الهيمنة هناك تحسن في مكافحة الهيمنة، حيث ارتفع المؤشر من 5.44 في 2020 إلى 5.6 في 2023، مما يشير إلى الجهود الجادة في التصدي للهيمنة في السوق والسلوكيات المنافية للمنافسة، مشيرة إلى أن وزاة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار أصدرت اللائحة التنفيذية لقانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار الصادرة بموجب القرار الوزاري رقم (18/2020) والتي أسهمت بشكل كبير في تحسين مؤشر تقيم الأطر التشريعية لبيئة الأعمال في سلطنة عمان، حيث تضمنت اللائحة أحكام يجب مراعاتها عند تقدير الهيمنة وهي عددا من العوامل ومنها مدى قدرة الشخص على إحداث تأثير في سعر، أو كمية المنتجات في السوق المعنية، ومستوى المنافسة الفعلية أو المحتملة في ، السوق المعنية، وحصة الشخص ومنافسيه في السوق المعنية، وإمكانية توسع المنافسين الفعليين في المستقبل، أو دخول منافسين محتملين جُدد، ومدى قدرة الشخص، ومنافسيه على الوصول إلى المواد اللازمة للإنتاج، أو قنوات التوزيع، والمبيعات، والسلوك التجاري للشخص في السوق المعنية، والتأثير على وفرة وتنوع المنتجات أو الخدمات البديلة في السوق المعنية، وأثر وصول الشخص إلى السوق المعنية، أو التوسع فيه، أو الخروج منه على أسعار أو حجم توريد المنتجات للشخص في السوق المعنية.
وأشارت نصرة الحبسية إلى أن مكوّن مكافحة الهيمنة والاحتكار يركز على كيفية الحيلولة دون حصول مؤسسات في التحكم أو التأثير على السوق، موضحةً بأنَّه خلال الفترة من 2020 إلى 2023م تحسنت المرتبة الإجمالية للمنطقة العربية في هذا المكوّن من متوسط إلى متطور وذلك نتيجة للجهود التي بذلتها البلدان في المنطقة العربية لتحسين الأطر القانونية التي تتصدى على الأسواق وسلوكيات الاحتكار وأحرزت بلدان عدة تقدمًا كبيرًا في هذا المجال وعلى الرغم من هذا المنحى الإيجابي، تبرز فوارق لا يستهان بها من حيث مستوى التفاصيل التي تتناولها القوانين وآليَّات الإنفاذ ما يؤكد ضرورة مواصلة تعديل القوانين وتحسينها.
وبيَّنت نصرة الحبسية أنه فيما يخص مكوّن الكارتلات والترتيبات المخلة بالمنافسة أظهر هذا المكوّن تحسنًا طفيفًا بالنسبة لتقييم سلطنة عمان في مجال مكافحة الكارتلات والترتيبات، حيث ارتفع المؤشر من 3 إلى 3.5 من 2020 إلى 2023، حيث يقيم هذا المؤشر الإطار القانوني المعتمد لمكافحة الكارتلات والسلوكيات المخلة بالمنافسة ويركز على نجاعة القوانين في التصدي لهذه الممارسات وعلى العقوبات المنصوص عليها للحفاظ على الإنصاف والكفاءة في الأسواق، حيث خطت المنطقة العربية خطوات لا بأس بها في هذا الصدد وتزايد التوجه في تشريعات بلدان المنطقة نحو التصدي للتواطؤ على تحديد الأسعار وتقاسم الأسواق وغيرها من أشكال التواطؤ ولكن كثيرًا ما تفتقر التشريعات إلى تعاريف واضحة للكارتلات وإلى آليَّات محكمة للتصدي لها ونتيجة لهذا القصور قد لاتكون القوانين تامة الفعالية في التصدي للمارسات المخلة بالمنافسة. أما فيما يخص مكوّن اتفاقيات التجارة الدولة، فارتفع المؤشر من 2.8 في 2020 إلى 4.2 في سلطنة عمان خلال العام 2023، مما يُظهر التركيز على تسهيل عمليات التجارة الدولية وتعزيز الاندماج في الاقتصاد العالمي، حيث أن هذا المكوّن يقيم مدى التوافق مع اتفاقيات التجارة الدولية والمعايير العالمية لسياسات المنافسة مع التركيز على مدى الامتثال لأفضل الممارسات الدولية في قوانين المنافسة، حيث سجلت المنطقة العربية مرتبة «متوسط» في هذا المكوّن وتشمل أهم الأمثلة على اتفاقيات التجارة الدولية آليَّة التحكيم لاتفاقية التجارة الحُرة بين دول مجلس التعاون الخليجي وجمهورية سنغافورة وتنسيق سياسات مصر مع متطلبات الكوميسا وعلى الرغم من هذه الخطوات لا تزال الفجوات قائمة مثل الافتقار إلى أحكام تشريعية خاصة بالمنافسة في الالتزامات التي أبرمتها اليمن مع منظمة التجارة العالمية والحاجة إلى تعاريف أوضح للمنافسة وآليَّات لتسوية الخلافات في اتفاقية ليبيا مع الكوميسا حيث يشير التباين في هذا المشهد من ناحية إلى زخم في تحقيق أسواق تنافسية ومن ناحية أخرى إلى ضرورة اتساق سياسات المنافسة وإدراجها بجميع تفاصيلها في اتفاقيات التجارة.
أما مكوّن تحرير الأسواق والتدخلات المتعلقة بالمنافسة سجل ثبات في مكون تحرير الأسواق، حيث سجل المؤشر 3.5 في 2020 وظل 3.5 في 2023، ما يُظهر الاستقرار في المحافظة على الجهود المسبقة، كما أن هذا المكوّن يعمل على التوازن بين تحرير الأسواق والتدخلات المتعلقة بالمنافسة في بعض القطاعات الحيوية حيث يتناول كيفية رصد السلطات لعمليات تحرير الأسواق وانفاذها للإجراءات ذات الصلة وأثر الاستثناءات في بيئة المنافسة حيث لم تحقق بلدان المنطقة العربية القدر من التقدم في هذا المكون فتراوحت النقاط الإجمالية للمنطقة العربية بين (ابتدائي ومتوسط) فحققت السعودية على سبيل المثال بعض التقدم مع قانوان الخصخصة الجديد الذي اعتمدته وشجعت فيه مشاركة القطاع الخاص، وبالمقابل لا تزال سلطنة عمان والبحرين والكويت في مرتبة «متوسط» من جراء القيود القانونية المفروضة على مشاركة القطاع الخاص في بعض الأنشطة. كما أن مصر سجلت خطوات من التقدم بمبادرات مثل الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتشجيع الحياد التنافسي. أما مرتبة (ضعيف جدًّا) في لبنان فتبين المصاعب الجمة التي يواجهها البلد مثل الحاجة إلى قوانين أكثر فعالية للمنافسة ولا سيما ما يتصل بالدور المهيمن للشركات المملوكة للدولة في القطاعات الاستراتيجية.
أما فيما يخص مكوّن حماية العمال فتُظهر البيانات تحسنًا في حماية العمال في سلطنة عمان، حيث ارتفع المؤشر من 2.33 في 2020 إلى 3 في 2023، ما يُظهر التفاعل مع تحسين ظروف العمل وحقوق العمال. حيث إن هذا المكوّن يقيم كيف تستوعب سياسات المنافسة تدابير الحماية للعاملين مع التركيز على شروط عدم المنافسة وآليَّات معالجة المخالفات المتعلقة بالعمال بهدف التأكد من الإنصاف في توزيع مكاسب المنافسة، حيث لا تزال المرتبة الإجمالية لمكون العمال (ابتدائي) في عام 2023م فتقدم بلدان التعاون الخليجي بعض تدابير الحماية للموظفين في حالات الدمج والاستحواذ لكنها تفتقد إلى ضمانات أوسع مثل شروط عدم المنافسة باستثناء سلطنة عمان ولا تتيح البلدان المتوسطة الدخل إلا ضمانات صورية مع ثغراث كبيرة منها الافتقار إلى شروط عدم المنافسة في العديد من هذه البلدان، في حين تقدم أقل البلدان نموًّا ضمانات محدودة على الرغم من أم موريتانيا تحظر شروط عدم المنافسة لحماية الموظفين.
وقالت مدير عام مركز حماية المنافسة ومنع الاحتكار: إن مكوّن أُطر الدمج والمتعلق بالتركيز الاقتصادي فإن سلطنة عمان أظهرت تحسنًا حيث ارتفع المؤشر من 5.83 في 2020 إلى 7 في 2023، فهذا المكوّن يقيم فعالية الأُطر التنظيمية لمعاملات الدمج مع التركيز على الأحكام التشريعية وإجراءات مراجعة معاملات الدمج والاستحواذ والموافقة عليها. حيث لا تزال النتيجة الإجمالية للمنطقة العربية «متطور» في إشارة إلى التزام عام بالرقابة على التركز الاقتصادي والحفاظ على تنافسية الأسواق حيث تصدرت سلطنة عمان والسعودية ومصر وعدد من الدول الخليجية مرتبة «قوي جدًّا» مما يعكس التحسن في جاهزية سلطنة عمان لتيسير عمليات الدمج والاستحواذ وتعزيز الاستثمارات، وذلك بالدرجة الأولى نتيجة للمتطلبات المفصلة لموجب الإخطار السابق لمعاملات الدمج والمعايير الواضحة لتقييمات معاملات الدمج والوضع على النقيض في أقل البلدان نموًّا مثل موريتانيا وجيبوتي حيث لا تزال الأُطر في مراحلها الأساسية ويتطلب تطويرها إرشادات ومعايير بشأن وقائع التركز الاقتصادي. وأكدت نصرة الحبسية أن قوانين المنافسة في المنطقة العربية شهدت تحسنًا طفيفًا حيث سجلت المنطقة في العام الماضي مرتبة «متطور» وهذا التحسن جاء نتيجة لجهود على مستوى المنقطة لتحسين أُطر المنافسة ومعالجة أوجه انعدام الكفاءة في الأسواق، غير أن التقدم لم يكن بالقدر نفسه في جميع انحاء المنطقة إذ تتتباين النتائج من مجموعة بلدان إلى أخرى.


