الأحد 17 أغسطس 2025 م - 23 صفر 1447 هـ
أخبار عاجلة

موقعة نهاوند «2»

الأربعاء - 06 أغسطس 2025 01:52 م
10

أيها الأحباب.. لما اختار الناس النعمان بن مقرن للإمرة الجيش فرضي عمر، يذكر(أن النُّعْمَان بْن مُقَرِّنٍ كَانَ قَدْ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ وهو والي على بلدة تسمى “كَسْكَرَ” وَسَأَلَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ عَنْهَا وَيُوَلِّيَهُ قِتَالَ أَهْلِ نَهَاوَنْدَ - فَلِهَذَا أَجَابَهُ وَعَيَّنَهُ لَهُ، ثُمَّ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى واليه حُذَيْفَةَ بن اليمان أَنْ يَسِيرَ مِنَ الْكُوفَةِ بِجُنُودٍ مِنْهَا إلى نهاوند، وَكَتَبَ أيضًا إِلَى أَبِي مُوسَى الأشعري وكان والياً على البصرة أَنْ يَسِيرَ بِجُنُودِ الْبَصْرَةِ إلى نهاوند، وَكَتَبَ إِلَى النُّعْمَانِ بن مقرن أَنْ يَسِيرَ بِمَنْ معه مِنَ الْجُنُودِ إِلَى نَهَاوَنْدَ، وكان مما كتب إليه “إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ سَلَامٌ عَلَيْكَ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ جُمُوعًا مِنَ الْأَعَاجِمِ كَثِيرَةً قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ بِمَدِينَةِ نَهَاوَنْدَ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَسِرْ بِأَمْرِ الله وبعون الله وبنصر الله بمن مَعَكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى تَأْتِيَ مَاهَ فَإِنِّي قَدْ كَتَبْتُ إِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنْ يُوَافُوكَ بِهَا، فَإِذَا اجْتَمَعَ إِلَيْكَ النَّاسُ فَكُلُّ أَمِيرٍ عَلَى جَيْشِهِ وَأنت الْأَمِيرُ على الناس كلهم”، وكَتَبَ عُمَرُفَإِنْ قُتِلَ النُّعْمَانُ فَحُذَيْفَةُ، فَإِنْ قُتِلَ حُذَيْفَةُ، فنعيم بن مقرن، ويتولى السَّائِبَ بْنَ الْأَقْرَعِ قَسْمَ الْغَنَائِمِ”،فَسَارَ كل من كتب إليهم عمر فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ نَحْوَ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ لِيُوَافُوهُ بِمَاهَ، والجدير بالذكر أن حُذَيْفَةَ سَارَ مَعَه خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ أُمَرَاءِ الْعِرَاقِ، وَقَدْ نظمهم حذيفة فأَرْصَدَ فِي كُلِّ كُورَةٍ مَا يَكْفِيهَا مِنَ الْمُقَاتِلَةِ، وَجَعَلَ الْحَرَسَ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَاحْتَاطُوا احْتِيَاطًا عَظِيمًا، ثُمَّ انْتَهَوْا إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، ووصل الجميع فَكَمُلَ جَيْشُ الْمُسْلِمِينَ فِي ثَلَاثِينَ أَلْفًا مِنَ المقاتلين، ومنهم من سادات الصحابة ورؤوس الْعَرَبِ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَجَمٌّ غَفِيرٌ، وعلم الجميعبكِتَابَ عمر، وأنه اعْتَمِدُهُ القائد فِي هَذِهِ الْوَقْعَة) (البداية والنهاية، مرجع سابق ـ باختصار7/‏ 132).

وأمَّا عن بدايتها:(فَلما سَارَ النَّاسُ نَحْوَ نَهَاوَنْدَ بَعَثَ الْأَمِيرُ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ بَيْنَ يَدَيْهِ طَلِيعَةً مكونة من ثلاثة وهم: طليحة، وعمرو بن معدي كرب الزبيدي، وعمرو بن أبي سلمة لِيَكْشِفُوا لَهُ خَبَرَ الْقَوْمِ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ.فَسَارَتِ الطليعة يوماً وليلة،فرَجَعَ عمرو بن أبي سلمة، ورجع بعده عمرو بن معدي كرب وقال: لم نر أحدا،وخفت أن يؤخذ علينا الطريق، وَنَفَذَ طُلَيْحَةُ وَلَمْ يَحْفِلْ بِرُجُوعِهِمَا فَسَارَ بَعْدَ ذَلِكَ نَحْوًا مِنْ بِضْعَةَ عَشَرَ فَرْسَخًا حَتَّى انْتَهَى إِلَى نَهَاوَنْدَ، وَدَخَلَ فِي الْعَجَمِ وَعَلِمَ من أَخْبَارِهِمْ مَا أَحَبَّ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النُّعْمَانِ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَهَاوَنْدَ شئ يَكْرَهُهُ.فَسَارَ النُّعْمَانُ عَلَى تَعْبِئَتِهِ وَكان عَلَى الْمُقَدِّمَةِ نُعَيْمُ بْنُ مُقَرِّنٍ، وَعَلَى الْمُجَنَّبَتَيْنِ حُذَيْفَةُ وَسُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ، وَعَلَى الْمُجَرَّدَةِ الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَلَى السَّاقَةِ مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْفُرْسِ وَعَلَيْهِمُ قائدهم الْفَيْرُزَانُ، وَمَعَهُ مِنَ الْجَيْشِ كُلُّ مَنْ غَابَ عَنِ الْقَادِسِيَّةِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهُوَ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ أَلْفًا، فَلَمَّا تَرَاءَا الْجَمْعَانِ كَبَّرَ النُّعْمَانُ وَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ ثلاث تكبيرات، فزلزت الْأَعَاجِمُ وَرُعِبُوا مِنْ ذَلِكَ رُعْبًا شَدِيدًا.ثُمَّ أَمَرَ النُّعْمَانُ بِحَطِّ الْأَثْقَالِ وَهُوَ وَاقِفٌ، فَحَطَّ النَّاسُ أَثْقَالَهُمْ، وَتَرَكُوا رِحَالَهُمْ، وَضَرَبُوا خِيَامَهُمْ وَقُبَابَهُمْ.وَضُرِبَتْ خَيْمَةٌ لِلنُّعْمَانِ عَظِيمَةٌ، وَحِينَ حَطُّوا الْأَثْقَالَ أَمَرَ النُّعْمَانُ بِالْقِتَالِ وَكَانَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءَ، فَاقْتَتَلُوا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَالَّذِي بَعْدَهُ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ انْحَجَزُوا فِي حِصْنِهِمْ، وَحَاصَرَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فَأَقَامُوا عَلَيْهِمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، وَالْأَعَاجِمُ يَخْرُجُونَ إِذَا أَرَادُوا وَيَرْجِعُونَ إِلَى حُصُونِهِمْ إِذَا أَرَادُوا.وَقَدْ بَعَثَ أَمِيرُ الْفُرْسِ يَطْلُبُ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ لِيُكَلِّمَهُ، فذهب إليه المغيرة بن شعبة، فذكر من عظم ما رأى عَلَيْهِ مِنْ لُبْسِهِ وَمَجْلِسِهِ، وَفِيمَا خَاطَبَهُ بِهِ مِنَ الْكَلَامِ فِي احْتِقَارِ الْعَرَبِ وَاسْتِهَانَتِهِ بِهِمْ،فَلَمَّا طَالَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ هَذَا الْحَالُ وَاسْتَمَرَّ، جَمَعَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ أَهْلَ الرأي من الجيش، وتشاوروا فِي ذَلِكَ، وَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ أَمْرِهِمْ حَتَّى يَتَوَاجَهُوا هُمْ وَالْمُشْرِكُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ،فَرَدَّ الْجَمِيعُ عَلَيْهِ وَقَالُوا: إِنَّا لَعَلَى يَقِينٍ مِنْ إِظْهَارِ دِينِنَا، وَإِنْجَازِ مَوْعُودِ اللَّهِ لنا..)..وللأحداث بقية.

محمود عدلي الشريف 

[email protected]