الاثنين 04 أغسطس 2025 م - 10 صفر 1447 هـ
أخبار عاجلة

البحث العلمي فـي الجامعات .. إلى أين؟

البحث العلمي فـي الجامعات .. إلى أين؟
السبت - 02 أغسطس 2025 01:01 م

نجوى عبداللطيف جناحي

20


يعجُّ العالَم العربي بالآلاف من الجامعات، والَّتي تضم العديد من التخصصات، سواء في مجال العلوم الإنسانيَّة أو في العلوم التطبيقيَّة أو مجال العلوم الطبيعيَّة، وغيرها من التخصصات، وتقدم الجامعات برامج دراسيَّة مختلفة مثل برامج الدبلوم، أو البكالوريوس أو برامج الماجستير أو برامج الدكتوراه، هذا بالإضافة إلى برامج التدريب المهنيَّة المتخصصة في مجالات مختلفة، وتحت مظلَّة هذه البرامج يقدِّم الطلبة آلافًا مؤلَّفة من الأبحاث العلميَّة كمتطلب لإنهاء مقررات دراسيَّة، وكذلك أبحاث رئيسة كمتطلب للتخرج، كرسائل الماجستير ورسائل الدكتوراه، ناهيك عن الأبحاث الصَّادرة من مراكز الأبحاث التابعة للجامعات، والأبحاث الَّتي تصدرها مراكز الأبحاث الأهليَّة والخاصَّة. حتَّى نجد في نهاية العام الدراسي أنَّنا أمام مئات من الأبحاث العلميَّة تغرق المكتبات، وتعجُّ بها الأدراج. ليس هذا فحسب، فأساتذة الجامعات لا يتوقفون عن إنتاج البحث العلمي، فكُلُّ أستاذ جامعي عَلَيْه أن يكتب أبحاثًا علميَّة، ويلتزم بمعايير معيَّنة بحيثُ يصبح هذا البحث صالحًا للنشر في أحد محرِّكات البحث العلميَّة، أو ينشر في (سكوبس) بحيثُ يصبح مرجعًا لباقي الباحثين، فيستفيد منه الباحثون كمرجع، وينتجون بحوثًا أخرى تودع في المكتبات وهكذا دواليك دواليك، فهي دَوْرة لا تنتهي، ولكن هناك أسئلة تطرح نَفْسها وهي: ماذا بعد تبادل الأبحاث هذه؟ وهل يستفيد المُجتمع من هذه الأبحاث؟ والسؤال الأهم: كُلُّنا نعلم أنَّ كُلَّ بحثٍ ينتهي بتوصيات الباحث، فهل هذه التوصيات تفيد النَّاس والمُجتمع؟ وهل تطبق هذه التوصيات؟ أم أنَّ هذه الأبحاث مجرَّد مهمَّة يَجِبُ أن يؤديها الطالب أو الأستاذ دُونَ أن تترك أثرًا على المُجتمع، وفائدة للإنسانيَّة؟ وكم نسبة التوصيات الَّتي تطبق إلى إجمالي عدد التوصيات الَّتي يوردها الباحثون في دراساتهم ؟ وكم نسبة التوصيات الَّتي طبقت وتركت أثرا في للمُجتمع؟ أسئلة يَجِبُ أن تجيب الجامعات ومراكز الأبحاث عَلَيْها.

ودعونا نصنف الأبحاث العلميَّة إلى نوعين، نوع ينتهي بمنتج أو ما نسمِّيه اكتشافًا أو اختراعًا علميًّا، ليخدمَ البشريَّة كأن يكُونَ جهازًا أو آلة تسهل حياة البَشَر وتذلل الصعوبات لهم، كاختراع المذياع، والمكيف، والعجلة وغيرها من الاختراعات الَّتي هي ثمرة أبحاث علميَّة طويلة، أو أبحاث أنتجت أدوية تنقذ حياة الإنسان أو تحسِّن من جودة حياتهم الصحيَّة، ثمَّ تُحَوَّل هذه المنتجات إلى منتجات تجاريَّة تباع في الأسواق، ويشتريها النَّاس ليستفيدوا مِنْها، أو أبحاث في العلوم الإنسانيَّة كالأبحاث التربويَّة، والأبحاث الاجتماعيَّة الَّتي تقيس الظواهر الاجتماعيَّة بأنواعها كقياس أثر برامج التلفزيون باللغة العاميَّة على لُغة الطفل، وأثر المربيات الأجنبيات على تربية الأطفال، وغيرها من الأبحاث الاجتماعيَّة. وليستفادَ من توصياتها في تعديل سلوك النّاس، وهنا نتساءل: كم عدد الأبحاث الَّتي كان نتاجها منتجات تباع في الأسواق وتخدم البشريَّة؟ وكم عدد الأبحاث الَّتي تعالج قضايا في مجال العلوم الإنسانيَّة والَّتي حسَّنت نتائجها جودة حياة الإنسان؟ فعلى الجامعات أن تجيبَ على هذين السؤولين سنويًّا، وتُعَد هذه الإجابة عبارة عن مؤشِّر لمدى كفاءة البحث العلميَّة وفاعليَّته لدى الجامعة.. وأخيرًا نتمنَّى أن يكُونَ خريجي الجامعات قادرين على تطبيق منهجيَّة البحث العلمي في مجال عملهم وفي حياتهم المهنيَّة ليتصفَ عملهم بالكفاءة العلميَّة والمهنيَّة والحياديَّة... ودُمْتُم أبناء قومي سالِمِين.

نجوى عبداللطيف جناحي

كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية

متخصصة في التطوع والوقف الخيري

[email protected]

Najwa.janahi@