السبت 02 أغسطس 2025 م - 8 صفر 1447 هـ

أصداف : قصة «فشل»... ولكن!

أصداف : قصة «فشل»... ولكن!
الأحد - 27 يوليو 2025 01:00 م

وليد الزبيدي

20


ثُمَّ تدحرج بسرعةٍ وبطريقةٍ لم يتوقَّعها أحَد، شابٌّ طَموحٌ مثل بقيَّة زملائه في الجامعة، يتابع الكثير من الأخبار الَّتي تتحدث عن شبابٍ وشاباتٍ تمكنوا من القفز إلى عالَم النَّجاح في وقتٍ مبكّرٍ جدًّا، وتصدَّرتْ أسماؤهم نشرات أخبار الابتكارات في العالَم. كثيرون حصلوا على الشهرة في بُلدانهم، وآخرون حصلوا على الريادة في سيليكون فالي في الولايات المُتَّحدة، والقائمة طويلة ومعروفة.

نتحدث هنا عن الشَّاب المصري مصطفى قنديل، الَّذي قاد أحد مشاريع النَّقل الذَّكي منطلقًا من مصر، ثَمَّ دبي، والأرجنتين، وتركيا، وباكستان، ونيروبي، والأردن، وغيرها.

هو المدير التنفيذي والشَّريك المؤسِّس لتطبيق سويڤل، المتخصص برقمنة النَّقل الذَّكي.

قصَّة صعود وانهيار هذا التطبيق يعرفها الكثيرون، لكن قد لا يعرف الكثيرون صلابة وشجاعة وقدرات الشَّاب مصطفى، وكيف واجَه مرحلةً في غاية الصعوبة، بل إنَّها المِحنة الحقيقيَّة بِعَيْنِها.

ينحدر مصطفى قنديل من عائلةٍ بسيطة، وكُلُّ طموحه أن يحصل على شهادةٍ جامعيَّة تؤهِّله للعيش مثل بقيَّة أقرانه، ويساعد والدته الَّتي طالما كدَّتْ وتعبتْ في تعليم وتربية أولادها. حصل على وظيفةٍ في إحدى شركات النَّقل الذَّكي المعروفة، وقَبل أن يُكمل سنةً في ذلك العمل، جذبه الطموح ونجاح الكثيرين للتفكير بمشروعٍ يستطيع من خلاله إيجاد الحلول التقنيَّة ومساعدة الملايين في تنظيم النَّقل التشاركي في مصر ودولٍ أُخرى. استقال من وظيفته، وشرع مع اثنين من أصدقائه في بدء مشروعهم، الَّذي فاجأهم بإقبال النَّاس عَلَيْه وسرعة التفاعل معه. وبعد النجاح في القاهرة، قصدوا بالمشروع ذاته مُدنًا ودُولًا أُخرى، وخلال فترةٍ قصيرةٍ بدأتْ وسائل الإعلام والصحافة العربيَّة والغربيَّة تتحدث بإعجابٍ عن المشروع.

مصطفى قنديل أوَّل شخصيَّة عربيَّة يقرع جرس بورصة ناسداك في الولايات المُتَّحدة بعد تسجيل شركته في هذه البورصة العملاقة. وعِندَ الافتتاح، بدأتْ ترتفع أسهمُه في السُّوق العالميَّة حتَّى اقتربتْ من المليار ونصف المليار دولار.

وبسبب جائحة كورونا في عامَي 2020 و2021، وما تركته من قيودٍ صارمةٍ على الحركة، ورُبَّما أيضًا بعض الأسباب الإداريَّة الأُخرى، تسبَّبتْ كُلُّها في نتيجةٍ مؤلمةٍ للشَّركة وكوادرها. أتذكَّر أوَّل خبرٍ صَدمني عِندَما قرأتُ عن تسريح عددٍ كبيرٍ من العاملين فيها، وتوالتِ الأخبار المُزعجة حتَّى خسرتِ الشَّركة (97٪) من قِيمتها السوقيَّة، وتدحرجتْ من القمَّة لتُصبحَ قِيمتها بحدود خمسة ملايين دولار فقط.

ويقول مصطفى قنديل إنَّه دخل في ظروفٍ ماليَّة في غاية الصعوبة، ولم يبقَ معه في المكتب سوى عاملات التنظيف، ولا أحد يردُّ على اتصالاته، وليس لدَيْه مالٌ ليدفعَه للمحامي، وعاد للعيش مع والدته، وهي الَّتي تُعطيه مصروفه اليومي، وهو لا يزال في مقتبل العمر.

قصَّة الشَّاب المصري الطموح تزخر بالدراما، لكن ما نريد التوقُّف عِندَه، هو أنَّه ـ ورغم كُلِّ ذلك ـ لم يدخلْ في عوالم اليأس والكآبة، لتُسيطرَ عَلَيْه دهاليز الفشل والإحباط. مصطفى قنديل، ورغم كُلِّ تلك المآسي، عادَ من جديد، وبدأتْ شركته بالنُّهوض من تحت الصِّفر.

تحيَّة له.

وليد الزبيدي

كاتب عراقي

[email protected]