يُعَدُّ الوقف أحَد أنواع العمل الأهلي الاجتماعي الَّذي يهدف إلى خدمة المُجتمع ومساعدة النَّاس، ويقصد بالوقف هو حبس أصل المال وعدم إنفاقه، والاستفادة من منفعته بشكلٍ مباشر، أو استثماره والاستفادة من عائده، كأن يوقف المُسلِم مزرعة، فيستفيد النَّاس من ثمرها وظلال شجرها أو يستفيدُونَ من إيرادات بيع ثمرها. والوقف أنواع: وهو الوقف الخيري أو ما يُسمَّى بالوقف العام، وهو أن يوقف المال ليستفيدَ مِنْه المُجتمع كالفقراء، أو الأيتام، أو عامَّة النَّاس كوقف آبار المياه الَّتي يشرب مِنْها عامَّة النَّاس، والنَّوع الثاني الوقف الذري أو ما يُسمَّى بالوقف الأهلي وهو ما يستفيد من ريعه ذريَّة الواقف أو أهله وذووه. والنَّوع الثالث هو الوقف المشترك وهو الوقف الَّذي يستفيد من ريعه وثمره ذرية الواقف، والفقراء، أو جميع أهالي المنطقة كأن يقف الواقف مزرعة ويقول ثلث ثمرها لذريتي، والثلث للفقراء والثلث لأهالي المنطقة. والواقع أنَّ الأحكام الَّتي تنظِّم الوقف كثيرة ومتعدِّدة، سواء أحكام تتعلق بعقد الوقف أو مصارفه أو استثماره وغيرها.. من هنا تأتي أهميَّة إطلاق برامج توعويَّة للنَّاس حَوْل الوقف، سواء التَّوعية بفكرة الوقف نَفْسها، وأنواع الأوقاف، وطُرق الوقف، أو بالأحكام الَّتي تنظِّم الوقف الخيري، فعمليَّة التَّوعية أمرًا مهمًّا للتشجيع على الوقف الخيري، ولسلامة إجراءات الوقف الَّذي يجنِّب الواقفين، والمستفيدين من الوقف النزاع. وقد استوقفني المحتوى الوارد في الموقع الإلكتروني للهيئة العامَّة للأوقاف بالمملكة العربيَّة والسعوديَّة، وهي الهيئة المعنيَّة بتنظيم وتطوير وإدارة وتشغيل الوقف الخيري بالمملكة، وقد تأسستِ الهيئة بموجب المرسوم الملكي رقم (م/11) بتاريخ 26/02/1437هـ، لتصبحَ كيانًا مستقلًّا يتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وتعمل الهيئة تحت إشراف رئيس مجلس الوزراء. ولها دَوْر فعَّال في تطوير الوقف حيثُ تلتزم بتطوير قِطاع الأوقاف، بما يُسهم في دعم المُجتمع وتحقيق رؤية 2030 للملكة، وقد بدأتْ مسيرة هيئة الأوقاف في المملكة العربيَّة السعوديَّة بخطوات مدروسة ومتتابعة، فقد أسهمتْ في تطوير قِطاع الأوقاف منذُ إنشاء وزارة الحج والأوقاف سنة 1381هـ، وصولًا إلى صدور نظام الهيئة العامَّة للأوقاف سنة 1437هـ ككيان مستقل 1381هـ، وللهيئة عدَّة إنجازات تسهم في توعية وتوجيه الواقفين والموقوف عَلَيْهم وتوحّد المفاهيم الوقفيَّة بَيْنَ أفراد المُجتمع، لِتكُونَ هذه المفاهيم الصحيحة هي المرجعيَّة للنَّاس عِندَ النزاع حَوْلَ قضايا الوقف، وتكُونُ هي المرجع للراغبِينَ في وقف أموالهم. وتجد أنَّ الموقع الإلكتروني للهيئة يقدِّم مواد توعويَّة حَوْلَ الوقف، ومن المواد التَّوعويَّة الَّتي استوقفتني المنشورة على الموقع الإلكتروني للهيئة إصدار الدليل الاسترشادي الشامل لتصنيف أنواع الوقف، حيثُ يقع هذا الدليل في إحدى عشرة صفحة، منشورة ورقيًّا (PDF) على موقع الهيئة. وهذا الدليل يسهم في نشر المعرفة المتخصصة في مجال تصنيف الأوقاف، ويساعد الواقف على تحديد نوع وقفه عِندَ إنشائه، وما يترتب عَلَيْه من أحكام وإجراءات، كما يتضمن شرحًا للمراجع النظاميَّة الشرعيَّة مِنْها والقانونيَّة. ويتكوَّنُ الدليل الاسترشادي من عدَّة محاور رئيسة وفرعيَّة، حيثُ استهل الدليل بمقدِّمة موجزة، ثم أورد ثلاثة أهداف للدليل، تم استعرض شروط الواقف، وأنواعه، وقد قسم أنواع الوقف إلى ثلاثة أنواع وهي: الوقف العام، الوقف الأهلي والوقف المشترك، ثم عرف كل نوع من أنواع الوقف، وبَيْنَ مصارف كل نوع، وصيغة كل نوع.
وباستعراض تفاصيل ما ورد في هذا الدليل أرى أنَّ هذا الدليل قد أعدَّ بلُغة سهلة ومبسطة ليسهلَ فهمه على العامَّة دُونَ اللجوء لمصطلحات قانونيَّة أو شرعيَّة الَّتي تحتاج لتفسير، كما أرى أنَّ المادة المعروضة جاءتْ شاملة ووافية للقارئ. ومن مميزات هذا الدليل أنَّه قصير تسهل قراءته حيثُ يقع في إحدى عشرة صفحة فقط، واستعرضت مادته في شكل نقاط مما يسهل على العامَّة فهمه. وحيثُ إن الدليل قد ركَّز على تصنيف أنواع الوقف، أرى أنَّه من المفيد للواقفين إلحاقه بجزء يتعلق بمحتويات عقد الوقف، والجوانب الَّتي يَجِبُ أن ينتبه لها الواقف عِندَ صياغة عقد الوقف، وحبذا لو تمَّ التَّوسع في المقدِّمة وإضافة مجالات الوقف الَّتي تشكِّل الحاجات الاجتماعيَّة الأساسيَّة للمُجتمع السعودي، وعمومًا فإنَّ هذا الدليل يُعَدُّ نموذجًا للأدلة التَّوعيَّة في مجال الوقف أو في مجالات خدمة المُجتمع، وفَّق الله القائمين على هذا العمل النبيل، وبارك الله في جهودهم... ودُمْتُم أبناء قومي سالِمِين.
نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
Najwa.janahi@