الجمعة 25 يوليو 2025 م - 29 محرم 1447 هـ

أضواء كاشفة : مسقط الذكية تسطع فـي المحافل الدولية

أضواء كاشفة : مسقط الذكية تسطع فـي المحافل الدولية
الثلاثاء - 22 يوليو 2025 01:40 م

ناصر بن سالم اليحمدي

150

في حضن الجبال وتحت ظلِّ الشَّمس الَّتي لا تخفي وجهها عن الخليج تسطع مسقط.. لا كمدينة عاديَّة، بل كحلم يتشكل على مهل.. مفعم بعبَق التَّاريخ ونبض الحاضر وتطلُّعات المستقبل.. وها هي اليوم مسقط العامرة الذكيَّة تتسامى من خلال مشروع لا يشيّد حجارة ولا يرفع أبراجًا فحسب، بل يرسم وَجْه المدينة من جديد.. إنَّه مشروع «المخطَّط الهيكلي لمسقط الكبرى» الَّذي حاز مؤخرًا على جائزة WAFX المرموقة عن فئة «المُدُن الذكيَّة» لعام 2025.. لِتثبتَ مسقط العامرة أنَّها لا تقلُّ جَمالًا وذكاء وحضارة عن أيِّ مدينة عالَميَّة، خصوصًا أنَّ هذا المشروع الرَّائع تأهَّل إلى التَّصفيات النهائيَّة ضِمن (11) مشروعًا عالَميًّا تتنافس في فئة «التَّخطيط العمراني الشَّامل» في مهرجان العمارة العالَمي (WAF) الَّذي ستستضيفه مدينة ميامي الأميركيَّة نوفمبر المقبل والَّذي يمنح جوائزه للمشاريع المستقبليَّة الأكثر تأثيرًا على مستوى القضايا العالَميَّة كالتَّغيُّر المناخي والتَّحوُّل الرَّقمي والعدالة الاجتماعيَّة والمُدُن الذكيَّة، كما ذكرتْ وزارة الإسكَّان والتَّخطيط العمراني.

إنَّ هذا المشروع المهمَّ يجسِّد الرُّؤية العُمانيَّة الحكيمة في تخطيط المُدُن المستقبليَّة الَّتي تعتمد على الابتكار والتَّكامل الحضاري.. فقد أثبتَ أنَّه ليس مجرَّد خطوط تنسج على الورق، بل سيمفونيَّة من التَّخطيط والرُّؤية الَّتي تسعى لخلق توازن بَيْنَ الإنسان والمكان.. بَيْنَ البنيان والطَّبيعة.. بَيْنَ التُّراث والتَّجديد.. بَيْنَ الأصالة والمعاصرة.. وهذا ما نجحتْ فيه وزارة الإسكان والتَّخطيط العمراني في السَّنوات الأخيرة، حيثُ تبرهن مخطَّطاتها أنَّها شاملة وتتوافق مع مستهدفات رؤية «عُمان 2040» المستقبليَّة الَّتي تسعى لتحقيقِ نُموٍّ عمراني مستدام وفْقَ أعلى المعايير العالَميَّة.

إنَّ هذا المُخطَّط الجديد لمدينة مسقط يضع الإنسان في قلب المدينة ويُعِيد النَّظر في توزيع المساحات وتنظيم المَرافق، وتشكيل الطُّرق، بل وحتَّى في فلسفة العيش نَفْسها.. لأنَّه لا يسعى إلى الإعمار فحسب، بل إلى الانسجام بَيْنَ العمارة والهُوِيَّة والاستدامة.

إنَّ «المخطط الهيكلي لمسقط الكبرى» يحافظ على الهُوِيَّة الاجتماعيَّة والجغرافيَّة لمسقط، وفي ذات الوقت يواكب أحدَث المتغيِّرات العالَميَّة.. فقد رسمَ روحًا شاعريَّة منحتِ الأحياء فسحةً للهواء والمشاة دروبًا للرَّاحة والعائلات حدائق للاستمتاع مع المحافظة على بقاء الجبال كما هي شامخة تنطق بالحضارة لِتكتملَ الصُّورة البهيَّة المشرقة.. لِمَ لا؟ وقد رسمتْ لتواجِهَ التَّحدِّيات الخمسة وهي التَّنقُّل والاستدامة البيئيَّة وجودة الحياة والفرص الاقتصاديَّة والسَّلامة المُجتمعيَّة.. لِتثبتَ حقًّا أنَّها مدينة ذكيَّة بما تحمله الكلمة من معنى.

فمشروع «المخطط الهيكلي لمسقط الكبرى» يرتكز على رؤية عمرانيَّة شاملة تحافظ على التَّوازن البيئي بما تمتلكه المدينة العامرة من طبيعة خلَّابة ومياه رقراقة وأودية ساحرة.. وتحقِّق جودة الحياة الَّتي توفِّر للمواطِن والمُقِيم العيش الكريم الرَّاقي والتَّرابط الاجتماعي والمَرافق والخدمات المتكاملة.. وتخلق فرصًا استثماريَّة مستدامة لِتصبحَ إضافة فعَّالة في الاقتصاد الوطني.. إلى جانب ما ستمتلكه من شبكة نقلٍ ذكيَّة ومتكاملة ستشجِّع على الاستغناء عن المَركبات الخاصَّة.

لقد كانتْ وما زالتْ مسقط موطن الحكمة والماء.. والآن تتَّجه لِتكُونَ مدينة المستقبل حيثُ لا تنفصل الملامح العُمانيَّة الأصيلة عن مظاهر العصر.. فهي لا تضحِّي بالبيئة في سبيل الخرسانة.. بدليل أنَّ المُخطَّط يتحدث عن بنية أساسيَّة ذكيَّة ووسائل نقل متطوِّرة ومناطق خضراء تتنسَّم فيها الأرواح عبَق الماضي ونُور المستقبل.. لِينموَ فيها الإنسان كما تنمو الأشجار، وتزدهر القلوب كما تزدهر الشَّوارع.

إنَّ مسقط الكبرى أو مسقط الذكيَّة لن تكُونَ بعد اليوم مجرَّد عنوان جغرافي على الخريطة.. بل مدينة تتجمل بالرُّؤية الوطنيَّة والهُوِيَّة الأصيلة والحضارة النَّاصعة الَّتي تحمل في طيَّاتها الكرامة والجَمال والانتماء.. لِيتحققَ لذلك حلم كُلِّ عُماني في أن يرَى في مدينته مرآة وطنِه المضيئة.

إنَّ حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُفدَّى ـ حفظه الله ورعاه ـ وعدَ شَعبه الوفي بتحقيق الرَّخاء والرَّفاهية، ولقد أوفى بوعده.. فما تحقَّق من إنجازات جاء نتيجة الرُّؤية الثَّاقبة والفِكر المستنير للسِّياسة الحكيمة والتَّوجيهات السَّديدة الَّتي حقَّقتْ نهضة شاملة تشهدها الأعين في كافَّة رُبوع سلطنة عُمان.. فقد وضع جلالته الإنسان العُماني نصبَ عَيْنَيْه، وعمل على أن يرتقيَ بمعيشته وحالته الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، وحقَّق له الأمن والأمان والرَّخاء.. ولعلَّ الجوائز المتتالية خير دليل على ذلك وفي كافَّة المجالات، لا سِيَّما التنمويَّة الَّتي تدلُّ على أنَّ بلادنا تَمضي قُدمًا بثقة واقتدار في طريق التَّنمية المستدامة.

ناصر بن سالم اليحمدي

كاتب عماني