الثلاثاء 22 يوليو 2025 م - 26 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

الذكاء الاصطناعي والأدب .. صراع الإبداع والأصالة «2 ـ 3»

الذكاء الاصطناعي والأدب .. صراع الإبداع والأصالة «2 ـ 3»
الأحد - 20 يوليو 2025 01:49 م
30

مصطفى لغتيري:  موقفي من الذكاء الاصطناعي ليس سلبيا بل أحاول أن أتعاطى معه إيجابيا

الذكاء الاصطناعي والأدب .. صراع الإبداع والأصالة «2 ـ 3»


فجر يعقوب: هناك خطر واقعي محدود على الأدب من «تغول» الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي والأدب .. صراع الإبداع والأصالة «2 ـ 3»


دمشق من وحيد تاجا :

يؤكد مصطفى لغتيري روائي مغربي: أن العالم يعرف في المدة الأخيرة تطورا سريعا ومذهلا في جميع الميادين وخاصة في مجال الإعلاميات والتقنيات التواصلية التي غدت مهيمنة على وسائل التواصل الاجتماعي، بل في شتى ميادين الحياة كذلك، ولم يسلم الأدب باعتباره مرتبطا ارتباطا وثيقا بحياة الناس من هذا التأثير الكبير وهو الأمر الذي جعل النصوص الأدبية تتكاثر بشكل مثير للدهشة، مما يطرح علامات استفهام حول مصدرها خاصة مع ظهور الذكاء الاصطناعي الذي يبدو أن مجال تدخله في حياة الانسان الشخصية والعامة لا يعرف حدوداً، وإذا كان التقدم والتطور سمة ثابتة من سمات الحياة، ولا يمكن الوقوف ضده أو لجمه، وإلا أصبحنا متجاوزين وخارج التاريخ، بل يجب التكيف مع التطور واستغلاله، ليكون في صالح الإنسان في مسيرته نحو أفق حياتي أفضل.

لذا فموقفي من الذكاء الاصطناعي ليس سلبيا بل أحاول أن أتعاطى معه شخصياً بشكل ايجابي، باعتبار أنه من الوسائل التي يمكن ان تفيد المجال الأدبي إذا حسن التعامل معها، فنظرته الشاملة والتقنية في عمومها، والتي تتميز غالباً بالحياد، يمكن ان تلفت انتباه الكاتب إلى بعض الجوانب، التي أهملها في كتاباته، كما يمكن مده ببعض المعلومات الصحيحة والمتنوعة، ومساعدته على التنظيم والوصول إلى المصادر، لكن هذا كله لا بمكن بأي حال من الأحوال ان يجعلنا نغفل الجوانب السلبية التي ترتبط عموما بسلوكات البشر عبر التاريخ، من قبيل التحايل والغش وعدم بذل المجهود المطلوب من أجل إنجاز العمل الأدبي بالاعتماد على الاقتراحات الجاهزة للذكاء الاصطناعي، وهذا الأمر ليس سهلا، بل يحتاج مجهودات مضاعفة من المؤسسات الثقافية، التي يمكن ان تستعمل نفس تقنية الذكاء الاصطناعي للتأكد من أصالة العمل، ومدى نسبته لصاحبه، ومع ذلك لا ندعي ان هذا الأمر سيحل بشكل كامل، لكن على الأقل يمكن الحد من استفحال ظاهرة السرقة الأدبية وانتحال النصوص. وذلك من أجل خدمة قيمة راسخة توارتها الأدباء وتتعلق بنبل الأدب ونقائه ومساهمة في تطويره نحو الافضل عبر إبداعبة العقل البشري الذي لا عيب في استعانته بالعقل الالكتروني والذكاء الاصطناعي دون ان يذوب فيه، او يتكل علبه بشكل كلي، فتصبح النصوص عبارة عن مستنسخات، مما يجعلها تفقد أهم ما يميز الأدب وهو تعبيره العميق عن تجربة الإنسان الاجتماعية والنفسية في الحياة الواقعية التي تحولها المخيلة إلى أثر ادبي، يصور هموم الأنسان وأفراحه، واحلامه وطموحاته، وتوقه الأبدي نحو أفق افضل يعانق فيه القيم الإنسانية النبيلة، وهذا مما يجعله نصا يستحق الاهتمام.

في السياق يقول فجر يعقوب ـ روائي ومخرج سينمائي فلسطيني:» نعم هناك خطر واقعي محدود على الأدب من «تغوّل» الذكاء الاصطناعي، ولا أعتقد أن البشر سيتمكنون من تفادي مخاطره في بعض المجالات، وقد يصبح أشد خطراً في المستقبل المتوسط القريب أو البعيد (لست متيقناً من ذلك)، لأنه من المؤكد أن الإنسان الذي أوجده لن يتراجع عنه، وهو قد بدأ يبسط هيمنته في مختلف مناحي الحياة، لكن –حتى ننجو- يجب علينا تغيير قواعد اللعب معه حتى نصل إلى بر الأمان، وأعتقد أننا قادرون على فعل ذلك، فنحن لو ألقينا نظرة نرجسية بعض الشيء على مآل الكتابة من عندياته وتتويج بعض كتابه بالجوائزفلا أعتقد أن القارئ الحصيف قد يفوته أنه يقف أمام أدب نسجته الخوارزميات، ولم تنجح في بث الروح فيه. قد يكون هناك أدب مزيف مكتوب بالذكاء الاصطناعي وله مريدوه وهم يتناسلون بسرعة، لكنهم ليسوا أدباء، والمشكلة تكمن هنا أساساً بين ما هو مزيف وما هو أصيل، فهذه الخوارزميات لا تصنع أدباء لأن العصف الوجودي والشعوري الذي ألهم الكتاب عبر العصور لا يمكن إعادة إنتاجه من دون الصدق والمعاناة حتى لو كانت من فندق سبع نجوم، إن كان الإنسان قد جرَّب الكتابة عن كل الأحاسيس التي نعرفها، ولم يستطع أن يضيف إليها مشاعر جديدة، على ما يذهب المخرج الايطالي مايكل أنجلو أنطونيوني، فهل ستتمكن هذه الخوارزميات من فعل ذلك؟ أنا لا أعتقد أنها ستضيف شيئاً إلى هذه المشاعر، كل معالجة، وكل سؤال عن طبيعة النص الذي يريده من يلجأ إليه، كل نأمة، سوف تكون مكشوفة، وبالتالي أعتقد أن المشكلة الحقيقية تكمن عند من يقوم بتقييم هذه الأعمال، «تقييماً نقدياً» ليمنحها الجوائز، وليست عند من يحظى بها، فهي لن تضيف إليهم سوى الوهم. ويؤكد يعقوب إن الخطر قائم ليس فقط بما يخص الأدب. هذا ينطبق على السينما والأفلام، والتصوير الفوتوغرافي، وكل الفنون التي نعرفها. خذ فيلماً من هذه الأفلام التي تدخل بها الذكاء الاصطناعي حد الافتراس، واذهب إلى بيتك وشاهده وحدك. لن تشعر بشيء. ولن يخذلك شيء إن أنت رجعت مرة أخرى لتشاهد (سارق الدراجة) مثلاً لفيتوريو دي سيكا، فيلم من أفلام الواقعية الايطالية الجديدة صنع سنة 1948. دوماً ستشعر ببطله الصغير معك أنَّى ذهبت!