الاثنين 21 يوليو 2025 م - 25 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

الذكاء الاصطناعي والأدب: صراع الإبداع والأصالة «1 ـ 3»

الذكاء الاصطناعي والأدب: صراع الإبداع والأصالة «1 ـ 3»
السبت - 19 يوليو 2025 01:47 م
50

إبراهيم البليهي : الذكاء الاصطناعي وفر وسيلة للأدعياء بأن يظهروا كمبدعين

أحمد العمري: الذكاء الأصطناعي يفتقر إلى الإبداع والمشاعر

نداء يونس: هذه الظاهرة تعني غياب النقد وضعف البيئة الثقافية وغياب المعرفة

دمشق ــ من وحيد تاجا:

يشهد المشهد الثقافي ظهور أقلام جديدة تثير تساؤلات حول أصالتها، فبعد أن كانت مجهولة، أصبحت أسماء لامعة تحصد الجوائز وتتصدر المشهد الأدبي، تكمن المفاجأة الصادمة في أن العديد من هذه الأعمال هي نتاج أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، التي يمكنها كتابة نصوص أدبية كاملة بمجرد أوامر بسيطة.

كيف ينظر الكتاب والأدباء والمبدعين إلى هذه الظاهرة وهل يمكن للالة ان تصنع ادبا حيا وما خطورة هذه الظاهرة على الذائقة الأدبية ومستقبل الإبداع خاصة في عالمنا العربي؟

« الوطن» استطلعت آراء عدد من الكتاب والمفكرين والنقاد العرب حول هذه الظاهرة المثيرة للجدل .

يقول إبراهيم البليهي مفكر سعودي: لكل شيء في الحياة جوانب نافعة وجوانب ضارة والذكاء الاصطناعي هو مثل كل الأشياء النافعة لكنه فتح للادعياء والانتهازيين سبيلا واسعا للظهور بمظهر المبدعين، إنها معضلة ضخمة حيث أن الذكاء الاصطناعي سيخلط الحابل بالنابل، وسوف يضيع المبدعون وسط غوغاء الأدعياء، فالإنسان بطبيعته يبحث عن الظهور وقد وفَّر الذكاء الاصطناعي وسيلة للأدعياء بأن يظهروا كمبدعين إنها معضلة معقدة.

ويوضح الدكتور أحمد خيري العمري (كاتب وروائي عراقي) أن الكتابة بكل أنواعها كأي عملية إبداعية تتعرض لخطر الذكاء الاصطناعي، فهناك حسب علمي دور نشر أخذت الأمر على نحو جدي وأنتجت كتباً من الواضح أن الذكاء الاصطناعي قد ساهم فيها إن لم يكن قد كتبها كلية برأيي الشخصي أن المنتج قد يكون فيه حرفة متقنة ولكن لم يمر علي نص كتبه ذكاء اصطناعي وحرك في أي مشاعر.

ويشير العمري إلى أن التكلف واضح والفرق بين ما يكتبه إنسان وما ينتجه الذكاء الاصطناعي كالفرق بين شخصية تاريخية حقيقية وبين نسخة هذه الشخصية في متحف الشمع.

ويقول العمري أنه ربما هذا قصور آني وسيتخطاه الذكاء الاصطناعي في مستقبل قريب، هذا محتمل ولكن حتى الآن ..هناك فرق، من ناحية أخرى: هل كل ما يكتبه الكتاب جيد ومتقن وحقيقي ولا تكلف فيه؟ بالطبع لا، في السوق كتب كثيرة مكررة ورديئة ومتكلفة وخالية من رائحة الإبداع وبعضها رائجة جداً ومن أكثر الكتب مبيعا ولا أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سينتج ما هو أسوأ منها إلا إذا تمت برمجته على ذلك. بكل الأحوال، سيبقى هناك من يكتب في كل المجالات، قد يتأثر شكل الكتابة بالخطر الجديد وينتج نوع جديد، لكن هذا ما مرت الكتابة دوما أخطار وتحديات تنتج نوعاً جديداً من الإبداع كما في كل المجالات. وتوضح نداء يونس (شاعرة فلسطينية): أن هذا الموضوع معقد جدا ومتشابك، لا أدري ان صار ظاهرة في الأدب رغم معرفتي بإنتاج كتب كاملة بالذكاء الصناعي خلال ثلاث ساعات، فمنذ فترة اتابع هذه الإشكالية في الأبحاث العلمية، سمعة مجلات مرتبطة بسكوبس وجامعات عربية وأجنبية على المحك.

وتضيف الأمر لا يتعلق ببساطة بسؤال الكتابة فقط كفعل إبداعي يًبنى على تفاعل بين الذات والمعرفة واللغة، أو باستخدام الذكاء الصناعي للمساعدة في التحرير أو تجميع مراجع مثلاً ـ رغم عدم موثوقية النسخ المنتشرة وتحديداً فيما يتعلق بمسائل دينية أو سياسية القضية الفلسطينية، او تطوير فكرة ما أنت صاحبها، أو اختصار الوقت أو التشكيل الكامل للنصوص، بل في مسألة الانتحال سواء لنصوص الآخرين أو لنصوص مكتوبة بالذكاء الصناعي، لا فرق، وهي ظاهرة تاريخية، والحصول على مكاسب واستحقاقات علمية أو مالية أو حتى جوائز مع تجاوز كامل لأصحاب الفكر والمعرفة وصانعي الثقافة الحقيقيين، في ظل غياب النقد، وضعف البيئة الثقافية وغياب المعرفة.

لكشف ذلك إلى حد ما، يمكن تتبع تاريخ الشخص قبل ظاهرة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، رصيده الفكري ومنتجه الأدبي السابق، نطاق دراسته واشتغاله الأكاديمي والعلمي، طبيعة المادة التي يعمل عليها وشكلها، حرارة اللغة الأخطاء اللغوية والطباعية التي أصبحت للمرة الأولى ربما علامة صحية، علامات الترقيم، قدرة مؤلفها على الحديث عن المادة وإنشاء ارتباطات لها مع مدارات معرفية أوسع، وتفكيكها خارج الورق وغير ذلك.

لكن، وبالمحصلة إذا كان المنتج مجانيا، فأنت الثمن بالضرورة، وبذلك، تكمن خطورة هذه المواقع سواء كانت لإنتاج مواد باستخدام الذكاء الصناعي أو لكشف ذلك إنما يكمن في كونها غالبا أدوات للحصول على معلومات، ولتدريب الذكاء الصناعي نفسه من خلال التغذية الراجعة والحوار والتعديلات وطرائق التفكير وتفضيلات الإجابات المقترحة، وغيرها سيؤدي هذا في مرحلة ما إلى صعوبة التمييز بين منتج بشري أو آلي وإلى اضطرار المنتحلين إلى الاشتراك في برامج مدفوعة الثمن، تعلمت من خلاله تطوير نفسها، وأصبحت جاهزة للتحول إلى استثمار غير مجاني وطويل الأمد.