الجمعة 18 يوليو 2025 م - 22 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

النقوش الصخرية فـي سلطنة عمان دليل على التقاء مختلف الحضارات الإنسانية

النقوش الصخرية فـي سلطنة عمان دليل على التقاء مختلف الحضارات الإنسانية
الأربعاء - 16 يوليو 2025 02:52 م

 الرستاق ـ العُمانية : تعد النقوش الصخرية إحدى أقدم أنواع التدوينات التي وثقت لحياة الإنسان القديم، فقد دون من خلالها ما يجري حوله وسجل مشاهداته، مستعينا برسومات أظهرت بعض الحيوانات التي سخرها في معيشته أو ارتبطت بمعتقده، كما عدت هذه النقوش دليلا ماديا على التقاء مختلف الحضارات الإنسانية.

وقال حارث بن سيف الخروصي الباحث في النقوش الصخرية والتاريخ العُماني: نظرا لموقع عُمان الفريد الذي يتوسط العالم فهي من أهم المواقع التي عثر فيها على النقوش الصخرية، فالرسومات الحجرية وثقت وقائع الإنسان في عُمان ووصفت حياته ومعاركه وطرق التجارة التي كان يسلكها . 

وأوضح الخروصي في حديث لوكالة الأنباء العُمانية: رسم الإنسان نفسه أيضا على الصخور وما يعتقده عن نفسه من شجاعة وإقدام ومهارة أو وهو يعتمر السلاح أو متفاخرا بمهاراته في الصيد، ودون معتقداته المختلفة ما يؤكد أن هذا الفن إنما هو أرشيف إنساني مهم لا يمكن إغفاله، ولكنه في الوقت ذاته بحاجة إلى من ينقب عنه ويبحث في تفاصيله ويكشف أسراره. وحول النقوش الصخرية في عُمان يضيف الباحث: لا يمكن بأي حال من الأحوال فصل الفن الصخري في عُمان عن بقية أنحاء العالم لأنه فن إنساني بحت يدون معتقدات الإنسان وآلامه وآماله عبر العصور، وإن وجدت هناك سمات تميّز منطقة عن أخرى أو زمان عن آخر، لكنها في المجمل ترسم خط سير الإنسان ومصيره على هذه الأرض موضحًا أن لكل زمان سماته الخاصة أي تلك التي تتعلق بتفاعل الإنسان مع محيطه وأرضه من ناحية ومع أخيه الإنسان من ناحية أخرى، فمهمة الخط الزمني للفن الصخري هي الكشف عن تغيّر أنماط معيشة الإنسان نتيجة اختلاف وتغير المناخ. ويوضح أن دراسة الفن الصخري تذهب إلى أن الإنسان القديم رسخ عبر الفن الصخري أساطيره وكل ما ظن أنه يستحق، فنقلت تلك التدوينات طبيعة واقعه وسماته وأظهرت ما استخدمه من أدوات كلباسه وأدوات حربه وصيد وحيواناته، مشيرا: ففي سلطنة عُمان تم العثور على رسومات للفيلة والتماسيح والسلاحف البرية والنعام والأسود وكثير من الحيوانات التي انقرضت بسبب تغير المناخ أو نتيجة لتصرفات الإنسان ذاته، كما وثّقت النقوش المهن والحرف التي امتهنها الإنسان في عُمان والطرق التي كان يستخدمها في التنقل كالسفن التي رُصدت في أماكن تبعد مئات الكيلومترات عن البحر الجبال ودونت أساطيره ومدى ارتباط اعتقاداته بالأجرام السماوية كمصدر لوجود قوى خفية تتحكم في الكون الشاسع وأنها وسيلة للوصول إلى الحقيقة. ويؤكد الباحث أنه يمكن استثمار هذا الموروث الثقافي في تعزيز الهوية الوطنية وتوثيق الحوار الحضاري بين البشر فهو استثمار للمستقبل وفن إنساني قادر على فتح آفاق للتواصل مع الآخر. ويتحدث الباحث حول جهوده للتعريف بالنقوش الصخرية بمحافظة جنوب الباطنة وطبيعتها الثقافية والتاريخية قائلا: الفن الصخري في محافظة جنوب الباطنة لا يمكن فصله عن باقي فنون ولايات ومحافظات سلطنة عُمان أولًا حتى عن باقي مناطق العالم الصخرية و ما يميز محافظة جنوب الباطنة إضافة إلى موقعها المتميز على البحر هو اتصالها بولايات محافظة الداخلية. وأبرز الباحث مكانة محافظة جنوب الباطنة حيث كانت معبرا للقوافل التي كانت تحمل البضائع والثقافة والفكر، وهو ما نجده موثقا في النقوش بواسطة الخط العُماني القديم وهو نمط من الخطوط العربية المبكّرة التي استُخدمت في عُمان وتم اكتشافه مؤخرًا فيما لا تزال الاستكشافات متوالية في هذا الجانب. ويضيف الخروصي: يوجد لدينا نقش يعود إلى العام 302 للهجرة وأسماء الكثير ممن مروا بهذا المكان من غير أهل عُمان، حيث نقش ثلاثة منهم أسماءهم وهم: أحمد بن ناصر المكي والذي يدل على أنه من مكة المكرمة، وعلي الحساوي واسمه يشير إلى أنه من الأحساء، وشخص ثالث يدعى ’فرانكلات‘ وهو شخصية أجنبية نقش اسمه باللغة العربية معربا عن أسفه لأنه لم يتم تدوين تاريخ الأحداث التي ترافقت مع وجودهم أو أي معلومات أخرى تدل عليهم، لكن الموقع يعد بالغ الأهمية للفترة الإسلامية حيث وُجدت فيه تدوينات لشخصيات بارزة من بينها نقش يؤرخ لعقد الإمامة للخليل بن شاذان في القرن الخامس الهجري.

وسبق أن صدر كتاب للباحث الحارث الخروصي بعنوان بين التاريخ والآثار والجيولوجيا والتي تعد بمثابة قراءة في الذاكرة الحجرية على النقوش الصخرية في سلطنة عُمان التي تتميز عن غيرها في المنطقة العربية.

النقوش الصخرية فـي سلطنة عمان دليل على التقاء مختلف الحضارات الإنسانية
النقوش الصخرية فـي سلطنة عمان دليل على التقاء مختلف الحضارات الإنسانية