إن الزواج من نِعَمِ الله على الإنسان، فمن المعلوم أن الفقه الإسلامي مخصوص بالعلم الحاصل بجملة من الأحكام الشرعية الفرعية بالنظر والاستدلال، فلا نزال نستقي العبر، والعظات فيما رواه الإمام الترمذي بسنده عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضي الله عنه ـ عَنْ النَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) قَالَ:(لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا)، وما زلنا نعيش فى رحاب هذا الحديث الشريف، وما فيه من توجيهات للمرأة، وكيف تستطيع الحفاظ على زوجها، وأبنائها، وبيتها، ويكون زوجها سببًا فى دخلوها الجنة، ويكون حسن تربيتها للأبناء، والبنات سببًا فى دخولها الجنة كذلك، فإن أخلاقهم تتأثر بأخلاق الوالدين، فالوالدان هما أولُ، وأهمُّ معلم للأبناء، وما يتعلمونه منهما ينشؤون عليه؛ فإن أصول الناس لها أثرٌ كبيرٌ فى أخلاقهم، وتوجهاتهم، ويقال فى المدارس والجامعات: إن الطلاب مرآةُ بيوتِهم، وذويهم، فالوالدان لو أحسنا تربية أبنائهم، وبناتهم لأفرزوا للمجتمع أناسًا مستقيمين، نافعين، صالحين، ولو استهتر الوالدان فى تربية الأبناء، والبنات لدفعوا إلى المجتمع بذرية فاسدة، مفسدة، وعلى ذلك، فإن الزوجة فى البيت مثل رُمَّانَةِ الميزان، وعمود فسطاط الخيمة، بصلاحها يصلح كلُّ شيء فى البيت، وبفسادها يفسد كل شيء، وعلى الأبوين أن تكون توجيهاتهم للأبناء بالصلاح، والاستقامة بالفعل قبل الكلام، فالأطفال أذكياء، ويراقبون، ويحللون أقوال، وأفعال الأبوين، فإذا أمرا الذرية بالصلاة، والصدق، والعفاف، وحسن المعاملة، والجد، والاجتهاد، فعلى الأبوين أن يكونا نموذجًا لذلك، فالقولُ يجب أن يصحبه الفعلُ. إنَّ الأسرة هي نواة المجتمع، وبقدر صلاح الأسرة يصلح المجتمع، فتقل النزاعات، وتخفت الصراعات، ويتفرغ كل شخص للبناء، والتعمير بما يعود بالنفع التام على المجتمع، والمسلمين فى شتى بقاع الأرض، وليكون المسلمون قدوةً صالحةً للعالم أجمعَ، ويتحقق هذا بحسن الخلق، وهو الذي أمرتْنا به الشريعة الإسلامية، وحسنُ الخلق من أسبابِ تفاضلِ الناسِ فى درجاتِ الجنةِ إن شاء الله تعالى، وثمرة التربية الحسنة يحصدها الوالدان دائمًا بأن تقرَّ أعينُهما بالذرية الصالحة، وأن يكونوا لهم عونًا فى الكبر، إذا ضعف الجسم، وقَلَّ المالُ، وانكمش السعي فى الأرض، فإذا بالذرية الصالحة تَبَرُّ بالوالدين مردِّدين قوله تعالى:(ربِّ ارحمهما كما ربياني صغيرًا) (الإسراء ـ 24).
د. أحمد طلعت حامد سعد
كلية الآداب ـ جامعة بورسعيد بجمهورية مصر العربية