الخميس 17 يوليو 2025 م - 21 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

نقطة حبر : حين تصبح الخدمة عبئا

نقطة حبر : حين تصبح الخدمة عبئا
الثلاثاء - 15 يوليو 2025 02:02 م

مصطفى المعمري

30


على مدى سنوات، ظلت مسألة ضعف تقديم الخدمة في بعض من المؤسسات الحكومية، مشكلة قائمة، بل ربما أنها أصبحت أكثر في الجزء الأكبر للجهات المقدمة للخدمة، على الرغم من التطور التقني والأدوات المتاحة التي يفترض أن تسهم في تسريع وتحسين بيئة العمل.

إن تدني مستوى بعض الخدمات الحكومية، في ظل البيروقراطية، وغياب الرقابة الفاعلة، وعدم وجود آليات واضحة للمتابعة والتقييم، قد أوجد حالة من الاستياء العام. إذ أن بعض هذه المؤسسات تتقاضى رسوما مقابل خدماتها، ومع ذلك يواجه المتعامل تعقيدات في الإجراءات، وتأخرا في الإنجاز، وضعفا في جودة الأداء، مما يرهق المستفيد ويعمق الفجوة بينه وبين المؤسسة.

وفي الوقت الذي يفترض فيه أن تقابل الرسوم المفروضة بخدمات عالية الجودة، سريعة وفعالة، نجد أن الواقع في كثير من الأحيان يناقض الواقع، أيا كانت طبيعة الخدمة ونوعها، فقد أصبحت في نظر كثيرين عبئا أكثر من كونها قيمة مضافة، خاصة حين تتأخر المعاملات لأيام أو أسابيع من دون مبرر واضح أو مقنع.

ليس من المنطق أن تظل معاملة بسيطة لا تستغرق أكثر من عشر دقائق، معلقة في الأدراج لأسبوع أو أكثر، أو أن يضطر المواطن لمراجعة جهة حكومية مرات عدة من أجل إجراء إداري لا يتطلب في الأصل أكثر من ساعة. هذه الصورة المتكررة من التأخير وسوء الخدمة تسهم بشكل مباشر في هروب رؤوس الأموال، وتراجع تصنيف الدولة في المؤشرات الدولية الخاصة ببيئة الأعمال وجودة الخدمات.

لذا، فإن الحل لا يكمن في إلقاء اللوم فقط، بل في تحرك عملي لتصحيح المسار. ينبغي للمؤسسات الحكومية، لا سيما تلك التي تمس مصالح المواطنين والمستثمرين، أن تتبنى آليات رقابة صارمة، كما يجب إطلاق استطلاعات دورية لقياس رضا المتعاملين، وتحديد مكامن الضعف والخلل، واتخاذ إجراءات واضحة وعلنية لمعالجتها. إن تحسين الخدمات لم يعد ترفا، بل ضرورة ترتبط ارتباطا وثيقا بقدرة الدولة على خلق بيئة جاذبة للاستثمار، وضمان رضا المواطن، ودعم استقرار الاقتصاد. علينا أن نعيد الثقة في مؤسساتنا من خلال المحاسبة، والشفافية، والتقييم المستمر، حتى لا تتحول هذه المؤسسات من أدوات للخدمة إلى عبء على الدولة والمجتمع.

ومن المهم أيضا أن يوظف التطور التقني بأسلوب علمي مدروس، لا لمجرد تسجيل الحضور الإلكتروني، بل لتحقيق إنجاز حقيقي في تقديم الخدمة. فعلى سبيل المثال، ما زالت بعض الطلبات المقدمة عبر مكاتب «سند» أو بريد عمان تعاني من التأخير لعدة أيام رغم بساطتها، وبعضها يعاد دون توضيح الأسباب، أو يطلب تعديلها كل مرة بصيغة مختلفة. هذا الواقع بات مقلقًا للكثير من الراغبين في الحصول على الخدمات الحكومية.

مصطفى المعمري

 كاتب عماني