عمّان ـ العُمانية : تطل قلعة العقبة الأثرية على شاطئ خليج العقبة وتربط بين الصحراء والبحر في مشهد طبيعي مهيب وهي تشكل جزءا مهما من التاريخ الحضاري والسياسي للمدينة خاصة خلال العهدين المملوكي والعثماني.
وبنيت القلعة في القرن السادس عشر للميلاد في عهد السلطان قانصوه الغوري الذي أمر ببنائها لتكون حصنا دفاعيا ومحطة تجارية في آن واحد، وقد سبقت هذا البناء تحصيناتٌ قديمة شيدت قريبا من الموقع، إذ يعتقد أن الرومان والبيزنطيين أقاموا في المكان خلال العصور القديمة.
أما البناء القائم حاليا فيعود في معظمه للحقبة العثمانية، حيث أعيد ترميم القلعة وتوسعتها لتصبح حامية عسكرية ومقرا للحكومة المحلية في المنطقة، كما استخدمت كمركز جمركي ومسكن للحامية ومخزن للأسلحة والذخيرة، وهذا يفسر طابعها المعماري الدفاعي.
وصممت القلعة في العهد العثماني لمراقبة التحركات البحرية من جهة، والتحكم بالطرق التجارية القادمة من الشمال نحو الجزيرة العربية أو المتجهة إلى إفريقيا عبر البحر الأحمر من جهة أخرى وتميز موقعها بقربه من الطريق القديم الذي كان يربط بين بلاد الشام والحجاز، الأمر الذي زاد أهميتها خلال مواسم الحج، حيث كانت محطة استراحة وتجهيز لقوافل الحجاج وتتسم بطراز معماري متأثر بالعمارة الإسلامية التي سادت في العصور الوسطى، وهي مشيدة من الحجر الرملي المحلّي، وتحيط بها جدران سميكة عالية ومدعّمة بأبراج مستطيلة ومربعة، ويكشف المدخل الرئيس لها عن ساحة مفتوحة تتوسطها بئر ماء كانت تُستخدَم لتوفير مياه الشرب للجنود وتحيط بالساحة مجموعة من الغرف المبنية على طراز العقود نصف الدائرية وخصص عدد منها لإقامة القادة والجنود ومقرات إدارية بينما خصصت غرف أخرى لتخزين المؤن والأسلحة.
إن من أبرز معالمها أنها ما تزال ماثلة حتى اليوم، الأبراج التي تتوزع على زوايا القلعة لتوفر منطقة للمراقبة أو الدفاع عن القلعة، والأسوار المرتفعة التي بُنيت لتتصدى للهجمات الخارجية وتحمي القلعة من أي محاولات للتسلل إليها، والزخارف الإسلامية التي تتوشح بها الأبواب والأقواس، والنقوش الحجرية التي توثق تاريخ البناء.
وأعيد ترميمها في منتصف القرن العشرين، وخُصصت كموقع أثري وسياحي، وأزيلت بعض الإضافات الحديثة التي كانت تعيق الرؤية الأصلية للقلعة، كما جُددت الأسوار والأبراج بما يحافظ على طابعها التاريخي.
وتمثل القلعة اليوم وجهة للسياح والزائرين، حيث يمكنهم استكشاف تاريخ المدينة من خلال معروضات متحفية تتوزع في أروقة القلعة وألواح كُتبت فوقها قصة المكان والتحولات التاريخية التي شهدها، بالإضافة إلى إقامة فعاليات ثقافية وتراثية تسهم في الربط بين الحاضر والماضي.