مسقط ـ العُمانية: أولت سلطنة عُمان أهمية بالغة لحماية البيئة البحرية وتعزيز استدامتها، وسعت بشكل حثيث إلى الحفاظ عليها من خلال مجموعة من المبادرات والسياسات المدروسة.
وتملك سلطنة عُمان سواحل ممتدة يبلغ طولها نحو 3165 كيلومترًا، مما يجعلها موطنًا لتنوع بيولوجي غني يشمل الشعاب المرجانية، والطيور البحرية، والأسماك، إضافة إلى أنواع نادرة مهددة بالانقراض مثل السلاحف البحرية وأنواع من الحيتان والدلافين.
وتعمل هيئة البيئة على وضع استراتيجيات وخطط بيئية لحماية السواحل والبيئة البحرية، والقيام بإجراء دراسات وبحوث علمية تهدف إلى فهم التحديات البيئية التي تواجه البيئة البحرية، مثل التلوث، والصيد الجائر وتغير المناخ، بما يتوافق مع الأولويات والبرامج لاستراتيجية عُمان للبيئة ورؤية عُمان 2040.
وقال المهندس أحمد بن سعيد الشكيلي مدير دائرة صون البيئة البحرية بهيئة البيئة إن سلطنة عُمان نفذت العديد من المشروعات المتنوعة في هذا الجانب، أبرزها مشروع «الشعاب المرجانية الاصطناعية»، الذي يهدف إلى إعادة تأهيل الشعاب المرجانية المتضررة، وتعزيز التنوع البيولوجي، ودعم الصيد المستدام، وحماية المناطق الساحلية.
وأضاف لوكالة الأنباء العُمانية أن سلطنة عُمان أنشأت عددًا من المحميات البحرية، مثل «محمية السلاحف»، و«محمية جزر الديمانيات الطبيعية»، و«محميات الأخوار في محافظة ظفار»، التي تُوفر بيئة آمنة للكائنات البحرية المهددة بالانقراض.
ولفَتَ إلى أن سلطنة عُمان تُولي أهمية كبيرة للتعاون الدولي في مجال حماية البيئة البحرية، وتمثل ذلك في المشاركة في عدد من الاتفاقيات والبرامج البيئية العالمية، من بينها اتفاقية التنوع البيولوجي، التي تُعنى بالحفاظ على التنوع البيولوجي وضمان استخدامه بشكل مستدام، مما يسهم في تعزيز جهودها في مواجهة التحديات البيئية العالمية المتعلقة بالمحيطات.
وفي إطار التزام سلطنة عُمان بالاتفاقيات الدولية أشار إلى أن سلطنة عُمان تنفذ التزامها وتقديم التقارير الوطنية للاتفاقيات الإقليمية والدولية مثل اتفاقية الاتجار في الأنواع النباتية والحيوانية المهددة بالانقراض CITES، واتفاقية رامسار للأراضي الرطبة، ومذكرة التفاهم لحماية السلاحف البحرية في المحيط الهندي، إلى جانب تعزيز الرقابة على التجارة غير المشروعة بالكائنات الفطرية، كما أنها عززت جهودها برفع مستوى الوعي المجتمعي وتعزيز المشاركة المجتمعية من خلال حملات توعوية وحلقات عمل تهدف إلى تثقيف المواطنين والمقيمين بأهمية الحفاظ على البيئة البحرية، بهدف تعزيز الوعي البيئي لدى أفراد المجتمع، وخاصة الأجيال الناشئة، وتُشجّعهم على الإسهام الفعال في جهود الحماية، ما يؤكد على النهج الشامل، الذي يجمع بين السياسات الفعالة، والمشروعات المبتكرة، والمشاركة المجتمعية.
ووضح أن الجهود الوطنية لهيئة البيئة في حماية البيئة البحرية وصون التنوع الاحيائي في بحار سلطنة عُمان تتمثل في حماية الكائنات البحرية المهددة بالانقراض من خلال تطبيق القوانين والتشريعات البيئية أهمها قانون حماية البيئة ومكافحة التلوث وقانون المحميات الطبيعية وصون الأحياء الفطرية اللذان تمت بموجبهما حماية الشواطئ والحياة البحرية والأنظمة البيئية الحساسة مثل الشعاب المرجانية وأشجار القرم وتنظيم تصريف النفايات السائلة والصلبة في البيئة البحرية والساحلية.
وبيَّن أن الهيئة نفذت مشروعات لتأهيل الشعاب المرجانية بالتعاون مع الجهات الوطنية من خلال إغراق لمعدات عسكرية وإنزال لقوالب إسمنتية في البيئة البحرية لإيجاد بيئة ملائمة لنمو الشعاب المرجانية عليها وتكاثر الكائنات البحرية حولها، كما تقوم بتنفيذ مشروع رصد الملوثات في البيئة البحرية بشكل سنوي حيث يتم اختيار محطات على امتداد الشريط الساحلي لسلطنة عُمان من محافظة مسندم إلى محافظة ظفار يتم خلالها جمع عيِّنات من المياه والرسوبيات لقياس مستويات الملوثات في البيئة البحرية (المعادن الثقيلة والهيدروكربونات) وتقييم النتائج والمتغيرات في البيئة البحرية، حيث يقدم هذا المشروع بعض المؤشرات لقياس حجم التلوث البحري في سلطنة عُمان خاصة في مواقع مثل الموانئ الصناعية. وأفاد بأن الهيئة تقوم باستخدام التقنيات الحديثة لرصد الكائنات البحرية خاصة الحيتان والسلاحف البحرية، عبر تثبيت أجهزة التتبع على هذه الكائنات لدارسة سلوكها ومناطق تغذيتها ومسارات هجرتها، وتنفذ في العام الجاري المرحلة النهائية لمشروع مسح الحيتان والدلافين في محافظة مسندم، لإعداد خطة إدارة وطنية لحماية الثدييات البحرية. من جانبه أكد المكرَّم الدكتور عامر بن ناصر المطاعني رئيس جمعية البيئة العُمانية على الشراكة المتينة ومسيرة التعاون المشترك الوثيق والمستمر بين الجمعية وهيئة البيئة في كل الأبحاث والدراسات والمشروعات التي تقوم بها الجمعية منذ تأسيسها عام 2004 وحتى اليوم.
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية أن جمعية البيئة العُمانية تقوم بتنفيذ 4 مشروعات تتعلق بصون البيئة البحرية ومفرداتها المُميزة، وهي: مشروع دراسات الحيتان والدلافين وصونها، ومشروع دراسات السلاحف البحرية وصونها، ومشروع دراسات الشُعب المرجانية وصونها، ومشروع التوعية بأهمية محمية جزر الديمانيات الطبيعية.
وأشار إلى أن الجمعية تنفذ عددًا كبيرًا من أنشطة نشر الوعي والتثقيف والتعليم فيما يتعلق بأهمية البيئة البحرية ومفرداتها وصونها، وتستهدف هذه الأنشطة كل شرائح المجتمع، كما تقوم بتزويد نتائج دراساتها وأنشطتها إلى هيئة البيئة من أجل تضمينها في القوانين والإجراءات الحكومية التي تقوم بها الهيئة في مجال عملها وإشرافها على الجهود البيئية في سلطنة عُمان، لافتًا إلى أن هيئة البيئة تحرص على مشاركة جمعية البيئة العُمانية وعضويتها في كل اللجان والفرق الوطنية المعنية بالشؤون البيئية المُختلفة في إطار العمل التكاملي الاجتماعي بين القطاع الحكومي والقطاع الأهلي.
وقال إن هناك العديد من التهديدات التي تتعرض لها البيئة البحرية في سلطنة عُمان، منها طبيعي المنشأ، مثل الأعاصير والتغير المناخي وارتفاع درجة حرارة المياه، ومنها ما يتعلق بنشاطات الصيد الجائرة، والصيد العرضي للحيوانات البحرية، والتلوث البلاستيكي في البحار، والتلوث النفطي في البحار والتلوث الصوتي في البحار، ونشاطات السياحة غير المسؤولة وغير البيئية.


