الأربعاء 16 يوليو 2025 م - 20 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

محمية القرم الطبيعية

محمية القرم الطبيعية
السبت - 12 يوليو 2025 02:41 م
10

موطن غني بالتنوع البيولوجي وبيئة لتكاثر العديد من الكائنات الحية

كمية الكربون الإجمالية المخزنة فـي المحمية تصل لـ8,692 طنا من غاز ثاني أكسيد الكربون

توصية بتكثيف حملات التوعية حول أهمية أشجار القرم ودورها البيئي

كتب ـ سليمان الهنائي:

تُعَدُّ محمية القرم الطبيعية ذات قيمة كبيرة في قدرتها على اختزان كميات كبيرة من الانبعاثات الكربونية وامتصاص الكربون وتخزينه في جذورها وسوقها، وكذلك في التربة، كما تمتاز بتنوعها الحيوي والقدرة على التأقلم مع البيئة القاسية، وتختلف وجودها من بيئة إلى أخرى، وتتفوق أشجار القرم في القدرة على اختزان كميات من الكربون.

(الوطن) سلَّطت الضوء على الموضوع بلقاء مع ماجد بن حمد الخنبشي أخصائي نظم بيئية بهيئة البيئة، الذي أوضح قائلًا: أثبتت الدراسات العلمية التي أجريت على أشجار القرم في العالم وكذلك في سلطنة عُمان بأهميتها الكبيرة في تخزين الكربون، حيث توصلت الدراسات إلى أن قدرة أشجار القرم على امتصاص ثاني أكسيد الكربون تصل من (2 ــ 4) أضعاف ما تمتصه أشجار الغابات الاستوائية الأخرى، وقد تم نشر ورقة بحثية في مؤتمرالمعهد الدولي لبحوث علوم الأرض والبيئة في دراسة (الندابي وآخرون، 2018)، يؤكد فيها أن أشجار القرم من نوع Avicennia marina) ) في محمية القرم الطبيعية بمسقط تمتلك قدرة ملحوظة على امتصاص الكربون، فقد كشفت النتائج العلمية أن كميات الكربون التي تختزنها الشجرة تختلف باختلاف مناطق وجودها، حيث سجلت المنطقة البرية التي تضم أشجار القرم أعلى معدل بلغ 18.8 كجم/‏‏م²، تلتها المنطقة الوسطى بـ(7.7) كجم/‏‏م²، ثم المنطقة البحرية بـ(5.3) كجم/‏‏م²، وقدرت كمية الكربون الإجمالية المخزنة في المحمية بنحو 8,692 طنًّا، أي ما يعادل 0.032 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون رغم صغر مساحة المحمية. وأضاف الخنبشي: هناك دراسة علمية أخرى نُشرت عام 1986م في مجلة (الخليج العربي) للبحوث العلمية، حيث قدَّم عالم النبات الألماني هارالد كورشنر دراسة مفصلة عن الغطاء النباتي في محمية القرم الطبيعية بمسقط، مع تركيز خاص على أشجار القرم، تناولت الدراسة تركيبة المجتمعات النباتية، وتوزيعها الجغرافي، بالإضافة إلى العوامل البيئية التي تؤثر في نمو أشجار القرم داخل هذا النظام الساحلي، وقد عُدَّت هذه الدراسة مرجعًا علميًّا مهمًّا، أسهَم في تعميق فهم البيئة العُمانية الخاصة بالقرم، ووفرت قاعدة علمية لوضع استراتيجيات حماية فعالة لهذه المواطن الطبيعية.

وقال ماجد الخنبشي: مع تفاقم الأزمات المناخية الناجمة عن تراكم ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، تكثفت الجهود العلمية للبحث عن حلول بيئية تقلل من كمية الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الوقود والصناعات القائمة على الوقود الأحفوري، وكان من بين تلك الأصوات الداعية إلى التقليل من وطأة المشكلة حماية الغطاء تجمعات الغطاء النباتي والاكثار من المسطحات الخضراء والغطاء النباتي الطبيعي بوصفه وسيلة طبيعية لتنقية الهواء وهي تصنف ضمن الحلول الطبيعية للمناخ، وقد سلطت الجهات الأكاديمية الضوء على أشجار طبيعية معيَّنة وجد أنها تختزن كمية من الانبعاثات الكربونية، من بين تلك النماذج برزت أشجار القُرم، بعد أن تجلت قدرتها بالتجارب العلمية على امتصاص الكربون وتخزينه في جذورها وسيقانها، كما أنها تُعَدُّ موطنًا غنيًّا بالتنوع البيولوجي، وتُوفر بيئة مناسبة لتكاثر العديد من الكائنات الحية.

موضِّحًا بأنَّ أشجار القُرم تنتمي إلى الأنظمة البيئية للمناطق الساحلية التي تنمو في الأخوار ومناطق المد والجزر، وتتميز بقدرتها اللافتة على التأقلم مع الظروف البيئية القاسية، إذ تزدهر في تربة تختلط فيها المياه المالحة بالعذبة، وتسهم جذورها الهوائية المعقوفة في تثبيتها داخل التربة ومقاومة تأثير الأمواج. كما تُعَدُّ هذه الأشجار موائل طبيعية تزخر بالحياة، وتنتشر في أماكن متفرقة حول العالم، ومن ضمنها سلطنة عُمان. ونوَّه الخنبشي رغم أن النظام البيئي لأشجار القُرم يُمثِّل حلًّا طبيعيًّا للعديد من التحديات البيئية، إلَّا أنَّه يواجه تهديدات مستمرة تؤثر على نموه واستمراره، وأحد تلك التهديدات هي التلوُّث الناتج عن الأنشطة الصناعية والزراعية، والذي ينعكس سلبًا على جودة المياه والتربة، إلى جانب التوسع العمراني العشوائي الذي يؤدي إلى اقتلاع هذا الصنف من الأشجار بهدف تحويل الأراضي لمشروعات سكنية أو تجارية. وأكد أن الجهود التي تبذلها هيئة البيئة في حماية أشجار القُرم، يأتي ضمن أولوياتها وذلك من خلال تبنِّي عدد من المبادرات البيئية البارزة، من أهمها تأسيس محمية القرم الطبيعية في عام 1975م، والتي تُعَدُّ من أوائل المحميات البيئية في سلطنة عُمان، وقد أولت بلدية مسقط اهتمامًا خاصًّا بالحفاظ على هذه المناطق الرطبة ضمن خططها العمرانية، من خلال الحدِّ من الزحف العمراني وتجنب إنشاء الطرق في محيطها، بهدف تقليل الانبعاثات الناتجة عن المركبات وحماية النظام البيئي الحساس، وتعكس هذه الإجراءات وعيًا مبكرًا بأهمية أشجار القرم في تثبيت السواحل، وتنقية المياه، والمساهمة في التكيف مع التغيُّر المناخي. وناشد بأهمية الحرص على الاهتمام بها لضمان استدامة هذا النظام البيئي، من الضروري تنفيذ حملات توعوية وحلقات تثقيفية تسلط الضوء على أهمية أشجار القرم ودورها البيئي، بالإضافة إلى تطبيق قوانين صارمة لحمايتها وتنظيم استخدام الأراضي بطريقة تراعي متطلبات التنمية المستدامة.

محمية القرم الطبيعية
محمية القرم الطبيعية