فاقتْ خسائر الكيان المحتل للأراضي الفلسطينيَّة نتيجة العمليَّات العسكريَّة في قِطاع غزَّة كُلَّ التوقُّعات، خصوصًا في الفترة الأخيرة ومع بداية الشَّهر الجاري في كُلٍّ من خان يونس وجنين ومختلف الأراضي الَّتي يتمُّ فيها شن اعتداءات من قِبل الكيان المحتل، حقَّق خلالها رجال المقاوَمة العديد من الانتصارات الَّتي أسفرَتْ عن تكبيد جيش الاحتلال خسائر كبيرة أدَّتْ إلى مقتل العشرات بَيْنَ الضبَّاط وضبَّاط الصَّف والجنود وتدمير المعدَّات العسكريَّة (31 جنديًّا قُتلوا بحلول الـ(16) من يونيو 2025، بالإضافة إلى (2,668) مصابًا، ضِمن القتلى: (29) نتيجة نيران صديقة وحوادث، بنهاية مارس 2025، تجاوز إجمالي الجنود القتلى والجرحى (15,000)، وفْقَ تصريحات مسؤول سابق)، هذا بخلاف الخسائر الاقتصاديَّة الَّتي وصلتْ وفْقَ تقديرات نشرَها موقع ((bizportal المتخصِّص في الملفات الاقتصاديَّة إلى ما يقارب (1.6) مليار دولار تقريبًا في الأسبوع الواحد، هذا رغم تصاعد القصف من جانب الكيان الدموي المحتل الَّذي أدَّى إلى ارتقاء العشرات، بل المئات من شهداء الحقِّ والعزَّة أهالي غزَّة، ممَّا دفع رئيس وزراء الكيان المحتل مُجرِم الحرب الـ(نتنياهو) إلى اللُّجوء لحليفه الاستراتيجي الرَّئيس الأميركي دونالد ترامب كَيْ يبحثَ له عن مخرج فكانتِ الزِّيارة الثَّالثة له إلى واشنطن خلال العام منذُ تولى ترامب سُلطة البيت الأبيض.
تأتي الزِّيارة في إطار إيجاد حلٍّ يوقف نزيف خسائر جيش الاحتلال، ووقف إطلاق النَّار والتَّوصُّل لاتِّفاق طويل الأمد، فتحدَّث ترامب عن تقديم عرض جديد للهدنة المدعومة من مصر وقطر، لوقفِ إطلاق النَّار واستؤنفتِ المفاوضات غير المباشرة بَيْنَ الكيان المحتل والمقاوَمة الفلسطينيَّة في الدوحة بوساطة قطر ومصر، تعمل إدارة ترامب على دفع الكيان المحتل للموافقة على هدنة لِمدَّة (60) يومًا تبدأ فورًا، تمهيدًا لوقفٍ دائم، يرافقه تبادُل للأسرَى وإدخال مساعدات إنسانيَّة، وأظهرتِ المقاوَمة تقبُّلًا مشروطًا، مع ضمانات لمغادرة جيش الاحتلال لاحقًا، فيما لاحتْ انقسامات داخل الكيان المحتل حيثُ يعارض «اليمينيون المتطرفون» أيَّ هدنة وتحرير للأسرَى دُونَ تحقيق أهداف أمنيَّة واضحة، بَيْنَما دعم سياسي بارز مثل وزير الخارجيَّة «جيدعون سعار» يؤيِّد التَّهدئة ويدعو لاقتناص الفرصة.
وتنصُّ المبادرة على أنَّ مدَّة الهدنة (60) يومًا (مدعومة أميركيًّا ومصريًّا وقطريًّا)، تبادل الأسرَى وتشمل تحرير أسرَى الكيان المحتل لدَى المقاوَمة مقابل فلسطينيِّين وجثث، مع مراحل لاحقة، إدخال المساعدات: ضمان وصول الوقود والإمدادات الإنسانيَّة بشكلٍ مستدام خلال الهدنة، المرحلة المقبلة يسعى ترامب لإنجاز هدنة كخطوة دبلوماسيَّة بارزة قُبيل قمَّة محتملة للحرب والسَّلام بالخارج. من المتوقع أن يتمَّ تحديد التَّفاصيل النهائيَّة في الأيَّام القليلة القادمة، مع استمرار النِّقاش بَيْنَ البيت الأبيض ورئيس وزراء الكيان وموسّطي مصر وقطر.
تفاصيل الهدنة المقترحة
تنصُّ على فتح ممرٍّ آمن (منطقة عمقها 1 كم على حدود غزَّة) وإدخال (600) شاحنة مساعدات يوميًّا، مِنْها (50) شاحنة وقود، السَّماح بحركة المَدَنيِّين الفلسطينيِّين وعودة النَّازحين تدريجيًّا بعد سحب القوَّات من مناطق مأهولة، انسحاب جزئي، والابتعاد عن المناطق المَدنيَّة إلى داخل غزَّة قرب الحدود (700 متر)، وتوقُّف الطيران العسكري من 10–12 ساعة يوميًّا، وفي مرحلة لاحقة: بدء التَّفاوض حَوْلَ وقف نهائي للعدائيَّة ومغادرة كُلِّ قوَّات العدوان من القِطاع، تليها مرحلة إعادة البناء والإعمار، وأُقرَّتِ المرحلة الأولى من الاتِّفاق، بَيْنَما لا تزال المرحلة الثَّانية موضع خلاف، هذا ما أسفرَتْ عَنْه الخسائر الفادحة للعدوان الصُّهيوني وإجباره على البحث عن هدنة لوقفِ نزيف الدَّم الَّذي يتعرض له من المقاوَمة الفلسطينيَّة الباسلة، وهذه هي اللُّغة الوحيدة الَّتي يفهمها العدوُّ لِكَيْ يرضخ لشروط السَّلام.
جودة مرسي
من أسرة تحرير « الوطن»