الأربعاء 16 يوليو 2025 م - 20 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

رحاب: هذا إنجازي: أم آمنة: من بيتنا لبيتك.. نكهة ما تتعوّض

رحاب: هذا إنجازي: أم آمنة: من بيتنا لبيتك.. نكهة ما تتعوّض
الثلاثاء - 08 يوليو 2025 07:08 م

د ـ أحمد بن علي المعشني

320

في الوقت الذي صارت الوجبات السريعة تزحف على موائد البيوت لتكتسح ثقافة ذوق الطعام الشهي، وتحوّل الطعام إلى سلعة تُشترى وتُستهلك بلا روح، كانت «أم آمنة» ربة منزل بسيطة، تؤمن بأن الطهي ليس مجرد عمل يومي، بل رسالة تُبث فيها المحبة والدفء، فكل طبق ينقل رسائل من الذوق والصحة والسعادة، ولكل طعام نكهتان نكهة ذوق ونكهة تعبِّر عن الثقافة والهُوِيَّة. فالموائد يمكن أن تجمع جميع أفراد العائلة معًا؛ لترتقي بالمحبة والألفة وتزيد تقدير الناس للأكل باعتباره نعمة ومتعة. عاشت أم آمنة سنوات طفولتها تتعلم ترتيب البيت وإعداد الطعام لعائلتها، وكانت ترفض بشدة فكرة الأكل من المطاعم، وتقول دائمًا: «الطعام اللي ينطبخ بيد ربة بيت.. فيه نَفَس وراحة ما تلاقيها بأي وجبة سريعة.» وبمرور الوقت، وتحوّل نمط الحياة وإقبال الناس على الوجبات السريعة، لاحظت «أم آمنة» أن الناس بدأوا يفقدون الذوق الحقيقي للطعام، وأن ثقافة الأكل الشَّعبي صارت تختفي من الذاكرة. شعرت بالحزن، ولكنها لم تستسلم. بل رأت في هذا التحدي فرصة لإحياء ذوق الأكل الأصيل من جديد، فجلست تفكر وتبحث وتلاحظ ماذا يمكنها أن تعمل؟! وبعد تأمل وتفكير خطر في عقلها أفكار جريئة: لماذا لا يتحول الأكل الشَّعبي الظفاري إلى ريادة أعمال؟ ولماذا لا تفتح نافذة لربّات البيوت المبدعات؛ لعرض منتجاتهن من الأكل الشعبي الشهي، صارت الفكرة أشبه بمعرض للمأكولات الشَّعبية، تعرض فيه ربات البيوت أطباقهن الشَّعبية الشهية. وبخطوات واثقة، جمعت مجموعة من النساء اللاتي يشاركنها نفس الشغف، وأطلقت مشروعها المنزلي بشعار دافئ وحنون: «من بيتنا لبيتك.. نكهة ما تتعوّض.» كانت البداية متواضعة، لكن الطلب بدأ يتزايد. الناس وجدوا في هذه الوجبات ما افتقدوه في المطاعم: المذاق الحقيقي، والنكهة العائلية، والشعور بالأمان. كل طبق كان يُحضّر بنية طيبة، ويُرسل إلى الزبون مرفقًا بدفء يُشبه دفء الأمهات. تحوّل المشروع من مجرد فكرة إلى منصة تُعيد الاعتبار لنساء طيبات وطموحات يحملن كنوزًا من النكهات. واليوم، بات مشروع «أم آمنة» يوظف أكثر من 15 ربة بيت، يُوفّرن دخلًا كريمًا لعائلاتهن، ويشعرن بالفخر والانتماء لمشروع يُعبّر عنهن. هذا الإنجاز لم يكن فقط اقتصاديًّا، بل اجتماعيًّا وثقافيًّا أيضًا؛ ساهم في تقوية الروابط المجتمعية، ودعم النساء في بيوتهن، وأعاد للناس احترامهم لثقافة الطبخ البيتي. واليوم صار مشروع «أم آمنة» معروفًا يُقدّم الموالح، الحلويات، الطبخات اليومية، والمناسبات، وكلها بنكهة بيتية ظفاريه أصيلة، تنقل أجمل المشاعر وأرقى أنواع الذوق. هكذا تبلوَر إنجاز أم آمنة، يشجع الجميع كبارًا وصغارًا، أن ينطلقوا ويصنعوا من هواياتهم إنجازات ملهمة.

د. أحمد بن علي المعشني

رئيس أكاديمية النجاح للتنمية البشرية مؤسس مبادرة «هذا إنجازي»