الأربعاء 16 يوليو 2025 م - 20 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

فن الدبلوماسية.. كاريزما الشخص وسمات الإتيكيت الاجتماعي

فن الدبلوماسية.. كاريزما الشخص وسمات الإتيكيت الاجتماعي
الثلاثاء - 08 يوليو 2025 05:36 م

د. سعدون بن حسين الحمداني

10

تؤكِّد أغْلَب المدارس الدبلوماسيَّة الأجنبيَّة، وخصوصًا الإنجليزيَّة، على الإتيكيت الاجتماعي والَّذي يُعَدُّ الحجر الأساس في الإتيكيت الحكومي وكفاءة العمل ومستوى الإنتاجيَّة اليوميَّة للجهة ذات العلاقة بعيدًا عن المستوى العلمي أو التَّحصيل الدِّراسي العالي، فنلاحظ اليابان وألمانيا اعتمدتا بالبداية على الإتيكيت الاجتماعي لغرض تهيئة وتطوير وصقل كاريزما ونفسيَّة جميع شرائح المُجتمع الَّذين تضرَّروا بسبب الخسائر الفادحة من الحرب، واجتمع علماء النَّفْس الاجتماعي والدبلوماسيون والأكاديميون ذوو العلاقة لإنشاء مفردات الإتيكيت الاجتماعي قَبل الإتيكيت الحكومي، ومطالبة الشَّخص بالعمل والإبداع بالرَّغم من أنَّه قد خسر بعضًا من أقاربه وأصدقائه بالحرب. كانتْ أُولى سِمات الإتيكيت الاجتماعي الَّتي تعكس كاريزما الشَّخص هي مهارة إدارة الوقت وأهميَّته وتقسيمه؛ لِمَا له من أهميَّة كبيرة في إنجاز الأعمال.. ومن هنا ابتكرتِ المدرسة اليابانيَّة (التكتيك والاستراتيجيَّة) حتَّى باستخدام دقائق السَّاعة وكفاءة الإنجاز والإبداع، وليس فقط العمل. هناك الكثير من سِمات الإتيكيت الاجتماعي الَّتي تطوِّر وتصقل كاريزما الشَّخص ومن أهمِّها: إتيكيت الاعتذار حيثُ لا يوجد إنسان معصوم من الوقوع بالخطأ، ونحن كمسلِمِين يُعَدُّ إتيكيت الاعتذار هو فضيلة سامية تُعبِّر عن الأخلاق العالية الأصيلة. وهناك طريقتان للاعتذار (الشَّفهي، المكتوب)، وعُلماء النَّفْس الاجتماعي يقسِّمون النَّاس إلى ثلاث فئات في تطبيق الإتيكيت الاجتماعي وهم: فئة تبادر بالاعتذار الفَوري وهم ذات الكاريزما المثاليَّة، وأخرى تبادر بالاعتذار بعد فترة زمنيَّة قصيرة من وقوعها في الخطأ، والأخيرة تُكابر وتُعاند ولا تعتذر عن أخطائها، وهي من أسوأ شرائح المُجتمع. إتيكيت المصافحة والتَّعارف والبطاقة الشَّخصيَّة وتَعدُّها المدرسة الإنجليزيَّة بأنَّها إتيكيت التَّواصُل والتَّعبير.. وهناك قواعد ذهبيَّة يَجِبُ الالتزام بها لتتحققَ المصافحة السَّليمة وتجنّب نَفْسك الوقوع في أخطاء غير مستحبَّة قد تؤثِّر سلبًا في عمليَّة التَّعارف. وتكُونُ المصافحة بالتقاء الأيدي وابتسامة بسيطة، ولا يزيد التقاء الكفوف أكثر من (15) ثانية دُونَ حاجة إلى التَّقبيل تجنُّبًا لصحَّة الضَّيف، وخوفًا من انتقال أيِّ فيروس له. وتُقسَّم المسافات أثناء المصافحة إلى ثلاثة أقسام وهي: المسافة الحميمة من صفر إلى (50 سم)، المسافة الشَّخصيَّة (50 سم) إلى (1 متر)، المسافة الاجتماعيَّة من (1 متر) إلى (1:50 متر). وهناك أنواع كثيرة لأنماط المصافحة لا مجال لشرحها الآن ودائمًا ما نركِّز عَلَيْها في محاضرات الأكاديميَّة الدوليَّة للدبلوماسيَّة والإتيكيت. إتيكيت المجاملة وهو سُلوك يَقُوم به الإنسان للتَّعبير عن حُسن المعاشرة وحُسن المعاملة وأدب الكلام مع الآخرين عن طريق عبارات رقيقة نقولها للأشخاص لكسبِ ودِّهم والإعجاب بما يُقدِّمونه.. فالمجاملة فنٌّ ينبغي على كُلِّ شخص يريد أن يكسبَ كثيرًا من العلاقات.. وعلى العكس فالأشخاص الَّذين لا يعرفون كيفيَّة المجاملة للنَّاس فإنَّهم سوف يُعانون من الخجل وضعف الشَّخصيَّة وذوو كاريزما متردِّدة في كُلِّ مجالات الحياة العمليَّة والاجتماعيَّة. وقد اهتمَّتْ كثيرًا المدرسة الدبلوماسيَّة الإنجليزيَّة وطوَّرتْ كثيرًا من المفاهيم الَّتي تخصُّ الإتيكيت الاجتماعي لغرضِ الوصول إلى أعلى كفاءة بالإتيكيت الحكومي.. ومن هذه المفاهيم: إتيكيت الحديث بمختلف المناسبات والفعاليَّات، إتيكيت تقسيم مهام العمل، إتيكيت فنِّ الاستماع والإنصات، بروتوكول وإتيكيت مهام وصلاحيَّات العمل، بروتوكول وإتيكيت التَّسلسل الوظيفي، إتيكيت التَّعامل مع كبار الشَّخصيات والضُّيوف، مهارة التَّخطيط والتَّنفيذ والمتابعة، التَّخطيط الاستراتيجي ومفاهيم البروتوكول والإتيكيت، بروتوكول وإتيكيت نظام الأسبقيَّة في المؤتمرات والفعاليَّات الرَّسميَّة، بروتوكول وإتيكيت مراسم توقيع الاتفاقيَّات واللِّقاءات الصحفيَّة، إتيكيت تقديم الهدايا، كاريزما المرأة القياديَّة وفنّ التَّعامل مع الآخرين، مهارة لُغة الجسد، إتيكيت الجلوس والمشي ومآدب الطَّعام، إتيكيت استخدام الهاتف وتوقيتاته، إتيكيت الرَّسائل النَّصيَّة والصَّوتيَّة، بروتوكول وإتيكيت الدبلوماسيَّة الشَّعبيَّة، بروتوكول وإتيكيت الدبلوماسيَّة السِّياحيَّة، بروتوكول وإتيكيت كاريزما موظفي المراسم والتَّشريفات والعلاقات العامَّة، استراتيجيَّات العلاقات الدّوليَّة والعامَّة، إتيكيت الأسبقيَّة في المخاطبات الإلكترونيَّة والورقيَّة، إتيكيت وسائل التَّواصُل الاجتماعي.. وغيرها من المهارات الَّتي تصقل مهارة المواطن؛ لَكَيْ يكُونَ ذا كاريزما مثاليَّة في العمل المهني اليومي والوصول إلى هرم القمَّة الوظيفي. وفي الختام، تؤكِّد المعاهد الدبلوماسيَّة المُتخصِّصة في الإتيكيت الاجتماعي على الابتعاد عن الأنانيَّة وحُب (الأنا)، الابتعاد عن لبس المجوهرات والذَّهب احترامًا وتقديرًا لبقيَّة شرائح المُجتمع الَّتي لا تملك شيئًا، الاهتمام كثيرًا بالهندام الخارجي على أن يكُونَ متواضعًا وبسيطًا استنادًا إلى إتيكيت اختيار الألوان المتَّفق عَلَيْها، إتيكيت حضور الدَّعوات الاجتماعيَّة والشَّخصيَّة وآداب الطَّعام والشَّراب والموائد واحترام توقيتات الحضور والانصراف، إتيكيت الأناقة والهندام الخارجي سواء داخل البيت أو مع الأصدقاء أو بالعمل استنادًا إلى الأوقات النَّهاريَّة أو اللَّيليَّة.

د. سعدون بن حسين الحمداني

دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت