الأربعاء 16 يوليو 2025 م - 20 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

«عجيب أمور.. غريب قضية»

«عجيب أمور.. غريب قضية»
الثلاثاء - 08 يوليو 2025 05:35 م

أ.د. محمد الدعمي

30

يقول العراقيون في حالات الأحداث غير الاعتياديَّة أو المفاجئة عبارة نَصُّها: «عجيب أمور، غريب قضيَّة»! والحقُّ، فإنَّ هذه العبارة الطَّريفة تنطبق بدقَّة فائقة على التَّغطية الإعلاميَّة لعددٍ ملحوظ ومشخّص من وسائل الإعلام والفضائيَّات العربيَّة أثناء حرب الأُسبوعين بَيْنَ جمهوريَّة إيران الإسلاميَّة وبَيْنَ «إسرائيل»، إذ خرجتُ شخصيًّا بانطباع غريب مفاده أنَّ التَّغطية الإعلاميَّة أعلاه كانتْ في جُلِّها تميل إلى «إسرائيل»، وعلى عكس المتوقَّع، وهو أن تميلَ لصالح إيران باعتبار أنَّ الكيان الصُّهيوني، هو وليس إيران، عدوُّ العرب والدوَل العربيَّة الأوَّل، حسب معطيات مؤتمرات القمَّة العربيَّة (منذُ صدور بروتوكول الاسكندريَّة الَّذي مهَّد لتأسيس جامعة الدوَل العربيَّة أوائل القرن الزَّائل)، بل تمَّ تقديم اسم «إسرائيل» على اسم الجمهوريَّة الإسلاميَّة، فأصبح عنوان هذه الحرب الَّتي دامت اثني عشر يومًا فقط، هو: «الحرب «الإسرائيليَّة» ـ الإيرانيَّة»، بدلًا عن الوصف المتوقَّع، وهو «الحرب الإيرانيَّة ـ الإسرائيليَّة»! ولا أعتقد بأنَّ هناك من المراقبِينَ والمُتابعين الفطنين مَن يختلف معي في الحدس الَّذي يفيد بأنَّ مديري وسائل الإعلام «العربيَّة» إيَّاها (وهي المعروفة تاريخيًّا بعدم الحياديَّة المُطْلقة) إنَّما كانتْ تتمنَّى نصرًا مؤزرًا لـ»إسرائيل» ضدَّ إيران، وليس العكس، كما يتوقع كُلُّ مَن يدرك بأنَّ الكيان الصُّهيوني، وليس إيران، هو كيان مفتعل ومغتصب، ولا يمرُّ يوم من تاريخه دُونَ أن يضمخَ وجوده بدماء فلسطينيَّة أو سوريَّة أو لبنانيَّة أو مصريَّة، لبالغ الأسف ! ولم أزَلْ أتمنَّى أن يخصَّنا المتمرسون بدراسات مُتخصِّصة في «لُغة الإعلام» ودلالاتها بدراسة تحليليَّة مستفيضة عن دوافع وإرهاصات مصمِّمي نشرات الأخبار العربيَّة الَّتي اضطلعتْ بأدوار تغطية حرب الأُسبوعين أعلاه: فكيف صارتْ إيران هي العدوَّ الأخطر الَّذي تتمنى وسائل الإعلام المقصودة له الهزيمة النَّكراء أمام الكيان الصُّهيوني؟ إنَّها لَمُفارقة صادمة بمعنى الكلمة !

أ.د. محمد الدعمي

كاتب وباحث أكاديمي عراقي