الثلاثاء 08 يوليو 2025 م - 12 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

الإعلام العماني عين لمؤسسات الدولة ومساهم فـي مسيرة البناء الوطني

الإعلام العماني عين لمؤسسات الدولة ومساهم فـي مسيرة البناء الوطني
الأحد - 06 يوليو 2025 05:47 م

محمد بن سعيد الفطيسي

20

بادئ ذي بدء فإنَّ هذا المقال غير معني بتوضيح الأدوار الوطنيَّة الرَّائعة الَّتي يَقُوم بها الإعلام العُماني، بكُلِّ اتِّجاهاته وأدواته ووسائله، فما يَقُوم به من دَوْر وطني هو واجب وليس تفضُّلًا، ورغم ذلك تستحقُّ كوادرنا الإعلاميَّة التَّقدير والاحترام على الجهود المبذولة خدمةً للوطن والمواطن وللدَّفع بمَسيرة التَّنمية للأمام. ثمَّ فإنَّني أستغرب الفتور في بعض الأدوار المفترضة للمؤسَّسات الإعلاميَّة الوطنيَّة، وعلى رأسها الإعلام الاستقصائي أو الصِّحافة الاستقصائيَّة، أضِفْ إلى ذلك القدرة على الكتابة وطرح القضايا الَّتي تفصل بَيْنَ الإعلام كجزء من مؤسَّسات الدَّولة الوطنيَّة، وتلك الأدوار الَّتي تدلُّ على وجود تلك المساحة المفترضة من دَوْر الإعلام في نَقْد بعض القضايا التنمويَّة في حال التَّقصير أو الضَّعف والخلَل. إنَّ الإعلام في أيِّ وطن هو عَيْنه الَّتي ينظر بها إلى العالَم وينظر العالَم إِلَيْه بها، وإن كان البعض يرى أنَّ النَّقد أو كشْفَ بعض ما لا يفترض أن يطرحَ للرَّأي العامِّ الوطني والدّولي ـ من وجهة نظره هو فقط ـ لأنَّه سيوضح وجود خلَل أو قصور في الخدمات أو الأعمال الَّتي تقدِّمها بعض المؤسَّسات الرَّسميَّة، وبالتَّالي فإنَّ ذلك سيُسيء للوطن، فإنَّ مَن يرى ذلك من هذا الاتِّجاه إنَّما يشاهد الوطن العظيم بِعَيْن الضَّعيف الخائر! فالأوطان لا تتقدَّم بالمجاملات والمدح والتَّطبيل للمسؤول، بل بالفكر الوطني المسؤول القائم على خدمة الوطن والمواطن والولاء لجلالة العاهل المُفدَّى بكُلِّ إخلاص وأمانة. فلماذا أطرح هذا الموضوع الآن؟! شخصيًّا وبعد أن أكملتْ في هذه الصَّحيفة الغراء (الوطن) في شهر مايو من هذا العام (30) عامًا، أي ثلاثة عُقود، بعددٍ من المقالات والدِّراسات تجاوزتْ ألفَ مقال ودراسة، أختصر دَوْر الإعلام في أيِّ دَولة بأنَّه: ((عَيْن الوطن))، ومحلُّ العَيْن من الوطن في مقدِّمة الرَّأس، ودُونَهما لا يُشاهد المواطن سوى الظَّلام والتَّضليل، ولا تشاهد القيادات الَّتي يفترض أن تُتيحَ للإعلام من الحُريَّة المسؤولة ما يمنحها القدرة على رسم السِّياسات وبناء القرارات والتَّوَجُّهات الَّتي تخدم الوطن والمواطن، وإلَّا فإنَّ رفْضَ النَّقد المسؤول وطرح القصور والتَّجاوزات كما هي ليس سوى خيانة للوطن وتضليل للرَّأي العامِّ. ما يؤسَف له أنَّنا نمرُّ ونُشاهد العديد من المواضيع الَّتي يَجِبُ أن تطرحَ للرَّأي العامِّ ويَجِبُ أن يتمَّ الاستقصاء حَوْلَها، قضايا وطنيَّة تصبُّ في صلب الإصلاحات وتحديث المؤسَّسات والقرارات، ولكن لا نتمكن من الكِتابة حَوْلَها إمَّا لضيقِ الوقت وكثرة الانشغالات، أو لوجودِ مساحةٍ ووقت مُحدَّد للكِتابة وليس لكوني كادرًا من كوادر المؤسَّسات الإعلاميَّة الوطنيَّة الرَّسميَّة، وبالتَّالي فإنَّ العمل الإعلامي والصّحفي هو وظيفة يوميَّة تُتيح لي مساحةً أوسع من الكِتابة وطرْح ما يَجِبُ أن يُطرحَ بشكلٍ متواصل. ما أوَدُّ قوله: إنَّ الإعلام الوطني يَجِبُ أن يعملَ على الصِّحافة الاستقصائيَّة، ويَجِبُ أن ينزلَ بشكلٍ يومي للشَّارع والسُّوق وللمحافظات، وينقُل القضايا الَّتي تُسهم في الدَّفع بمَسيرة التَّنمية إلى الأمام، حتَّى وإن كان ذلك بالنَّقد البنَّاء وبتناول المواضيع الَّتي قد تُغضب البعض ممَّن لا يرغبون إلَّا بتلميع الحقائق وطرحِ ما يُناسِبهم وبحسب مقاسهم من المفردات والعبارات والمواضيع.. وما أغرب من ذلك سوى أن يُقالَ لك انقُلْ لنَا كمؤسَّسة نَقْدك قَبل أن تكتبَه في وسيلة إعلام وطنيَّة وتنشره على الرَّأي العامِّ، وكأنَّ دَوْر الإعلام هو مراسِل لتلك الجهات والمسؤولين، وكأنَّ دَوْر الإعلام يَجِبُ أن يُعَبِّرَ عن قَبول أو عدم قَبول تلك المؤسَّسات لِمَا يَجِبُ أن يُطرحَ إعلاميًّا. على العموم هي رسالة لِمَن يهمُّه أمْر هذا الوطن من الأمناء المخلِصِين لعُمان الوطن والقيادة وهم كُثر، وبعد الشُّكر لبعضِ المؤسَّسات الوطنيَّة الَّتي تعمل وفْقَ مهنيَّة ومصداقيَّة ولا تخاف النَّقد البنَّاء أو يغضبها ما يكتبه أو ينقُله عَبْرَ وسائل الإعلام الوطنيَّة من وجهة نظر تصبُّ في الصَّالح العامِّ، ولا عزاء للمؤسَّسات والمسؤولين الَّذين يخافون من النَّقد أمام الرَّأي العامِّ، ولا يقبلون أن يُقالَ عَنْهم إنَّهم مُقصِّرين في خدمة وطنهم، أو تطرحَ أعمالهم للنّقاش والمداولة بكُلِّ مهنيَّة ومصداقيَّة. ختامًا: أقول إنَّ الإعلام الوطني يَجِبُ أن يُسلِّطَ الضَّوء على الأعمال والخدمات والمشاريع الَّتي تُقام في كُلِّ محافظات السَّلطنة، يَجِبُ أن يتابعَ تطوُّرها، والقصور الَّذي يحدُث، وأن يوضحَ الأشياء كما هي بدُونِ زيادة ولا نقصان، يَجِبُ أن ينقلَ المخالفات والتَّجاوزات الَّتي تحدُث. بمعنى آخر، يَجِبُ تفعيل الصِّحافة والإعلام الاستقصائي وذلك الَّذي يُسلِّط الضَّوء على أعمال المؤسَّسات الحكوميَّة في المحافظات خصوصًا، وبوجْهٍ عامٍّ في مختلف أنحاء السَّلطنة، ومن يستحقُّ الشُّكر فليُشكر، ومَن يستحقُّ النَّقد فلينتقد بكُلِّ مهنيَّة ومسؤوليَّة. كلمة أخيرة للمؤسَّسات والمسؤولين الَّذين لا يقبلون النَّقد: إنَّ عظمة هذا الوطن تكمن في المسؤوليَّة الوطنيَّة لكُلِّ فرد من أبنائه، وأنَّ إعلامنا الوطني هو عَيْنُكم الَّتي تَرونَ بها أعمالكم وأفعالكم في خدمة وطنكم، فلا تأخذكم العزَّة بالإثم فتغضبون وتعتبون على مَن يقول حَوْلَ أعمالكم كلمة حقٍّ، بل لِيكُنْ ردُّكم بالإصلاح والتَّحديث والتَّطوير العملي، وإعادة الأمور إلى نصابها، فسلطنة عُمان وطن يستحقُّ مِنَّا كُلَّ الحُب والتَّضحية. حفظ الله هذا الوطن المَجيد من شَرِّ الكائد الحاقد الحاسد الفاسد، وقيَّض لمُجدِّد نهضتنا وعاهل بلادنا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق (أعزَّه الله) البطانة الصَّالحة الَّتي تُعينه على أمْر دِينه ودُنياه وخدمة وطنه وشَعبه، اللَّهُمَّ آمين.

محمد بن سعيد الفطيسي

باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية

[email protected] MSHD999 @