تجسد جهود سلطنة عُمان في مجال الذكاء الاصطناعي نموذجًا رائدًا على مستوى المنطقة، حيث أدركت القيادة الرشيدة مبكرًا أهمية هذا القطاع الحيوي ضمن خطط التنمية الشاملة ورؤية عمان 2040. هذه الجهود لم تقتصر على وضع السياسات والتشريعات فحسب، بل امتدت إلى تنفيذ برامج وطنية متخصصة تعزز تبني الذكاء الاصطناعي في القطاعات الاقتصادية والتنموية، مع التركيز على توطين التقنيات وحوكمة التطبيقات الرقمية. ولكن تحقيق الأهداف الطموحة لا يمكن أن يتم بمعزل عن تكامل جهود المؤسسات المختلفة في الدولة، فالتعاون والتنسيق بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني يُعد ركيزة أساسية لنجاح هذا المشروع الوطني. ان النجاح الحقيقي قائم على تكاتف كافة الجهود بين مؤسسات الدولة وأفراد المجتمع، مع ضرورة تعزيز الوعي حول فوائد الذكاء الاصطناعي وخطورته، إذ إن جزءًا كبيرًا من المجتمع لا يزال يفهمه فقط من اسمه دون استيعاب معمق لمجالاته وتطبيقاته. من هنا تبرز الحاجة إلى تطوير تطبيقات وطنية تلبي احتياجات المجتمع ورغباته، والاهتمام بالشباب ومهاراتهم في هذا المجال الواعد، بالإضافة إلى احتضان المبدعين والمبتكرين وتوفير الدعم اللازم لهم. تعزيز برامج التدريب والتأهيل المتخصصة والاستثمار الكبير في العنصر البشري يمثلان ركيزتين أساسيتين في هذا المسار، لتوفير كوادر وطنية قادرة على قيادة مستقبل الذكاء الاصطناعي في سلطنة عمان. وما كل الجهود التي تعمل عليها وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات عبر طرح مجموعة من الخيارات، والحلول، والابتكارات، والتطبيقات في مجال الذكاء الاصطناعي إلا ان هناك الكثير من العمل يتطلب متابعة دقيقة وعناية فائقة، فلا بد من دفع هذا القطاع الحيوي وتمكينه ماديًا وبشريًا عبر رؤية واضحة وطموحة تعكس توجهات الدولة في مواكبة التطورات العالمية والاستفادة منها لأجل التنمية المستدامة وتحقيق رفاهية المجتمع، مع الاستفادة من تجارب الآخرين، وتعزيز مستوى الشراكات الإقليمية والدولية مع المؤسسات والشركات المتخصصة في هذا الجانب، وهو ما يضع سلطنة عمان في مقدمة الركب، ويرفع من معدلات التطور والنمو في مختلف الأصعدة والمجالات.
مصطفى المعمري
كاتب عماني
