الجمعة 04 يوليو 2025 م - 8 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

رأي الوطن: إبادة بختم أممي.. ولكن!

الأربعاء - 02 يوليو 2025 05:47 م

رأي الوطن

170

جاء تأكيد منظَّمة الأغذيَّة والزِّراعة التَّابعة للأُمم المُتَّحدة (فاو) أنَّ الإبادة الَّتي تشنُّها دَولة الاحتلال الصُّهيونيَّة في غزَّة قضتْ على الزِّراعة في القِطاع المحاصَر، وأنَّه لم يتبقَّ سوى (4.6) بالمئة من أراضي غزَّة صالحة للزِّراعة، جاء تأكيد المنظَّمة لِيثبتَ للعالَم أجمع أنَّ دَولة الاحتلال المارقة لم تكُنْ تستهدف البَشَر المُقيمِين في القِطاع حاليًّا، لكنَّها تسعَى إلى منعِ أيِّ شكلٍ من أشكال الحياة في المستقبل، خصوصًا مع حالة العجز الَّتي أبدتها المنظَّمة الأُمميَّة من توريد أيِّ شيء ولا حتَّى بذرة واحدة أو كيس سماد إلى غزَّة! ورغم الإصرار الفلسطيني على الصُّمود ومع ندرة الأراضي الصَّالحة للزِّراعة، لجأ مَن تمكَّنوا من الوصول إِلَيْها إلى زراعة في قِطع أراضٍ مؤقَّتة بَيْنَ الخيام أو على أنقاض المنازل المتضرِّرة، لكن توقُّعات المنظَّمة تقول إنَّه ومع استمرار الأزمة الَّتي قضَتْ على قِطاع الأغذية الزراعيَّة في قِطاع غزَّة. ولعلَّ تحذير برنامج الأغذية العالَمي من أنَّ فرصة مواجهة المجاعة الَّتي تسبَّبتْ فيها دَولة الاحتلال الصُّهيونيّ بقِطاع غزَّة تتلاشى بسرعة، يُعَدُّ دليلًا آخر على ما وصلتْ إِلَيْه الأحوال في هذا القِطاع المحاصَر.. فتأكيد البرنامج الأُممي بأنَّ طواقمه العاملة في قِطاع غزَّة تتكيَّف بشكلٍ فوري مع القيود الصُّهيونيَّة على توزيع المساعدات للفلسطينيِّين، وذلك عَبْرَ إنشاء نقاط توزيع جديدة وتجاوز القيود الشَّديدة، واستخدام طُرق آمِنة للوصول إلى المحتاجِين أيْنَما كانوا في القِطاع، مؤكِّدًا أنَّ فرصة مواجهة المجاعة في غزَّة تتلاشى بسرعة جرَّاء استمرار هذه القيود الصُّهيونيَّة على دخول المساعدات إلى القِطاع المحاصَر، ما يَقُود القِطاع نَحْوَ مجاعة لم تحدُثْ في تاريخ العالَم الحديث، ويبقى أنْ نؤكِّدَ أنَّ تلك الشَّهادة من تلك المنظَّمة وهذا البرنامج تُدين المنظومة الأُمميَّة العاجزة بقدر ما تُدين هذا الكيان الصُّهيوني الإرهابي، الَّذي يتمادَى في إرهابه طالَما يرَى هذا العجز الدّولي. إنَّ كارثيَّة الوضع الإنساني في غزَّة نتيجة استمرار عدوان الاحتلال الصُّهيونيّ على القِطاع ومنع إدخال المساعدات يستدعي تحركًا دوليًّا فوريًّا لفرضِ إدخال المساعدات من خلال المنظَّمات الأُمميَّة المعنيَّة؛ تنفيذًا للقانون الدّولي والقانون الدّولي الإنساني. فمنع دَولة الاحتلال الشَّعب الفلسطيني من حقَّه في الغذاء والدَّواء جريمة حرب وخرق فاضح للقانون الدّولي والقانون الدّولي الإنساني والقِيَم الإنسانيَّة المشتركة، يَجِبُ أنْ يتصدَّى له المُجتمع الدولي بشكلٍ فَوري وفاعل، وعَلَيْنا التَّأكيد على مركزيَّة دَوْر الأونروا الَّذي لا بديل عَنْه في غزَّة وفي مناطق عملها الخمس وفْقَ تكليفها الأُممي، كما يَجِبُ تكاتف الجهود لوقفِ العدوان على غزَّة بشكلٍ فَوري، والتَّوَصُّل لاتِّفاق دائم وشامل لإطلاق النَّار، ودعم الجهود الَّتي تسعى إلى تحقيق ذلك، إذا أردنا سلامًا واستقرارًا في منطقة الشَّرق الأوسط والعالَم أجمع. وإذا كانتْ هذه الاعترافات الأُمميَّة تضع بَيْنَ أيدِينا الحقائق كما هي، فإنَّ جوهرها الأعمق يكمن في تذكير العالَم بأنَّ تدمير الزِّراعة وتجويع الأبرياء سلاح أشدّ قسوة من القنابل، وأنَّ مَن يسعى لقتلِ التُّربة إنَّما يُخطِّط لقتل الأمل في الغد، فمعركة غزَّة اليوم لا تختصر في صواريخ وحدود، لكن في صمود حقول صغيرة تُروى بدم الشُّهداء قَبل أنْ تُروى بماء السَّماء. من هنا يُصبح واجبنا جميعًا أنْ نفهمَ أنَّ إغاثة الفلسطيني ليسَتْ صدقةً عابرة، بل استثمار في استمرار الحياة، وأنَّ هذا الحصار اختبار لضمير العالَم، فإنْ سمح أنْ تقتلَ الأرض وتقطعَ الأيدي الَّتي تحرثُها، فإنَّه يشارك الجريمة بالصَّمتِ والتَّخاذل، لِتبقَى غزَّة رغم كُلِّ شيء رمزًا أنَّ الإنسان حين يُحاصر خبزه يزرعه ولو فوق الرُّكام، ويقاوِم ولو جرَّدوه من كُلِّ شيء إلَّا الإرادة.