الثلاثاء 01 يوليو 2025 م - 5 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

رأي الوطن: التصدير.. رئة الاقتصاد و«الامتياز التجاري» يفتح مسارها

الاثنين - 30 يونيو 2025 07:19 م

رأي الوطن

30

لا يكتمل اقتصاد يريد أنْ يحجزَ له مكانًا على خريطة الأسواق العالَميَّة من دُونِ جناح تصدير نشط يحمل هُوِيَّة البلد، وينقلها من حيِّز الحدود الضيِّقة إلى فضاء التَّبادل التِّجاري الواسع. وقَدْ تحوَّل هذا الطُّموح في سلطنة عُمان إلى برنامج عملي تتبنَّاه غرفة تجارة وصناعة عُمان، وتضع له الأهداف والمعايير؛ لِيكُونَ رافعة تصدير مدروسة لا تعتمد على المصادفة، فقَدِ انطلقتِ النُّسخة الرَّابعة من برنامج الامتياز التِّجاري في مسقط لِتعلنَ مرحلة جديدة في مشروع بدأ قَبل عاميْنِ فقط وحقَّق خلال فترة وجيزة توقيع (110) اتفاقيَّات امتياز، موزَّعة في (16) دَولةً حَوْلَ العالَم. وتحمل هذه الأرقام بَيْنَ طيَّاتها ما هو أهمُّ من قِيمتها العدديَّة، فهي تفتحُ الباب أمام المنتَج العُماني لِيعبرَ الأسواق بخُطًى مؤسَّسيَّة محميَّة باللَّوائح ومستعدَّة لظُروف السُّوق الخارجيَّة؛ لِتبقَى العلامة العُمانيَّة على رفوف المستهلِكِين في مُدُن مختلفة، وتخلق فرصًا جديدة أمام روَّاد الأعمال لصياغة قصَّة نجاح تتجاوز فكرة السُّوق المحلِّي. إنَّ مركز الامتياز التِّجاري تجربة حقيقيَّة تفتحُ أمام المشاريع فرصة لبناء نماذج توسُّع محترفة تعتمد أفضل الممارسات، وتلتزم بمعايير تشغيليَّة وماليَّة واضحة، ويحمل قناعة مُهِمَّة بأنَّ المنتَج المحلِّي جدير بمكان في أسواق الآخرين تترجمها الغرفة إلى حلقات عمل، وخطط تدريب، وحزمة استشارات تَضْمن للمستفيدِين أن يدخلوا عالَم الامتياز وفْقَ قواعد تحمي حقوقهم وترفع من جاهزيَّتهم. فالتَّصدير هنا لم يَعُدْ قرارًا منفردًا لصاحب مشروع، وإنَّما تحوُّل إلى منظومة تدعم، وترشد، وتُذلِّل العقبات أمام توَسُّع فعلي يُضيف قِيمة إلى الاقتصاد الوطني. ولأنَّ التَّوَسُّع لا يتحقق بقرار فوقي فقط، حرصتِ الغرفة على أنْ يكُونَ البرنامج مبنيًّا على شراكة واعية مع أصحاب وصاحبات الأعمال، الَّذين يحملون بذرة الفكرة ويحتاجون الدَّعم لتحويلِها إلى مشروع يمتدُّ أُفقيًّا في أسواق الإقليم والعالَم. ولعلَّ أهمَّ ما يُميِّز هذا البرنامج أنَّه يطمح إلى تطوير (25) علامة تجاريَّة محلِّية خلال النُّسخة الرَّابعة من البرنامج وفْقَ خطَّة مدروسة، وهذه الخطوة تعكس فهمًا عميقًا لحاجة السُّوق إلى نماذج عمل مبتكرة قادرة على نقلِ المنتَجات من رفٍّ محلِّي إلى أرفُف متعدِّدة حَوْلَ العالَم، وذلك باعتماد معايير انتقاء صارمة تشمل الجاهزيَّة التَّشغيليَّة والماليَّة، كما يَضْمن البرنامج أنْ يحملَ الامتياز التِّجاري توقيع علامات مستعدَّة للتَّوَسُّع وقادرة على الوفاء بالتزاماتها، هكذا يتحول روَّاد الأعمال من مرحلة التَّأسيس المحدود إلى مرحلة احترافيَّة مبنيَّة على متابعة ميدانيَّة واستشارات مُتخصِّصة.. فهذه التَّفاصيل الصَّغيرة تُشكِّل فارقًا حاسمًا حين يطرق المنتَج العُماني أبواب أسواق جديدة لا تحتمل التَّجريب، فتكُونُ فرص النَّجاح أوفر، والقدرة على المنافسة أعلى، والعلامة الوطنيَّة أصدَق في تعبيرها عن كفاءة المورد البَشَري العُماني. وإذا كانتِ الفكرة في أصلِها هي بناء قناة تصدير جديدة، فإنَّ الشَّراكات الموقَّعة هذا العام تُعطي مؤشِّرًا واضحًا أنَّ الغرفة لا تتحرك منفردة، بل تمدُّ يدَها إلى محيطها الخليجي والإقليمي لصنعِ جسور دعم متبادل وذلك من خلال مذكّرة التَّعاون مع اتِّحاد الغُرف السُّعوديَّة الَّتي تُمهِّد لتنظيمِ أوَّل مَعرِض عُماني سعودي للامتياز التِّجاري، وهي خطوة تفتح الأبواب أمام المستثمِر العُماني كَيْ يعرضَ قصَّته أمام شركاء محتملِين ويستكشف فرص الشَّراكة في أكبر أسواق الخليج، كما أنَّ مذكّرة التَّفاهم مع رابطة الفرانشايز والعلامات التجاريَّة في الخليج العربي والشَّرق الأوسط تُعزِّز فكرة تكامل الجهود بَيْنَ المؤسَّسات المعنيَّة بالامتياز التِّجاري، وتَضْمن تبادل المعلومات والخبرات، وتدعم صناعة المعارض والمؤتمرات كأداة ترويج مؤثِّرة، بهذا تتحول غرفة تجارة وصناعة عُمان من مظلَّة محلِّيَّة إلى منصَّة متقدِّمة تدير ملف الامتياز، كإحدى رئات التَّصدير القادرة على ضخِّ الأوكسجين في شرايين الاقتصاد الوطني، وتربط طموحات الأفراد بآليَّات سُوق منضبطة تمنح المنتَج العُماني فرصة عادلة للانتشار.