الجمعة 27 يونيو 2025 م - 2 محرم 1447 هـ
أخبار عاجلة

الفشل وتراكم هزائم الصهيونية وعقدة الزوال

الفشل وتراكم هزائم الصهيونية وعقدة الزوال
الأربعاء - 25 يونيو 2025 05:20 م

خميس بن عبيد القطيطي

200

مَن يرصد الحالة الصُّهيونيَّة خلال المئة عام ورُبع الماضية يجد أنَّ الخطَّ البياني للصُّهيونيَّة منذُ مؤتمر بازل عام 1897م في المؤتمر الصُّهيوني الأوَّل، ومِنْها بدأ نجم الصُّهيونيَّة يتصاعد ليرسمَ زعماؤها خريطة طريق تَقُوم على إيجاد وطن لليهود.. وبعد (20) عامًا جاء «وعد بلفور» بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين عام 1917م.. فاستمرَّتِ الهجرة الصُّهيونيَّة حتَّى نهاية الانتداب البريطاني، وسيطر الكيان المحتلُّ على نصف أراضي فلسطين التَّاريخيَّة بعد سلسلة من المجازر والتَّهجير القسري وذلك في عام 1947م؛ أي بعد ثلاثة عقود من الوعد المشؤوم. ومنذُ قرار التَّقسيم ورغم حالة النِّضال العربيَّة المقاوِمة للاحتلال، إلَّا أنَّ الحالة العربيَّة لم تكُنْ مؤهَّلة للتَّحرير؛ نظرًا لاعتبارات عدَّة، مِنْها سيطرة الاحتلال الأوروبي على كامل الأراضي العربيَّة من المحيط إلى الخليج. ومع بدء العرب مرحلة التَّحرُّر وقيام الدَّولة الوطنيَّة الخارجة من رحم الاستعمار بدأوا يُشكِّلون وحدة موقف عربي، إلَّا أنَّ بعض العواصف السِّياسيَّة الَّتي ضربتِ الجغرافيا العربيَّة والاختلافات والتَّشرذم حالا دُونَ تحقيق الحلم العربي والإسلامي بتحرير فلسطين، ونشبتْ حرب 1967م واحتلال أراضٍ عربيَّة جديدة.. فتوسَّع الكيان الغاصب مجدَّدًا ممَّا شكَّل حالة تصاعد للكيان الصُّهيوني وصولًا إلى عام 1987م، وفي حالة عربيَّة رسميَّة غير مستقرَّة بدأتْ حركة المقاوَمة الفلسطينيَّة تعتمد على نَفْسِها من الدَّاخل مع انتفاضة الحجارة واستمرَّتْ في سلسلة حلقات لمجابهة العدوِّ، ومنذُ ذلك التَّاريخ لم يحققِ الكيان الغاصب أيَّ نتائج في الدَّاخل رغم توقيع عدَّة اتِّفاقات مع دوَل الطَّوق العربي. نعم كان الاحتلال يُحقِّق نجاحات مع النِّظام الرَّسمي العربي بالتَّطبيع، لكنَّه واجهَ هواجس وضربات في الدَّاخل الفلسطيني أثمرتْ انتفاضات متلاحقة فاندلعتْ انتفاضة الأقصى عام 2000م، وفي نَفْس العام كان الانسحاب الصُّهيوني من جنوب لبنان تحت ضربات المقاوَمة لحزب الله في استنزافٍ مستمرٍّ للعدوِّ، ولم تتوقفْ ضربات الدَّاخل بفعل انتفاضة الأقصى الَّتي استمرَّتْ (5) سنوات انتهتْ بانسحاب صُهيوني من قِطاع غزَّة الَّتي أصبحتْ شوكة مؤرقة، ومِنْها بدأ تشكيل قواعد المقاوَمة من جديد، ولم يفلح الاحتلال في كبح جماح تلك البؤرة المضيئة الَّتي غيَّرتْ معادلة الصِّراع.. ورغم الاجتياحات الصُّهيونيَّة الَّتي تكرَّرتْ كُلَّ بضع سنين، إلَّا أنَّ الكيان الصُّهيوني لم يستطعْ تحقيق نصرٍ حاسم وواضح على المقاوَمة في كُلِّ المحاولات السَّابقة، مِنْها حرب تموز ـ يوليو 2006م واجتياح غزَّة أعوام 2008/2009م و2012م و2014م و2018م و2021م في سيف القدس، وآخرها طوفان الأقصى الَّتي يُسوِّق الصَّهاينة أنَّها قلَّصتْ قدرات المقاوَمة. ولكن في الحقيقة أنَّ الكيان المُجرِم لم يتمكنْ من تحقيق أيٍّ من أهداف العدوان، ورغم مكابدة سكَّان القِطاع الجوع والحصار والموت لكنَّهم يُنشئون جيلًا مقاوِمًا استلَمَ الرَّاية اليوم من القادة الشُّهداء السنوار وأبو محمد الضَّيف، كما استلم أسلافهم الرَّاية قَبل ذلك من الشَّيخ أحمد ياسين والرَّنتيسي ويحيى عيَّاش وغيرهم من الأبطال الَّذين خلَّدتهم الذَّاكرة العربيَّة والفلسطينيَّة. اليوم يحاول الصُّهيوني أن يُحققَ شيئًا من أوهام النَّصر في غزَّة وفي لبنان وفي اليمن، وأخيرًا في إيران؟! رغم مساندة القوى الدوليَّة يخرج من فشلٍ لِيدخلَ في فشلٍ آخر، مسلسل من التَّخبُّطات لم تشهدْها الحالة الصُّهيونيَّة من قَبل؟! كُلُّ تلك الهزائم والفشل وما زال أسْراه في أيدي أبطال المقاوَمة حتَّى اليوم رغم التَّدمير الشَّامل للقِطاع، ورغم ارتقاء قادة الصَّف الأوَّل لفصائل المقاوَمة، ومع ذلك فإنَّ العدوَّ ما زال يعيش في حالة رُعب من المستقبل بنُشوء جيل التَّحرير القادم. ويحاول الصُّهيوني أن يوهمَ نَفْسَه ويتقمَّصَ وَهْمَ النَّصر بتصريحات واهمة في محاولة لرفعِ معنويَّات الدَّاخل الصُّهيوني للتَّخلُّص من حالة الانهيار الَّتي يعيشها الكيان الصُّهيوني ومستوطنوه الَّذين تقطَّعتْ بهم السُّبل وهم يحاولون الهروب جرَّاء صواريخ المقاوَمة من عدَّة جبهات.. ومع الشُّعور بعدم الأمان في هذا الموطن الَّذي وعدهم حكماء صُهيون أنَّها أرض الميعاد، لكنَّها ستضرب موعدًا مع الزَّوال الَّذي بدأ يقترب كثيرًا، ولا شكَّ هو وعدُ الله حقٌّ وسيتحقق على يَدِ أولئك المؤمنين الصَّادقِين الصَّابرِين المُلبِّينَ لأوامر الله بالجهاد في سبيله، وقد قال سبحانه تعالى: «وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَن ينْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ» فالحمد لله الَّذي صدَق وعدَه، ونصرَ عبدَه، وأعزَّ جندَه وهزمَ الأحزاب وَحْدَه. التَّخبُّط الصُّهيوني هو مؤشِّر على الهزيمة والفشل، ورغم التَّصريحات الملتبسة وجَدْنا أنَّ المُجتمع الصُّهيوني وقياداته وإعلامه يتحدثون بكُلِّ وضوح أنَّ الحالة الصُّهيونيَّة الرَّاهنة هي الأسوأ، سواء بطوفان الأقصى أو بوحدة السَّاحات الَّتي تحقَّقتْ وهي مستمرَّة ـ بعون الله ـ وآخرها الفشل الذَّريع في مواجهة جمهوريَّة إيران الإسلاميَّة والذُّل الَّذي طوَّق الكيان طوال (12) يومًا.. كُلُّ ذلك يَشي بأنَّ الكيان الصُّهيوني يَسِير في العدِّ التَّنازلي نَحْوَ الزَّوال وما ذلك على الله بعزيز، وليس بعيدًا أن يُعيِدَ التَّاريخ الصُّهيوني نَفْسَه حينما زالتْ دَولتهم الأُولى بعد (77) عامًا، وكذلك زالتِ الدَّولة الثَّانية بعد (77) عامًا، فهناك نبوءات تصدُق على الحالة الرَّاهنة والفشل الذَّريع الَّذي تعيشُه الصُّهيونيَّة، والظُّلم والعدوان والفساد الَّذي يَقُودهم إلى الزَّوال بإذن الله، وهو ما يُشكِّل مشهد التَّراجع الصُّهيوني المستمر في حلقات متلاحقة لِيقتربَ الوعد الإلهي الَّذي وعدَ الله به عباده المؤمنِين الصَّادقِين بزوال الكيان الصُّهيوني. قال تعالى: «فإذا جاء وعدُ الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أوَّل مرَّة وليُتبِّروا ما علوا تتبيرا» صدَق الله العظيم. الله أكبر ولله العزَّة ولرسوله وللمؤمنِين، وسيَعْلَمُ الَّذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون.

خميس بن عبيد القطيطي

[email protected]