الجمعة 20 يونيو 2025 م - 24 ذو الحجة 1446 هـ
أخبار عاجلة

معركة الكرامة الإيرانية

معركة الكرامة الإيرانية
الأربعاء - 18 يونيو 2025 05:29 م

خميس بن عبيد القطيطي

70

في أيَّام قلائل قدَّمتْ جمهوريَّة إيران الإسلاميَّة ملحمة الكرامة والثَّأر من الكيان الصُّهيوني المُجرِم، اليوم تحمل إيران راية النَّصر في مواجهتها ضدَّ الكيان الصُّهيوني الغاصب الَّذي لم يعرفْ طوال عهده السَّلام أو الالتزام بالأعراف والمواثيق الدوليَّة. ففي الوقت الَّذي تتواصل فيه المحادثات النَّوويَّة بَيْنَ الولايات المُتَّحدة وجمهوريَّة إيران الإسلاميَّة، وقُبيل انطلاق الجولة السَّادسة في العاصمة العُمانيَّة مسقط أملًا في التَّوصُّل إلى اتِّفاق نووي يجعل البرنامج النَّووي الإيراني تحت رقابة الوكالة الدوليَّة للطَّاقة الذريَّة ما يسمح برفع العقوبات عن إيران ويُمكِّنها من الاستفادة من برنامجها النَّووي للأغراض السلميَّة. في ذات الوقت يفاجئ الكيان الصُّهيوني العالَم بعدوان جائر غادر فجر الجمعة الماضي الثَّالث عشر من يونيو على جمهوريَّة إيران الإسلاميَّة مستهدفًا عددًا من المحافظات والمواقع النَّوويَّة، ومواقع الصَّواريخ، ومواقع مَدَنيَّة أخرى اعتقادًا بأنَّه سوف يتمكن من تغيير النِّظام في إيران! فحاول من خلال عملائه إحداث اختراقات واضطرابات داخل إيران، ولكن يبدو أنَّ براقش قد جنَتْ على نَفْسها، فقَدِ امتصَّتْ جمهوريَّة إيران تلك الضَّربة فاستوعبتِ اللَّحظة الحرجة واستطاعتْ أن تنتقلَ من الدِّفاع إلى الهجوم مكبِّدةً الكيان الغاصب خسائر جسيمة فردَّتِ الصَّاع صاعَيْنِ وما زالتْ مستمرَّة في تأديب هذا الكيان المُجرِم. تحدَّثنا في وقتٍ سابق وقُلنا إنَّ جمهوريَّة إيران الإسلاميَّة نعم تعرضتْ في أوقات سابقة إلى اختراقات أمنيَّة صهيونيَّة، بل ورُبَّما استُبيحت سيادتها باغتيال عددٍ من علمائها وقياداتها، وسفارتها في دمشق، وآخرها استهداف رئيس المكتب السِّياسي لحركة حماس إسماعيل هنيَّة في مقر إقامته أثناء زيارته طهران.. كُلُّ تلك الاعتداءات ردَّتْ عَلَيْها إيران؛ لكن عِندَما يتعلق الأمْر بتجاوز كُلِّ الخطوط الحمراء ومحاولة حرمان الجمهوريَّة الإسلاميَّة من مشروع وطني، ومحاولة ضربه مع استهداف عددٍ من قيادات الصَّف الأوَّل العسكريَّة وبعض كبار علمائه فإنَّ الرَّدَّ الإيراني سيختلف كُليًّا وسيأتي مدمرًا على كُلِّ مَن تسوِّل له نَفْسه ذلك، ولم تكذبْ طهران الخبر فجاء الهجوم الصَّاروخي المعاكس على «تل أبيب» وحيفا والأراضي المُحتلَّة مدمِّرًا بشكلٍ تناسب مع تلك الوقاحة الصُّهيونيَّة والطَّبيعة العدوانيَّة للكيان الصُّهيوني المارق، وما زالتْ طهران تدكُّ معاقل الصُّهيونيَّة في «تل أبيب» فلم تستثنِ أيَّ شيء، ومِنْها معامل الأمونيا والمطارات ومحطَّات الكهرباء وتميَّزت الضَّربات الإيرانيَّة بالدقَّة، وكانتْ بالغة الشدَّة متجاوزةً ما يُسمَّى القبَّة (الكرتونيَّة) الصُّهيونيَّة، في رسالة بليغة واضحة للكيان المتغطرس وحكومته اليمينيَّة المتطرِّفة العدوانيَّة في «تل أبيب» بَيَّنَتْ حجمها وحماقتها ومغامرتها غير المحسوبة مع قوَّة إقليميَّة كبرى في المنطقة تملك من الرَّدع ما يؤهِّلها للدِّفاع عن مصالحها الوطنيَّة . الكيان الغاصب ومنذُ أكثر من (20) شهرًا يَقُوم بمجازر جماعيَّة وهجمة بربريَّة على الأبرياء في قِطاع غزَّة تجاوز الشُّهداء فيها (53) ألف شهيد وأكثر من (7) آلاف مفقود هم في عداد الشُّهداء بإذن الله، ودمار هائل في بقعة جغرافيَّة لا تتجاوز (365) كيلومتر مربَّع وسياسة حصار وتجويع تجاوزتْ فيها كُلَّ الخطوط الإنسانيَّة والأعراف الدوليَّة ولم تنصتْ للمُجتمع الدّولي والشُّعوب الثَّائرة المُندِّدة في العواصم الدوليَّة.. كُلُّ ذلك لأنَّ هذه الفئة عُرف عَنْها الفساد في الأرض منذُ آلاف السِنين، فَهُم قتلة الأنبياء وهُم المارقون من الأعراف والقِيَم الإنسانيَّة، وقد ضُربتْ عَلَيْهم الذلَّة، وجاء وصفُهم في كُلِّ الكتب السَّماويَّة بالفساد. لذا توعَّدهم الله بالزَّوال وما ذلك على الله بعزيز وسيعلمُ الَّذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون وإنَّ غدًا لناظره قريب. ما حدَث فجر الجمعة من عدوان يُمثِّل خطيئةً وتخبطًا يأتي في سياقات الخلَل الَّذي تعيش فيه الصُّهيونيَّة، ولا شكَّ أنَّ المشيئة الإلهيَّة وسُنن الله الكونيَّة تقتضي التَّبديل بعد الفساد والعُلو في الأرض؛ لذا فإنَّ هذا الكيان المُجرِم يقرب نَفْسه من الزَّوال وظرفيَّة الزَّوال تتبدَّى أكثر في هذه المرحلة من خلال التَّراجعات والاضطرابات الداخليَّة وانكشاف عَوْرته أمام العالَم وحالة الظُّلم والبَغي الَّتي لم يسبقْ لها مثيل في التَّاريخ، وكُلُّ هذه التَّخبطات والأخطاء تُمثِّل عناوين فرعيَّة للعنوان الكبير (الزَّوال) قال تعالى: «وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْية كانتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ» صدَق الله العظيم . اليوم وبعد أن قدَّمتْ جمهوريَّة إيران الإسلاميَّة ملحمة النَّصر أرَى أنَّ هذه السَّانحة التَّاريخيَّة فرصة ثمينة للعالَم الإسلامي لتوحيدِ الصُّفوف؛ لأنَّ المصير واحد والعدوَّ واحد والقادم لن يستثنيَ أحَدًا، خصوصًا الدول الإسلاميَّة الكبرى مصر وإيران وباكستان وتركيا وبقيَّة أقطار الأُمَّة الإسلاميَّة، لذا فالمشهد اليوم باتَ واضحًا ويَجِبُ أن يسجلَ التَّاريخ عودة عاجلة لهذه الأُمَّة. إنَّ رايات النَّصر الَّتي تُرفع في طهران اليوم يَجِبُ أن تتواكبَ معها راية الوحدة والتعاضدَّ والمناصرة في كل أرجاء العالَم الإسلامي. اليوم وبعد أن شَفَتْ إيران قلوب المؤمنين، وبعد تأديب هذا الكيان المارق، وبعد أن عرف العدوُّ قدره وحجمه أرَى أنَّ الوقت قد حان للتَّهدئة إن كانتْ طهران ترى ذلك؟ فَهُم أعلم. ولكن نحن ننظر أيضًا إلى أهميَّة الحفاظ على قوَّة إيران وقدراتها الَّتي تضاف لصالح قضايا الأُمَّة.. حفظ الله إيران وسائر بلادنا الإسلاميَّة، نصرٌ مِن الله وفتحٌ قريب وبَشِّر المؤمنين، الله أكبر ولله العزَّة ولرسوله وللمؤمنين.

خميس بن عبيد القطيطي

[email protected]